انقسامات حادة تعصف بالأجهزة الأمنية الحوثية وسط صراع على النفوذ والقرار
تعيش المنظومة الأمنية التابعة لميليشيا الحوثي واحدة من أعمق أزماتها الداخلية، مع تصاعد صراع النفوذ بين جهازين أمنيين يتقاسمان التحكم داخل مناطق سيطرة الجماعة: جهاز الأمن الوقائي المرتبط بقيادات صعدة، وجهاز المخابرات في صنعاء الذي يقوده عبد الحكيم الخيواني.
وتؤكد مصادر يمنية أن التوتر بين الطرفين، الذي ظل يُدار في الخفاء لفترة طويلة، بات يتكشف عبر إجراءات ميدانية متضاربة، من بينها تنفيذ اعتقالات متبادلة وسحب ملفات أمنية من اختصاص جهاز لآخر، في مؤشر على تصدّع واضح في هيكل السيطرة الذي تعتمد عليه الجماعة لإحكام قبضتها.
أمن وقائي بسلطات مطلقة
بحسب المصادر، توسّع الأمن الوقائي خلال السنوات الأخيرة ليصبح أشبه بجسم أمني موازٍ للدولة، يمتد نفوذه من صعدة وحتى صنعاء. ويتمتع هذا الجهاز بصلاحيات واسعة تشمل مراقبة القيادات، والتنصت، وتنفيذ الاعتقالات دون الرجوع لأي سلطة قضائية، ما جعله اللاعب الأقوى داخل المنظومة الحوثية.
مخابرات صنعاء تبحث عن مركزية القرار
في المقابل، يحاول الخيواني تعزيز دور جهاز المخابرات في صنعاء كمركز رئيسي للقرار الأمني، مستفيدًا من علاقات خارجية ودعم قيادات نافذة داخل الجماعة، تقدّم جهازه كخيار «أكثر احترافًا» مقارنة بجهاز الأمن الوقائي الذي يُهيمن عليه المشرفون القادمون من صعدة.
اشتباك نفوذ بين صعدة وصنعاء
وتقول المصادر إن القيادات الصعداوية، التي ترى نفسها المرجعية الأساسية للجماعة، تعمل على الحدّ من نفوذ جهاز صنعاء، الأمر الذي أدى في الأسابيع الماضية إلى مواجهات غير مباشرة، بينها مداهمات نفّذها الأمن الوقائي داخل العاصمة دون تنسيق، واعتراضات من ضباط جهاز الخيواني على تدخلات مشرفي صعدة.
تصادم أساليب وأيديولوجيات
وتشير تقديرات أمنية إلى أن الصراع بين الجهازين لا يقتصر على النفوذ فقط، بل يمتد إلى طبيعة العمل الأمني. فبينما يعتمد جهاز صنعاء على ضباط تلقوا تدريبات متقدمة، يقوم الأمن الوقائي على منهج «الهيمنة الميدانية» التي يمارسها المشرفون، ما يزيد من حدّة التصادم بينهما.
وتكشف تقارير دولية عن تضخم الأجهزة الاستخباراتية داخل الجماعة وتعدد مراكز القرار، ما ينعكس في زيادة الاعتقالات العشوائية وتراجع الانسجام داخل المنظومة الأمنية.
احتمالات انفجار داخلي
ويرى محللون يمنيون أن استمرار هذا التنازع قد يضعف قدرة الحوثيين على إدارة المناطق الخاضعة لهم، خاصة مع تصاعد الغضب الشعبي وتراجع الموارد المالية. ويحذر آخرون من أن اتساع الفجوة بين جناحي صنعاء وصعدة قد يُفضي إلى تفكك المنظومة الأمنية أو بروز مراكز قوة جديدة خارج نطاق السيطرة.
ورغم محاولات الجماعة إخفاء تلك الخلافات، تؤكد تسريبات داخلية أن ترتيبات جديدة تُدرس حاليًا لإعادة توزيع السلطات الأمنية، في محاولة لاحتواء الانهيارات المتسارعة داخل أحد أهم مفاصل قوة الحوثيين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news