في خطوة تثير القلق وتزيد من تعقيد المشهد الإنساني والسياسي المتأزم في اليمن، كشفت مصادر مطلعة وموثوقة عن قيام مليشيا الحوثي، خلال الساعات الماضية، بنقل عدد كبير من المختطفين والمعتقلين من أبناء محافظة إب، من سجونها الرئيسية في مدينتي إب (مقر المحافظة) والحوبان (بتعز)، إلى مراكز احتجاز غير معلنة في العاصمة صنعاء.
ووفقاً للمصادر، فإن عمليات النقل تمت في ظل إجراءات أمنية مشددة غير مسبوقة، حيث شهدت محيط السجون انتشاراً كثيفاً لعناصر الأمن التابعة للمليشيا، مع إغلاق للطرق المؤدية إليها.
وقد تم التنفيذ في ساعات متأخرة من الليل، بهدف تجنب أي ردود فعل شعبية أو رقابة دولية، وجرى التكتم الشديد على هويات المعتقلين المنقولين وأماكن وجودهم الجديدة، مما فتح الباب على مصراعيه للتكهنات حول مصيرهم المجهول.
أثارت هذه التحركات الحقوقية حالة من الرعب والترقب بين أسر المعتقلين، التي لم تتلق أي معلومات رسمية حول أسباب النقل أو مكان احتجاز ذويها.
ونقلت شهادات من عائلات متضررة عن مخاوفها من أن يكون هذا النقل مقدمة لعمليات تعذيب ممنهجة، أو محاكمات صورية، أو حتى "اختفاء قسري" كامل، في ظل سجل مليشيا الحوثي الحافل بانتهاكات حقوق الإنسان ضد معارضيها.
ووصف ناشطون حقوقيون من محافظة إب، التي تشهد حالة من الرفض الشعبي المتزايد ضد سيطرة الحوثيين، هذا الإجراء بأنه "جريمة اختطاف مزدوجة"، حيث أن المعتقلين تم اختطافهم في البداية دون أي تهمة، واليوم يتم نقلهم إلى مجهول دون إعلام عائلاتهم، مما يمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين الدولية والإنسانية.
لا تأتي هذه الخطوة من فراغ، بل تتزامن مع تصاعد حاد في وتيرة التوترات السياسية والميدانية على عدة جبهات. ففي الآونة الأخيرة، شهدت محافظة إب تظاهرات واحتجاجات واسعة النطاق ضد السياسات الاقتصادية والمالية للمليشيا، والتي أدت إلى تدهور معيشي كارثي، بالإضافة إلى رفض دعوات التجنيد الإجباري وإرسال المقاتلين إلى جبهات القتال.
ويرى مراقبون أن نقل المعتقلين إلى صنعاء قد يكون جزءاً من استراتيجية الحوثيين الرامية إلى:
كسر إرادة المعارضة:
من خلال نقل رموز المحافظة وناشطيها بعيداً عن مجتمعاتهم، لقطع أي صلة بينهم وبين حركات الاحتجاج.
ممارسة الضغط السياسي:
استخدام المعتقلين كورقة ضغط في أي مفاوضات محتملة، أو لردع أي تحركات مستقبلية ضد سلطتهم.
توطيد السيطرة الأمنية:
تجميع كل المعتقلين السياسيين ذوي الأهمية في العاصمة، حيث تتركز قياداتهم الأمنية والاستخبارية، لتسهيل التحقيق معهم والسيطرة عليهم.
دعوات دولية للتحرك
من المتوقع أن تزيد هذه التطورات من حدة الانتقادات الدولية الموجهة للمليشيا الحوثية، وتضع ضغطاً جديداً على المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الذي يسعى جاهداً لإحياء مسار السلام.
وتطالب المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية بشكل متكرر بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين السياسيين، والكشف عن مصير المختطفين، والسماح للمنظمات الإنسانية والصليب الأحمر بالوصول إليهم.
وتبقى الأعين مركزة على تطورات الأوضاع في صنعاء ومحافظة إب، حيث بات مصير مئات المعتقلين معلقاً في الميزان، في ظل صمت دولي يُنتظر أن يتحول إلى إجراءات حاسمة لإنقاذ أرواحهم ووقف الانتهاكات المتصاعدة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news