تقف مديرية الخوخة بمحافظة الحديدة على أعتاب ذكراها الثامنة للتحرير، مستعيدة واحدة من أهم محطات التحول في مسار الحرب على مليشيا الحوثي الإرهابية، حين شكل دخول القوات المشتركة إلى المدينة في السابع من ديسمبر 2017 نقطة فاصلة أنهت سنوات من القبضة الحديدية وفتحت الباب أمام أول تقدم حقيقي نحو محافظة الحديدة.
ومع حلول المناسبة هذا العام، تستعيد الخوخة تفاصيل تلك اللحظة المفصلية التي بددت مفاجأتها مراكز المليشيا واخترقت تحصيناتها، وأعادت الأمل لسكانها ولتهامة عموماً بالقدرة على استعادة الأرض، لتتحول المدينة لاحقاً إلى ملاذ آمن للنازحين ونقطة ارتكاز استراتيجية في مواجهة المشروع الحوثي الإرهابي المدعوم من النظام الإيراني.
كيف حدثت المفاجأة في 2017
بالعودة إلى الأرشيف الصحفي والعسكري لشهر ديسمبر 2017، كانت عملية تحرير الخوخة جزءاً من عملية عسكرية واسعة ومباغتة انطلقت من محورين رئيسيين، بدعم وإسناد مباشر من قوات التحالف العربي (وتحديداً القوات الإماراتية).
وتشير التقارير الموثقة لتلك الفترة إلى أن ساعة الصفر بدأت عندما شرعت القوات المشتركة (المقاومة التهامية وألوية العمالقة حينها) بالزحف شمالاً من منطقة “يختل” و”الزهاري” (شمال المخا).
وترافق ذلك مع الانهيار المتسارع لخطوط المليشيات، إذ تمكنت القوات خلال ساعات قليلة من كسر التحصينات الحوثية المعقدة، وفي صباح يوم الخميس 7 ديسمبر 2017 كانت القوات قد أحكمت سيطرتها الكاملة على مركز المديرية ومبنى المجمع الحكومي ومعسكر “أبو موسى الأشعري” الاستراتيجي.
وفي الوقت ذاته ظهر الترحيب الشعبي الواسع، حيث وثقت عدسات الكاميرات مشاهد استقبال أهالي الخوخة للقوات المحررة بالزغاريد ونثر الورود بعد سنوات من القمع والملاحقات الحوثية.
الأهمية الاستراتيجية
لقد شكل تحرير مديرية الخوخة في السابع من ديسمبر تحولا استراتيجيا في مسار الحرب لعدة أسباب أبرزها كسر العزلة، حيث أصبحت الخوخة أول موطئ قدم للشرعية في محافظة الحديدة، مما كسر حاجز الخوف وأثبت أن تحرير “عروس البحر الأحمر” ممكن.
كما أن السيطرة على المديرية أدت إلى قطع خطوط الإمداد عندما تم قطع الخط الساحلي، الأمر الذي حرم المليشيات الحوثية من أحد أهم منافذ تهريب الأسلحة والبضائع عبر البحر في تلك المنطقة.
وإلى جانب ذلك شكّل تحريرها عاملاً مهماً في تأمين المخا، كونه وفر للمدينة عمقاً استراتيجياً وحماية إضافية لمضيق باب المندب.
تركة المليشيات
كما هي عادتها عند الهزيمة، لم تخرج مليشيا الحوثي الإرهابية إلا بعد أن فخخت الأرض وزرعت ألغام الموت في السهول والوديان والأحياء السكنية.
وتشير تقارير فرق “مسام” والهندسة العسكرية إلى أن المليشيا زرعت آلاف الألغام والعبوات الناسفة في المزارع والطرقات والمدارس قبل فرارها، في محاولة للانتقام من السكان.
وقد استمرت معركة “تطهير الأرض” سنوات بعد التحرير العسكري، بهدف ضمان عودة المزارعين والصيادين إلى أعمالهم بأمان.
العهد يتجدد
تحيي الخوخة الذكرى الثامنة لتحريرها وهي تحتضن آلاف النازحين الهاربين من جحيم مليشيا الحوثي الإرهابية، لتجسد نموذجاً حياً للتعايش في وجه مشروع الموت والكراهية.
ومع هذه المناسبة، يؤكد أبناء الخوخة وقيادتها أن فرحتهم ستظل ناقصة ما لم تُستكمل معركة التحرير باستعادة مدينة الحديدة وكل تراب تهامة واليمن من قبضة المليشيا الإرهابية، التي لا تجلب سوى الدمار والخراب.
وتبقى رسالتهم واضحة: لن يتحقق السلام الحقيقي إلا بزوال المليشيا واستعادة الدولة ومؤسساتها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news