تحوّل مركز التنسيق الأمريكي-الإسرائيلي في جنوب إسرائيل، المعروف باسم مركز التنسيق المدني-العسكري (CMCC)، من أداة لتطبيق خطة ترامب في غزة إلى ساحة خلافات استخبارية وسياسية؛ ما كشف هشاشة التنسيق بين واشنطن وتل أبيب، وحدود النفوذ الأمريكي على إسرائيل، وغياب الفلسطينيين عن أي قرار يتعلق بمستقبلهم.
ووفقًا لمصادر مطّلعة على الخلافات حول التسجيلات العلنية والسرية للاجتماعات والمناقشات، قامت عناصر إسرائيلية بمراقبة واسعة للقوات الأمريكية وحلفائها داخل المركز، بما في ذلك تسجيل الاجتماعات والمناقشات؛ ما دفع قائد القاعدة الأمريكية، الفريق أول باتريك فرانك، إلى استدعاء نظيره الإسرائيلي وإبلاغه بأن "التسجيل يجب أن يتوقف هنا".
وبحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، فقد أثار هذا التصرف مخاوف واسعة بين موظفي الدول الأخرى المتواجدة في المركز، الذين حذروا من تبادل معلومات حساسة خشية أن تُجمع وتُستغل.
ورغم ذلك، رفض الجيش الإسرائيلي التعليق على الأمر، مؤكداً أن أي اجتماعات يشارك فيها الجيش يتم توثيقها بطريقة مهنية وشفافة، وأن الادعاءات حول جمع معلومات عن الحلفاء داخل الاجتماعات "عبثية".
من جهتها، رفضت القوات الأمريكية الإدلاء بتصريحات حول النشاطات الاستخباراتية الإسرائيلية.
وفي حين كان من المفترض أن يسهل المركز، الذي تأسس في أكتوبر الماضي لمراقبة وقف إطلاق النار وضمان خطة ترامب المكونة من 20 نقطة لوقف الحرب، وزيادة تدفق المواد الأساسية إلى القطاع، لكنه سرعان ما أصبح محاطاً بقيود إسرائيلية صارمة على المواد الداخلة، تشمل الغذاء والدواء، وأيضًا معدات ذات "استخدام مزدوج" قد تُستغل عسكريًا.
وعلى الرغم من الدعوات الدولية، استُبعد الفلسطينيون تمامًا من المركز، سواء كممثلين للسلطة الفلسطينية أو منظمات مدنية وإنسانية، ولم يسمح لهم حتى المشاركة عبر مكالمات الفيديو؛ إذ كان الإسرائيليون يقطعون الاتصال باستمرار.
وأشارت وثائق عسكرية أمريكية إلى أن إسرائيل تجنّبت استخدام كلمة "فلسطين" مكتفيةً بوصف السكان بـ"غزّان"؛ ما يعكس تهميش الفلسطينيين تمامًا في التخطيط لمستقبل قطاعهم.
يضم المركز موظفين أمريكيين وإسرائيليين ودبلوماسيين من دول مثل بريطانيا والإمارات، لكن السلطة الفعلية داخل غزة لا تزال بيد إسرائيل، التي تتحكم بما يدخل القطاع، بينما يُنظر إلى الأمريكيين على أنهم "القفاز" الذي تعلوه اليد الإسرائيلية، وفق مسؤول أمريكي مطلع.
ويرى مراقبون أن هذا الوضع أثار قلق عديدٍ من الدبلوماسيين وموظفي الإغاثة، الذين يشعرون بأن المركز قد ينتهك القانون الدولي، ويستبعد الفلسطينيين عن التخطيط لمستقبلهم، ويخلط بين العمل العسكري والإنساني، ويخشى البعض من أن إقصاء الفلسطينيين يهدد بترك المناقشات حول مستقبل غزة في أيدي إسرائيل والمخططين العسكريين الأمريكيين الذين وصلوا حديثاً، والذين لا يملكون سوى القليل من المعرفة حول غزة أو السياق السياسي الأوسع الذي يحاولون التأثير عليه.
وفي الوقت نفسه، تشير تقارير الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية عديدة إلى أن إسرائيل ارتكبت انتهاكات جسيمة في غزة وصف بعضها بـ"الإبادة الجماعية"؛ ما يجعل أي تخطيط مستقبلي للمركز في غياب الفلسطينيين مثار جدل أخلاقي وقانوني وسياسي واسع.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news