بصراحة… أصبحت القصة مقزّزة.
في اليمن، لا تنتظر لجنة تحقيق، ولا دليل، ولا حتى سؤال. يكفي أن يحدث خلل في أي زاوية من المشهد حتى يبدأ البعض نفس الاسطوانة: “الإصلاح هو السبب”.
وكأن هناك غرفة خاصة مهمتها تجهيز بيان الإدانة قبل وقوع الكارثة.
المدن تسقط لأن القرار مضروب، والجبهات تنهار لأن القائد الأعلى مُرتبك وبلا قرار ، والتحالف يغيّر اتجاه الريح حسب مزاجه ومصالحه… لكن عند لحظة المحاسبة؟ يتبخّر الجميع، ولا يبقى في الساحة إلا الإصلاح ليُجلَد وحده.
يا رجل، كأن الحزب صار “حائط المبكى” الرسمي للبلد.
أي مسؤول يريد غسل يده من فشله، يعلّقها في رقبة الإصلاح.
أي قائد جبان يريد الهروب من فضيحته العسكرية، يلصقها بالإصلاح.
أي إعلامي مفلس يبحث عن ترند، يفتح موضوع الإصلاح.
والناس تعرف الحقيقة… لكن البعض يتظاهر بالعمى.
الإصلاح لم يكن يومًا صاحب مفاتيح الدولة ولا خزائنها ولا دباباتها ولا طائراتها.
لا امتلَك قرار الحرب ولا قرار السلم.
لا تحكّم في التحالف ولا وجّه الشرعية ولا كتب خطابات الرئاسة.
ومع ذلك… يحمّلونه مسؤولية كل ما صنعته أيدي غيره.
والأطرف من هذا كله:
الذين ينهبون، يوقعون، يسحبون القوات، ويديرون المعارك بالريموت…
هؤلاء يختفون خلف ظهرك، ويُقدّمونك أنت كأنك “المشرف الأعظم” وصاحب الدسائس والجبروت، بينما هم لا يجرؤون على مواجهة الحقيقة التي تصفعهم كل يوم.
والسبب؟
بسيط لدرجة الفضيحة.
الإصلاح قال “لا” للحوثي يوم قال آخرون “نناقش ونتحالف ونقف في خندق واحد ”.
وقال “لا” للتقسيم يوم قال البعض “تفكير منطقي وتموضع واعادة ترتيب مسرح عمليات”.
وقال “لن نُباع” يوم كان السوق مفتوحًا لشراء الولاءات.
وهذا وحده يكفي ليشعر البعض أنه يجب التخلص منه، ولو عبَر تشويهه حتى يتحول إلى “شيطان سياسي” مُعلّب جاهز لكل أزمة.
البلد اليوم لا تعاني من حزب اسمه الإصلاح…
البلد تعاني من ماكينة ضخمة تصنع الفشل ثم تبحث عن فقير تشوهه ليبدو المسؤول.
تعاني من قيادة تُمسك القرار ثم ترميه في حضنك عند السقوط.
تعاني من إعلام يصرخ في الاتجاه الخطأ لكي لا تلتفت الناس إلى المقصر الحقيقي.
والأدهى من كل هذا:
أن بعض من يشتمون الإصلاح في العلن… يتوسلون دعمه سرًا.
وبعض من يهاجمونه على الشاشات… يطلبون منه المقاتلين حين تضيق بهم الجبهات.
الحقيقة؟
الإصلاح ليس بلا أخطاء… لكن لم يكن يومًا صاحب “اليد العليا”.
ومع ذلك، يسلخونه بألسنةٍ حداد كأنه يقود الدولة من الباب إلى( التجواب)
خلاصة الكلام …
هكذا المشهد يُدار بعبث ثم يُطلب من الإصلاح دفع الفاتورة وهذا لعمرُك بعيد عن أي تحليلات أو قراءات سياسية ، إنما عملية إعدام معنوي للحزب، تُساق لخدمة مشاريع لا تريد دولة قوية ولا تريد خصماً منظماً.
اليمن لن ينهض طالما هناك من يهرب من مسؤوليته ويبحث عن “كبش فداء”.
لن يُبنى جيش، ولن تُدار دولة، ولن تُستعاد أرض، ولن تدوم وحده ما دام البعض يصرُّ أن الإصلاح هو المشكلة… بينما المشكلة الحقيقية تقف أمامهم كل يوم في المرآة ولا يجرؤون على مواجهتها.
الإصلاح ليس السبب لكن قد يكون جزءا منه..
احمق ومعتوه من يريد بلدًا بلا صوت، بلا حزب قوي.. محاسبة الإصلاح اليوم ليست على سلطته بل على صورته، على وزنه الجماهيري، على مواقفه التي لم تتبدل وكيانه الذي لم تهزه المكائد ولا المؤامرات.
والمؤسف أن هذا النوع من الأشخاص لا يخشى الهزيمة.
هو فقط يخشى الحقيقة
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news