يُعد تصويت لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الأميركي لصالح مشروع “قانون مساءلة الحوثيين” خطوة لافتة في مسار السياسة الأميركية تجاه الوضع في اليمن، إذ يعكس توجهاً متصاعداً داخل المؤسسات التشريعية لمحاسبة مليشيا الحوثي على سجلها المتراكم من الانتهاكات وتهديداتها للأمن الإقليمي والدولي.
ويحمل
التشريع
، الذي تقدم به النائب الجمهوري داريل عيسى وسانده عدد من النواب من الحزبين، عدة دلالات أبرزها أن الكونغرس بات ينظر إلى الحوثيين كجماعة تتجاوز إطار الصراع المحلي، لتشكل تهديداً عابراً للحدود من خلال الهجمات على الملاحة في البحر الأحمر، وعلاقتها المتنامية مع الجماعات المتطرفة، إضافة إلى تورطها في انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في مناطق سيطرتها.
ترسيخ المساءلة الدولية على الانتهاكات
يفرض القانون على وزارة الخارجية الأميركية فتح تحقيق شامل في الممارسات الحوثية، بما يشمل تجنيد الأطفال، وقيود “المحرم” ذات الطابع التمييزي، والإخفاء القسري، والتعذيب، والقتل خارج القانون. كما يطلب إعداد تقييم خاص بتدخل المليشيا في عمليات الإغاثة، وعرقلة وصول المساعدات، وتخويف العاملين في المجال الإنساني، وهي ملفات تشكل جوهر الشكاوى الدولية ضد الجماعة.
ويرى محللون أن هذا الإجراء سيفرض عزلة إضافية على الحوثيين، عبر توثيق انتهاكاتهم رسمياً في تقارير تقدم للكونغرس، ما يمهد الطريق لتشديد الضغوط الدولية، ويحد من محاولات الجماعة تقديم نفسها كطرف سياسي طبيعي أو منفتح على التسوية.
إمكانية فرض عقوبات مشددة
يلزم المشروع الخارجية الأميركية بإجراء مراجعة سنوية لتحديد القيادات الحوثية المستحقة للعقوبات بموجب “قانون ماغنيتسكي العالمي”، وهو ما يعني أن أفعال قادة الجماعة قد تخضع لتجريم دولي في حال ثبوت تورطهم في الانتهاكات الجسيمة أو تعطيل الإغاثة الإنسانية. وتُعد هذه الخطوة بداية لمرحلة من الاستهداف الفردي للقادة، بدلاً من الاكتفاء بالضغوط السياسية العامة على الجماعة.
عزل الحوثيين اقتصادياً وسياسياً
يؤكد خبراء أن إقرار القانون من شأنه أن يعزل الحوثيين على المستويين السياسي والاقتصادي، عبر الحد من مقبوليتهم دولياً وإبراز انتهاكاتهم بالأدلة والتقارير الرسمية، وهو ما قد ينعكس على تعامل المؤسسات المالية والشركات الدولية والجهات الدبلوماسية مع الجماعة. كما سيضع القانون ضغوطاً على الجهات التي تتعاون معها أو توفر لها غطاءً سياسياً، نظراً لتجريم ممارساتها على المستوى التشريعي الأميركي.
تعزيز مسار المساءلة لصالح الضحايا
وبحسب مراقبين، فإن القانون يعيد تسليط الضوء على معاناة اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين، ويمنح ضحايا الانتهاكات إطاراً دولياً أكثر صلابة لإبراز قضاياهم، مع إمكانية استخدام التقارير الأميركية كوثائق داعمة في المحافل الدولية، بما فيها مجلس حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية.
خطوة ذات وزن سياسي في توقيت حساس
تأتي المبادرة في ظل تصاعد هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر وتحالفهم المتنامي مع حركة حماس، إضافة إلى التوترات الإقليمية الواسعة، ما جعل الملف اليمني جزءاً من الحسابات الأمنية الأميركية. وبات المشروع، الذي سيُعرض على مجلس النواب للتصويت في الفترة المقبلة، مؤشراً على رغبة واشنطن في إعادة صياغة سياستها تجاه الجماعة بما ينسجم مع حجم التهديدات على الأمن الإقليمي.
وبذلك، يشكّل “قانون مساءلة الحوثيين” تحولاً مهماً في نظرة المشرّعين الأميركيين للصراع في اليمن، ويعزز آليات الضغط على المليشيا، مع وضع انتهاكاتها بحق اليمنيين تحت مجهر المساءلة الدولية بصورة غير مسبوقة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news