خصوم لا شركاء.. حضرموت نموذجًا لتعامل الانتقالي مع المكونات الجنوبية (تقرير خاص)

     
المجهر             عدد المشاهدات : 51 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
خصوم لا شركاء.. حضرموت نموذجًا لتعامل الانتقالي مع المكونات الجنوبية (تقرير خاص)

خصوم لا شركاء.. حضرموت نموذجًا لتعامل الانتقالي مع المكونات الجنوبية (تقرير خاص)

المجهر - تقرير خاص

الأربعاء 03/ديسمبر/2025

-

الساعة:

4:17 م

يصرُّ المجلس الانتقالي الجنوبي برئاسة عيدروس الزُبيدي عضو مجلس القيادة الرئاسي، على تفعيل القوة العسكرية في محافظة حضرموت، وهو ما ظل يتصاعد خلال الأشهر الماضية منذ دعا رئيس الهيئة التنفيذية للمجلس في المحافظة العميد الركن سعيد أحمد المحمدي، إلى "تدخل حاسم" لقوات النخبة الحضرمية مدعومة بالقوات المسلحة الجنوبية، بزعم "حماية النسيج الحضرمي وفرض أمر واقع يعبر عن الإرادة الشعبية".

لم تكن هذه الدعوة مجرد تصريح سياسي بقدر ما مثّلت إشارة إلى أن المجلس ينوي استخدام السلاح ضد أبناء حضرموت ومكوناتها القبلية والسياسية والعسكرية، ليظهر ذلك في الأيام القليلة الماضية من خلال وصول تعزيزات عسكرية كبيرة للانتقالي إلى الهضبة ومناطق قريبة من المنشآت النفطية، شملت شاحنات وعربات مدرعة، في خطوة قرأها أبناء المحافظة والمكونات القبلية والمحلية كعملية استعراض واضحة لقوته في المحافظة.

وبدلاً من تقديم نفسه باعتباره ممثلاً سياسيًا للجنوبيين، اتجه الانتقالي لتحريك تشكيلات مسلحة جاءت من خارج المحافظة، وهي رسالة أكدت لأبناء حضرموت أن مشروعه يقوم على القوة لا عبر الشراكات أو الشرعية الشعبية التي يدّعيها.

والمؤكد أن هذا النهج يرفع كُلفة النزاع ليس على الانتقالي فقط، وإنما كذلك على الداعم الإقليمي والمتمثل بدولة الإمارات، التي تجد نفسها متورطة بمعادلات معقدة وتكاليف مرتفعة نتيجة الاعتماد على القوة والعنف، في حين من الممكن تحقيق مكاسب عبر استراتيجيات سياسية أكثر فاعلية مع الحاضنة المحلية لا سيما في التركيبة القبلية للمجتمع اليمني شديد الحساسية تجاه استخدام القوة.

 

فرض أمر واقع

 

شهدت حضرموت خلال الساعات الماضية أخطر تحول عسكري منذ بدء التوتر في حضرموت، إذ سيطرت قوات المجلس الانتقالي، اليوم الأربعاء، على مدينة سيئون بالكامل، بعد انسحاب قوات المنطقة العسكرية الأولى إثر فقدانها الغطاء الرسمي وتنصل مجلس القيادة الرئاسي عن حمايتها.

وبحسب مصادر محلية، فقد بسطت قوات الانتقالي سيطرتها على مطار سيئون والقصر الجمهوري وعلى كامل المدينة، في خطوة تؤكد الانتقال من مرحلة التهديد إلى فرض واقع جديد بالقوة المسلحة داخل محافظة تُعد الأكثر حساسية على مستوى المناطق الجنوبية.

ويكشف هذا التصعيد منذ أيام، نوايا الانتقالي بتوجيه سلاحه نحو المكوّنات الجنوبية المحلية بدلا من توجيهه نحو التهديدات الفعلية التي تستهدفه وعلى رأسها جماعة الحوثي المدعومة من إيران والتي ما زالت تسيطر على أجزاء من محافظات أبين ولحج والضالع الجنوبية.

وجاءت ردود الفعل في حضرموت سريعة وحاسمة، فقد أعلنت قوى بارزة مثل حلف قبائل حضرموت رفضها القاطع لمحاولات فرض القوة، معتبرة أن ما يقوم به الانتقالي استفزاز لمشاعر أبناء حضرموت وجرّ المحافظة نحو فتنة جديدة تستهدف المحافظة وثرواتها بدعم من دولة الإمارات كما أشار إلى ذلك الشيخ عمرو بن حبريش في لقاءه مع قناة (بي بي سي عربية).

وذهبت بيانات تلك المكونات إلى التأكيد على أن "الحكم بالقوة" أثبت فشله في الجنوب، وأن تكرار التجربة لا يعني سوى إعادة إنتاج الصراع وتعميق الشرخ بين المجتمع المحلي وأي سلطة تسعى إلى فرض نفسها بقوة السلاح.

