مشاهدات
كشف الباحث في الآثار اليمنية، عبدالله محسن، اليوم الخميس، عن عرض مزاد أمريكي لواحدة من أندر وأقدم لفائف تواره مكتوبة من آثار اليمن القديم، للبيع في منتصف الشهر الجاري.
وقال محسن في منشور على صفحته بالفيسبوك ، إن" دار سوذبيز" في نيويورك، يعرض للبيع في 17 ديسمبر 2025م، واحدة من أندر لفائف التوراة اليمنية المعروفة حتى اليوم، بعد ما يقارب عشرة أعوام من تهريب سِفر توراة قديم مماثل مع حاخام ريدة من صنعاء إلى تل أبيب.
وأوضح محسن أن المخطوطة التي تعرضها الدار الأمريكية "أهم من التوراة التي هُربت من صنعاء في مارس 2016م"، وهي "مخطوطة تاريخية تعود أقدم رقوقها إلى الفترة ما بين 1425 ـ 1450م أواخر حكم الدولة الرسولية".
وذكر أنه وباستثناء هذه النسخة لا يوجد حتى الآن توراة يمنية كاملة مؤكدة تعود لما قبل القرن الرابع عشر.
وأشار الباحث اليمني إلى أنه تم فحص التوراة بالكربون المشع لتحديد عمرها، مما منحها توثيقاً دقيقاً. وهي أقدم من كل نُسخ التوراة الكاملة الموجودة حالياً بما فيها التوراة اليمنية في المكتبة البريطانية.
ونوه إلى أن اللفيفة تتكون من "76 رقّاً جلدياً مكتوباً بالعبرية بخط يمني مربع متميز، وتضم 227 عمودا نُسخت بخط دقيق ومحكم على مدى أجيال من النسَّاخ".
وقال "محسن" إن هذه اللفيفة تعد "سجلاً بصرياً لتطور الكتابة اليمنية بالخط العبري عبر ثلاثة أطوار متعاقبة"، إذ تحمل بين طياتها المرحلة القديمة التي يظهر فيها حرف الشين والقاف بأشكالهما المبكرة النادرة، والمرحلة المتوسطة التي بدأت فيها الحروف بالتغير والتطور، ومرحلة الرقوق الحديثة التي أضيفت خلال حملات الترميم المتتابعة.
ومن أبرز السمات الفريدة لهذه اللفيفة وضع نقطة حبر تحت الكلمة الواقعة في منتصف كل آية وهو تقليد لا يُعرف إلا في اليمن، ويهدف إلى إرشاد القارئ أثناء التلاوة. وبحسب موقع المزاد "لا يُعرف عالمياً سوى ثلاث لفائف فقط" تحتفظ بهذه السمة النادرة، إحداها هذه القطعة الاستثنائية. "كما نُسّقت آيات نشيد البحر (خروج 15) ونشيد موسى (تثنية 32) بأسلوب هندسي يشبه الطوب المتراص، وهو أسلوب جمالي فريد اشتهر به النسّاخ اليمنيون".
ولفت إلى أن المزاد كانت قد عرضت في 2024م، لفافة توراة يمنية فريدة أخرى تعود إلى القرن السادس عشر في الحقبة العثمانية في اليمن، وهي واحدة من أقدم النسخ اليمنية الكاملة المعروفة اليوم، وتم توثيق عمرها عبر فحص الكربون المشع.
وعلى الرغم من وجود اتفاق يمني أمريكي يمنع دخول آثار اليمن والمخطوطات القادمة من اليمن، إلاّ أن المزادات الأمريكية تستفيد من ثغرات قانونية في الاتفاق الثقافي الذي يمنع تهريب وبيع الآثار والمخطوطات المملوكة للدولة اليمنية فقط، ويشترط أن تكون القطعة مدرجة رسميا ضمن قوائم التراث المحمي، وأن يثبت أنها خرجت من اليمن بطريقة غير مشروعة، وفق محسن.
وأضاف: "لكن لفائف التوراة تصنف قانونيا في الولايات على أنها ممتلكات دينية خاصة لجماعة يهود اليمن وليست تراثا وطنيا مملوكا للدولة، ما يعني أنها لا تدخل تلقائيا تحت مظلة الحظر. "لأن القانون الأمريكي يعتمد على عبء الإثبات. أي أن اليمن يجب أن يقدم اعتراضا رسميا وأن يثبت أن خروج اللفيفة كان غير قانوني وأنها جزء من ممتلكات الدولة".
وأشار إلى أنه وحتى اليوم، لا توجد مطالبة رسمية ولا دليل موثق بأن التوراة خرجت بعد تطبيق الاتفاق الثنائي. لذلك، تتعامل المزادات الأمريكية مع اللفيفة كـ ملكية خاصة قابلة للبيع، لا كقطعة أثرية محمية". موضحاً أن ذلك يكشف فجوة كبيرة في آليات حماية التراث اليمني، ويطرح سؤالا مهما: من يدافع عن ذاكرة اليمن المكتوبة إذا لم تقم الدولة بذلك؟.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news