طرح رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس قاسم الزبيدي، خلال اجتماع موسّع ضم قيادات وهيئات متعددة داخل مجلسه، رؤيته للمرحلة التي يصفها بالجديدة في مناطق جنوب اليمن، مستهلًا حديثه بالإشارة إلى ما اعتبره «انتصارات» حققتها التشكيلات العسكرية التابعة لمجلسه في وادي حضرموت والمهرة، موجّهًا التهنئة لمن وصفهم بـ«شعب الجنوب».
وتحدّث الزبيدي أمام أعضاء هيئة الرئاسة ورؤساء الهيئات واللجان والمستشارين عن مرحلة يعتبرها مفصلية، قائلاً إن الظروف السياسية والعسكرية الراهنة فرضت على "الجنوب" واقعًا يستدعي التعامل معه، مشيرًا إلى «تضحيات» يقول إن أبناء الجنوب قدّموها للوصول إلى هذا الوضع.
وفي سياق حديثه عن الخطوات المقبلة، أشار الزبيدي إلى أن المجلس يستعد لمرحلة عمل وصفها بالمكثفة، ومستعيرا التسمية البريطانية لبعض محميات جنوب اليمن إبان الاحتلال، دعا عيدروس الزبيدي إلى بناء مؤسسات ما وصفها بـ «دولة الجنوب العربي القادمة».
كما عرض رئيس المجلس الانتقالي تصورًا لما يصفها بالدولة القادمة التي قال إنها «ستكون عادلة وحاضنة لجميع أبناء الجنوب دون استثناء»، على حد تعبيره، مضيفًا أنها ستقوم على «الشراكة الوطنية»، وتسعى إلى تعزيز الأمن والاستقرار والتعايش الإيجابي مع دول الجوار، بما يجعلها ـ بحسب قوله ـ جزءًا فاعلًا في محيطها الإقليمي.
وتناول الزبيدي في الاجتماع علاقة المجلس بالتحالف العربي، حيث أعرب عن تقديره للدعم الذي قال إن السعودية والإمارات قدمتاه سياسيًا وعسكريًا وإنسانيًا. واعتبر أن هذا الدعم أسهم في تثبيت الأمن والاستقرار، مشيرًا إلى أن التحالف، يؤكد دائمًا احترامه لما وصفها عيدروس بـ"إرادة شعوب المنطقة وخياراتها".
وأشار كذلك إلى أن التحالف، سيظل حاضرًا في ذاكرة أبناء الجنوب باعتباره «شراكة استراتيجية قائمة على المصير المشترك»، مؤكدًا تطلع المجلس إلى مزيد من التعاون والتنسيق مع التحالف فيما يخص الأمن الإقليمي وفرص السلام ودعم الجهود المعلنة لبناء ما يسميها بـ «دولة الجنوب العربي القادمة».
وجاءت تصريحات عيدروس الزبيدي فيما يواصل المجلس الانتقالي فرض سيطرته العسكرية على المحافظات الشرقية اليمنية، وسط تحذيرات من تهديد هذه الخطوات للتوافق الوطني.
وقد عبّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي عن رفضه القاطع لما وصفه بـ"الإجراءات الأحادية التي يتخذها المجلس الانتقالي وتهدد العملية السياسية برمتها".
وقال الرئيس العليمي أمس الإثنين، خلال لقائه بسفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، إن الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي في المحافظات الشرقية تشكل تهديداً مباشراً لوحدة القرار الأمني والعسكري، وتقويضاً لسلطة الحكومة الشرعية، ومخاطرة بمستقبل العملية السياسية برمتها.
العليمي أوضح أن أي اضطراب في محافظتي حضرموت والمهرة ستكون له انعكاسات خطيرة على الوضع الاقتصادي والمعيشي، بما في ذلك تعثر دفع مرتبات الموظفين، ونقص الوقود لمحطات الكهرباء، وتفاقم الأزمة الإنسانية، إضافة إلى تقويض الإصلاحات الاقتصادية وإضعاف ثقة المانحين بالحكومة الشرعية.
الرئيس العليمي أشاد بالدور الذي قامت به المملكة العربية السعودية في رعاية جهود التهدئة بمحافظة حضرموت، والتي أفضت إلى اتفاق يضمن استمرار عمل المنشآت النفطية ويحول دون انزلاق المحافظة إلى مواجهات مفتوحة، معبّراً عن أسفه لتعرض هذه الجهود لتهديد متواصل نتيجة تحركات عسكرية أحادية أبقت حالة التوتر قائمة.
العليمي شدد على أن أحد المسارات الفعالة للتهدئة يتمثل في موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويؤكد الالتزام بمرجعيات المرحلة الانتقالية، ويدعم الحكومة الشرعية باعتبارها الجهة التنفيذية الوحيدة المسؤولة عن حماية المصالح العليا للبلاد. كما جدد التأكيد على أن مجلس القيادة الرئاسي لن يوفر أي غطاء سياسي لإجراءات خارج الإطار المؤسسي للدولة.
الرئيس العليمي أكد أهمية تكامل مواقف دول التحالف في دعم الحكومة الشرعية بما يحافظ على وحدة مؤسسات الدولة ويحول دون زعزعة الأمن في المحافظات المحررة، مشيراً إلى أن الأوضاع المعيشية لا تحتمل فتح جبهات جديدة، وأن المعركة الأساسية ستظل متمركزة حول استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب المليشيات الحوثية المدعومة من إيران.
العليمي شدد على حرص مجلس القيادة والحكومة على الوفاء بالتزامات الدولة تجاه مواطنيها وشركائها الإقليميين والدوليين، وفي مقدمتهم المملكة العربية السعودية التي ثمّن استجابتها الفورية لاحتياجات الشعب اليمني في مختلف المجالات.
الرئيس دعا المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف موحد يرفض منازعة الحكومة لسلطاتها الحصرية، وممارسة ضغط علني لعودة القوات القادمة من خارج حضرموت والمهرة، ودعم جهود الدولة والسلطات المحلية في حماية المنشآت السيادية وتعزيز التهدئة ومنع التصعيد. وأكد أن الشعب اليمني وحكومته قادرون على ردع أي تهديد وحماية المركز القانوني للدولة، محذراً من أن سقوط منطق الدولة لن يترك استقراراً يمكن الاستثمار فيه سواء في الجنوب أو الشمال.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news