كما ترى القوى الحضرمية أن التحركات الحالية للانتقالي تكشف عجزه عن إدارة الخلافات عبر الأُطر السياسة، واتجاهه نحو أجندة عسكرية بدوافع إقليمية تأتي على حساب الهوية المحلية ومطالب أبناء المحافظات الجنوبية.

وفي موازاة التصعيد العسكري في حضرموت، تتعمق جذور الصراع في المحافظة اليمنية الأكثر مساحة إلى جانب كونها غنية بالثروة النفطية، لتتحول إلى رأس الحربة في التوتر الحاصل مع مكوّن جنوبي عسكري أكثر من كونه مكوّن سياسي، ليزاحم أبناء حضرموت على قرارهم وثرواتهم.

فالتوترات المتصاعدة منذ أواخر 2024 حتى اليوم، تكشف أن الصراع يمتد إلى تحديد من يمتلك اليد العليا على المناطق الاستراتيجية كحضرموت حتى لو كان على حساب أبناءها، ولم يعد يدور حول شعارات "تمثيل الجنوب".

 

صراع الثروة

 

ترفض القوى الحضرمية البارزة وفي مقدمتها حلف قبائل حضرموت بقيادة عمرو بن حبريش، وكذلك مؤتمر حضرموت الجامع، أي محاولة لفرض هيمنة قادمة من مثلث الجنوب (الضالع – يافع – وردفان).

هذا الرفض دفعها سابقاً إلى تشكيل "مجلس حضرموت الوطني" بدعم سعودي كإطار سياسي بديل أثناء مؤتمر الرياض، في خطوة عكست بوضوح حجم التحفظ المحلي على تبعية المحافظة للمجلس الانتقالي، وحجم الرغبة في إدارة حضرمية خالصة بعيداً عن الصراعات المناطقية.

ومع تصاعد التوتر، دفع الانتقالي خلال الأيام الماضية بقوات دعم عسكرية قادمة من الضالع ويافع وشبوة نحو ساحل حضرموت بهدف الزحف نحو مناطق الوادي والصحراء، في محاولة للسيطرة على محيط حقول النفط، ما أدى إلى مواجهات محدودة وتلويحاً بالسلاح بين تلك القوات وبين وحدات حماية حضرموت التابعة للحلف القبلي، الذي أعلن استعداده لمقاومة أي قوة دخيلة من خارج المحافظة.

ووسط الاتهامات المتبادلة، يصر الانتقالي على تبرير تحركاته بإسقاط الاتهام التقليدي على قوات المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت بزعمه أنها موالية "للإصلاح" أو "للشمال" رغم أن قائد المنطقة الأولى اللواء الركن/ صالح محمد الجعيملاني، من أبناء محافظة أبين الجنوبية.

ولذلك ترى القوى الحضرمية أن هذا الخطاب ليس سوى غطاء لمحاولة الاستحواذ على ثروات المحافظة وليس كما يدعي لحماية المناطق الجنوبية.

وفي خضم ذلك، جاءت مداخلة محافظ حضرموت سالم الخنبشي مع "قناة العربية الحدث" لتمنح الصراع بُعده الحقيقي، حيث أكد أن مطالب حلف قبائل حضرموت والمكونات المحلية "حقوقية ومشروعة"، تتعلق بالتمثيل السياسي وتجنيد أبناء المحافظة في إطار الوحدات العسكرية، ومعالجة أزمة الخدمات وفي مقدمتها الكهرباء.

هذا التصريح من أعلى سلطة محلية والذي جاء في إطار جهود الوساطة لإنهاء التوتر، يُسقط الرواية التي يروّجها الانتقالي عن اختراقات حزبية ونفوذ شمالي، ويكشف أن جوهر الأزمة هو صراع على الحقوق والإدارة والتمثيل لا صراع هوية أو ولاءات حزبية كما يحاول المجلس تصويره.

ويزداد الأمر جدية مع تحذيرات التكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، الذي اعتبر أن حضرموت المحافظة التي كانت تعد الأكثر استقراراً تتجه نحو الفوضى والانقسام المهدِّد بسفك الدماء، كما جاء في تهنئة التكتل لرئيس وأعضاء مجلس القيادة الرئاسي بمناسبة ذكرى الاستقلال.

ويضع هذا التحذير المسؤولية على عاتق مجلس القيادة الرئاسي، حيث ألمح إلى أن تحركات الانتقالي تقوض دور الشرعية من الداخل، وتفتح أبواباً لصراع مسلح في منطقة تمثل أحد الأعمدة الاقتصادية في المحافظات المحررة.

 

تصفية حسابات

 

إذا كانت حضرموت تمثل النموذج الأوضح للصدام الذي يتزعمه المجلس الانتقالي، فإن محافظات أخرى تكشف أن المشكلة أعمق من مجرد خلاف محلي، ففي أبين على سبيل المثال، بدا أن المجلس يعيد فتح جراح قديمة، مستدعياً حساسيات تاريخية تعود إلى صراع "الزمرة والطغمة" عام 1986، من خلال عملية "سهام الشرق" التي انطلقت في 2022م تحت لافتة "مكافحة الإرهاب".

