في خطوة تهدف إلى رفع كفاءة سوق العمل وتنظيم مسارات التوظيف، أعلنت المملكة العربية السعودية عن قرار جديد ومهم سيؤثر على آلاف اليمنيين الساعين للعمل فيها
. فرضت السلطات السعودية شرطًا أساسيًا للحصول على تأشيرة عمل، يتمثل في ضرورة تقديم "شهادة فحص مهني" تثبت أهلية وكفاءة المتقدم للمهنة المطلوبة.
آليات التنفيذ وتسهيل الإجراءات
وفي إطار حرصها على تسهيل الإجراءات على المتقدمين وعدم تعقيد مسارهم، لم تكتفِ السلطات السعودية بإصدار القرار، بل عملت على توفير آلية تنفيذية واضحة.
تم اعتماد ثلاثة مراكز رسمية ومتخصصة لإجراء هذه الفحوصات المهنية على الأراضي اليمنية، موزعة استراتيجيًا في مدن رئيسية لتغطية أكبر شريحة ممكنة من المتقدمين. وتقع هذه المراكز في كل من
مدينة تعز
(لتغطية الوسط والشمال)،
مدينة عدن
(لتغطية الجنوب)، و
المكلا
(لتغطية الساحل الشرقي).
وأوضحت مصادر مسؤولة أن هذه المراكز ستكون مجهزة بالكوادر الفنية والمعايير اللازمة لتقييم المهارات العملية للمتقدمين في مختلف المهن الحرفية والفنية، مما يضمن صدور شهادات معتمدة وموثوقة تعترف بها الجهات السعودية المختصة قبل إصدار التأشيرة النهائية.
سياق القرار وأهدافه الاستراتيجية
يأتي هذا القرار كجزء من رؤية المملكة 2030، والتي تضع جودة سوق العمل في صلب أولوياتها. لا يهدف الإجراء الجديد إلى فرض قيود بقدر ما يهدف إلى:
ضمان جودة العمالة:
التأكد من أن العمالة الوافدة تمتلك المهارات والخبرات الفعلية التي تتطلبها سوق العمل السعودية، مما يرفع من الإنتاجية وجودة المشاريع.
حماية العامل وصاحب العمل:
يقي هذا الإجراء أصحاب العمل من الاستعانة بعمالة غير مؤهلة، ويحمي العامل اليمني من الوقوع في وظائف لا تناسب مؤهلاته أو التعرض للاستغلال.
تنظيم سوق العمل:
يساهم القرار في الحد من الممارسات غير النظامية، مثل تزوير الشهادات أو المبالغة في الخبرات، ويعزز الشفافية في عملية التوظيف.
توافق المهارات مع الوظائف:
يضمن أن هناك تطابقًا حقيقيًا بين احتياجات السوق السعودية ومؤهلات العمالة القادمة من اليمن، التي تعتبر أحد أهم مصادر العمالة للمملكة.
من المتوقع أن يكون لهذا القرار تأثير مزدوج على اليد العاملة اليمنية. على المدى القصير، قد يواجه البعض تحديًا يتمثل في تكلفة وإجراءات الفحص، بالإضافة إلى الحاجة للتحضير الجيد لاجتيازه.
لكن على المدى الطويل، يُنظر إلى القرار على أنه خطوة إيجابية ستمنح العامل اليمني الحاصل على الشهادة مصداقية أكبر وميزة تنافسية في سوق العمل، كما ستفتح أمامه أبوابًا لفرص عمل أفضل بأجور أعلى تناسب كفاءته المهنية المثبتة.
ويرى مراقبون أن هذا الإجراء قد يدفع المؤسسات التعليمية والتدريبية في اليمن إلى تحسين برامجها لتتوافق مع المعايير المطلوبة، مما يساهم في النهاية في رد الاعتبار للمهن الحرفية والتقنية في البلاد.
يمثل اشتراط شهادة الفحص المهني تحولًا نوعيًا في علاقة العمل بين المملكة واليمن، منتقلًا من التوظيف القائم على الكم إلى التوظيف القائم على الكيف والجودة.
ويبقى نجاح هذه المبادرة مرهونًا بفعالية أداء المراكز المعتمدة في اليمن، ووضوح الإجراءات المعلنة للمتقدمين، مما يصب في مصلحة الطرفين ويعزز من استدامة سوق عمل منظم ومحترف.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news