في تطور لافت لقضية أثارت الرأي العام اليمني على نطاق واسع، أفرجت السلطات الأمنية في مدينة عدن، اليوم الثلاثاء، عن الشاب أدهم (35 عاماً)، المتهم بالاحتيال وانتحال الشخصيات، وذلك بضمانة حضورية.
ويأتي هذا الإفراج على أن تستمر إجراءات المحاكمة في القضايا المنسوبة إليه، والتي تكشف عن شبكة معقدة من الخداع استمرت لسنوات.
تفاصيل الإفراج والسياق
جاء الإفراج عن أدهم بعد أيام قليلة من توقيفه الصاعق فور وصوله إلى مطار عدن الدولي، حيث كانت قضيته قد أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي والساحة الإعلامية بعد إعلان وزارة الداخلية عن القبض عليه. وكشف الإعلان الرسمي لأول مرة عن أبعاد مذهلة لعمليات نصب واحتيال طالت ضحايا من مختلف الشرائح الاجتماعية، مما أثار غضباً شعبياً واسعاً ومطالبات بتطبيق أقصى العقوبات ضده.
شبكة الأكاذيب: تفاصيل عملية الانتحال والاحتيال
تكشف التحقيقات الأولية عن أن المتهم لم يقتصر على شخصية واحدة، بل بنى عوالم من الأكاذيب لتحقيق مآربه المالية والنفسية. وتبرز شخصيتان رئيسيتان كانتا الأداة الأساسية في جرائمه:
انتحال صفة "طبيبة جلدية":
أبرز الشخصيات التي انتحلها كانت طبيبة جلدية شهيرة تدعى "مي العيني". وبهذه الهوية، استخدم أدهم وثائق ومؤهلات طبية مزورة بدقة، وأقام صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، نشر من خلالها نصائح طبية ووعوداً بعلاجات لأمراض مستعصية. ومن خلال هذه الهوية، استدرج ضحاياه، خاصة النساء، وطلب منهم مبالغ مالية ضخمة مقابل إجراء عمليات وتقديم استشارات وهمية، مستغلاً ثقتهم في الطب والمهنة الطبية.
ادعاء الانتماء للسلك الدبلوماسي:
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فادعى أدهم أيضاً كونه "دبلوماسية بريطانية من أصل يمني". هذا الانتساب المزيف منحه هيبة ونفوذاً افتراضيين، مكّناه من الولوج إلى دوائر اجتماعية واقتصادية معينة. وباستخدام هذه الشخصية، مارس الضغط والابتزاز على بعض ضحاياه، ووعدهم بسهولة في إجراءات معينة أو بتقديم خدمات مقابل مبالغ مالية تحت غطاء منصبه الدبلوماسي المزيف.
خسائر الضحايا وتقديرات مالية
وعبر هذه الهويات المتعددة، نجح "أدهم" في بناء جسر من الثقة الزائفة مع ضحاياه، الذين بلغ منهم العشرات. وقد تمكن من ابتزازهم وسلبهم أموالاً يُقدر مجموعها الإجمالي بعشرات الآلاف من الدولارات، مستغلاً في ذلك احتياجاتهم الشخصية، أو مرضهم، أو طموحاتهم، أو ببساطة ثقتهم بهذه الشخصيات المرموقة التي كان يقدم نفسها بها.
ماذا بعد؟ مسار المحاكمة والترقب الشعبي
ويأتي الإفراج المؤقت عن أدهم وسط ترقب كبير من الرأي العام لمسار المحاكمة المقبلة. ينتظر الكثيرون أن تكشف جلسات المحاكمة المزيد من خيوط هذه القضية المعقدة، وتقدم إجابات شافية لضحاياه عن حجم الخداع الذي تعرضوا له، وكيف تمكن من إقناعهم لفترة طويلة.
وتؤكد مصادر أمنية أن الإفراج بضمانة حضورية هو إجراء قانوني معتمد في مثل هذه الحالات، ولكنه لا يعني إغلاق الملف، بل يظل المتهم قيد الملاحقة القضائية لمواجهة كافة التهم الموجهة إليه، فيما تستعد جهات التحقيق لتقديم الأدلة الدامغة التي تدينه، وضمان إنصاف الضحايا واستعادة حقوقهم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news