أبرزت الهجمات التي تشنها جماعة الحوثي على السفن التجارية في البحر الأحمر، والتي رصدتها مجلة Modern Diplomacy الأوروبية، تحولاً جذرياً في طبيعة الصراعات الحديثة.
لم تعد الأزمة مجرد تحدٍ إقليمي، بل كشفت عن حاجة ملحّة لإعادة صياغة شاملة لاستراتيجية الأمن العالمي. ويكمن جوهر المشكلة في أن الاكتفاء بردود أفعال آنيّة أو الارتكان إلى النماذج الأمنية التقليدية لم يعد كافياً لمواجهة التهديدات غير المتكافئة التي تعتمد على التكلفة المنخفضة والتأثير المرتفع.
حدود الردع التقليدي وفشل القوة المتطورة
ويشير التحليل الأوروبي إلى أن استراتيجيات الحوثيين غير المتكافئة هي التي سببت الإرباك للأمن البحري الدولي.
وتعتمد الجماعة على الطائرات المسيّرة والصواريخ الرخيصة لاستهداف سفن تجارية تبلغ قيمتها مليارات الدولارات.
هذه الهجمات أظهرت بجلاء محدودية العقيدة الدفاعية التقليدية لدى الدول الكبرى؛ حيث فشلت الأساطيل المتطورة التابعة للولايات المتحدة وبريطانيا، رغم تفوقها التقني، في منع استمرار هذه الهجمات أو الحد من تأثيرها المباشر على حركة التجارة العالمية.
استغلال الترابط الاقتصادي
يتجاوز تأثير الحوثيين النطاق العسكري البحت، حيث يعتمدون على استغلال الترابط الاقتصادي الدولي وثغرات بنية الأمن البحري العالمي.
إن استهداف خط الملاحة الحيوي الذي يربط قناة السويس بالبحر الأحمر يضمن للجماعة ممارسة ضغط كبير بتكلفة منخفضة جداً.
ويؤدي أي تهديد في هذا الممر إلى اضطراب فوري ومباشر في أسواق الطاقة وسلاسل التوريد الحيوية بين آسيا وأوروبا، مما يجعل الاقتصاد العالمي رهينة لقرارات جماعة مسلحة إقليمية.
وخلصت المجلة الأوروبية إلى أن العالم مضطر لتبني مقاربة مختلفة، مؤكدة أن استمرار الاعتماد على النماذج الأمنية التقليدية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الهشاشة الأمنية والاقتصادية.
وشدد التحليل على ضرورة تبني مقاربة أمنية متعددة الأبعاد تتجاوز حدود الردع العسكري وتتعامل مع التهديد من جذوره، بالإضافة إلى معالجة البنية التحتية للأمن العالمي التي أثبتت عدم قدرتها على الصمود أمام هذا النوع الجديد من الصراعات.
رابط المادة الأصلية
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news