ورغم الطابع الرسمي للعملية، إلا أن مراقبين رأوا فيها غطاءً لتصفيات حسابات كانت تستهدف قوات مرتبطة بالرئيس السابق عبد ربه منصور هادي وحزب الإصلاح، لتثبيت الانتقالي في المحافظة.

كما أن تداعيات العملية لم تكن أمنية فقط، إذ أفرزت حالة تهميش واضحة لقيادات من أبناء أبين داخل المؤسسات العسكرية والأمنية، ما غذّى الشعور بأن ما يحدث ليس حرباً على الإرهاب، بقدر ما هو إعادة توزيع للنفوذ بالقوة على حساب أبناء المحافظة أنفسهم، لصالح قيادات قادمة من الضالع وردفان ومناطق أخرى يرى كثيرون أنها تشكل العمود الفقري للنفوذ داخل المجلس الانتقالي.

الصورة ذاتها تنعكس في العاصمة المؤقتة عدن مركز ثقل المجلس وإن كانت بأشكال مختلفة، فيمثل القمع الأمني أحد أوجه استعراض السلاح حيث استخدمت قوات تابعة للانتقالي وفي مقدمتها وحدات "الحزام الأمني"، القوة لتفريق تظاهرات سلمية تطالب بالخدمات الأساسية، وسط شكاوى متكررة من اعتقالات تعسفية وإخفاءات قسرية طالت ناشطين جنوبيين معارضين.

أما شبوة فلم تكن بعيدة عن مسار حضرموت، فخلال أحداث 2022 شهدت المحافظة واحدة من أكثر عمليات القوة العسكرية وضوحاً، بعد أن خاضت قوات موالية للانتقالي مواجهات انتهت بإخراج قوات حكومية جنوبية كانت جزءاً من منظومة الشرعية، واستبدالها بتشكيلات مثل قوات دفاع شبوة وقوات العمالقة.

ورغم تقديم العملية في إطار مزاعم طرد قوات موالية للإصلاح، فإن آثارها تركت شرخاً مجتمعياً وقبلياً كبيرًا، إذ شعر جزء واسع من سكان المحافظة بأن القوة استُخدمت لإقصاء شركاء جنوبيين.

ويكشف ذلك أن استخدام الانتقالي لقوة السلاح أصبح أداة سياسية لإدارة الخلافات ومحاولة ترتيب الخارطة الداخلية للمناطق الجنوبية، لكن النهج القائم على فرض السيطرة بالقوة يخلق حالة من الانقسام المُستمر ويضعف أي فرصة لبناء مشروع سياسي جامع يعتمد على الشراكة والتمثيل العادل لا الإقصاء والهيمنة.

وهنا يتسع المجال للسؤال الذي أصبح محور النقاش السياسي اليوم؛ فهل يمكن لمكوّن يمارس القوة ضد أبناء ومحافظات الجنوب أن يكون حاملًا لقضيتهم؟ ولعل المشهد في حضرموت يقدم إجابة كافية لذلك!

تابع المجهر نت على X

#اليمن

#حضرموت

#سيئون

#المنطقة الأولى

#سيطرة

#نفوذ

#الانتقالي الجنوبي

#إقصاء

#المكونات الجنوبية

#قوة السلاح

#مناطقية

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

عاجل:سقوط قتلى وجرحى و اسرى بمعركة سيئون بيد هذا الطرف

كريتر سكاي | 1113 قراءة 

اول تصريح لبن دغر حول سيطرة قوات الانتقالي على حضرموت

بوابتي | 845 قراءة 

اشتباكات مسلحة بين قوات المنطقة الأولى والانتقالي بوادي حضرموت

قناة المهرية | 839 قراءة 

قوات درع الوطن تسيطر على اللواء 37 مدرع بحضرموت بعد مواجهات مع الانتقالي

بوابتي | 757 قراءة 

سقوط اسرى من جنود المنطقة العسكرية الاولى في حضرموت(صورة)

كريتر سكاي | 614 قراءة 

من سيطر فعلاً على ”الخشعة”؟ الانتقالي يُعلن النصر و”درع الوطن” يدّعي المسؤولية!

المشهد اليمني | 588 قراءة 

قوات درع الوطن السعودية تبدأ السيطرة على وادي حضرموت والخشعة بعد انسحاب قوات الانتقالي

قناة المهرية | 544 قراءة 

كاتب وباحث كويتي يكشف ‏" لماذا انفجرت -الحربُ العيدروسية- في ‎حضرموت قبيلَ ‎قمة المنامة بساعات؟ "

المشهد الدولي | 501 قراءة 

آخر التطورات في وادي حضرموت وحقيقة اندلاع الموادجهات بين قوات الجيش والانتقالي

بوابتي | 498 قراءة 

القوات المسلحة الجنوبية تُحكم سيطرتها على معسكر الخشعة مقر اللواء 135 أكبر معسكر في وادي حضرموت

العاصفة نيوز | 493 قراءة