شهدت الساحة اليمنية، وبالأخص محافظة حضرموت، تصعيداً لافتاً مع ظهور تسجيل مرئي يوثق وصول القيادي العسكري البارز في المجلس الانتقالي الجنوبي، العميد مختار النوبي، إلى مدينة المكلا الساحلية.
وأطلق النوبي من هناك تهديدات صريحة بالتحرك نحو مدينتي سيئون (عاصمة الوادي) والمهرة، معلناً عزيمة قواته على "تحريرهما من سيطرة جماعة الإخوان"، في تطور يأتي وسط توترات عسكرية حادة ومواجهات محتملة بين قوات الانتقالي وقوات حلف قبائل حضرموت.
تفاصيل الظهور والتهديدات
في التسجيل الذي تداوله نشطاء على وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر العميد مختار النوبي، القائد في القيادة العسكرية والأمنية المشتركة للمجلس الانتقالي، وهو يستقبل في المكلا بحفاوة من قبل عناصر تابعة له.
وخاطب النوبي أنصاره بقوله: "النصر قادم لا محالة، ونحن قادمون إلى سيئون وقادمون إلى المهرة لتحرير هذه المناطق من سيطرة جماعة الإخوان الذين أذاقوا أهلنا الويلات".
ويعتبر هذا التصريح الأكثر حدة منذ التوترات الأخيرة، حيث يضع حداً للتكهنات حول نوايا المجلس الانتقالي تجاه توسيع نفوذه في حضرموت الداخلية، التي تسيطر عليها قوات تابعة للحكومة المعترف بها وحلف قبائل حضرموت.
سياق التحشيد العسكري
يأتي ظهور النوبي في توقيت حساس، حيث تشهد المناطق الواقعة غرب وادي حضرموت تحشيداً عسكرياً مكثفاً من طرفي الصراع.
فمن جهة، تعزز قوات المجلس الانتقالي، وعلى رأسها قوات "النخبة الحضرمية" التي يترأسها النوبي، من وجودها في المكلا والمناطق الساحلية، استعداداً لتحرك محتمل باتجاه سيئون.
من جهة أخرى، أعلن "حلف قبائل حضرموت"، وهو تحالف عشائري مسلح تشكيله لمواجهة الانتقالي، استعداده التام ووضع قواته في حالة تأهب قصوى.
ويُنظر إلى الحلف على أنه الدرع العسكري الذي يدعم القوات الحكومية في المنطقة، ويرفض أي هيمنة للمجلس الانتقالي على أراضي الوادي.
تحليل الأبعاد السياسية والعسكرية
يرى مراقبون أن هذا التصعيد يمثل اختراقاً جدياً لاتفاق الرياض، الذي كان يهدف إلى إنهاء الخلافات بين المجلس الانتقالي والحكومة وتوحيد الصفوف لمواجهة الحوثيين. فالتهديدات الصريحة للنوبي تعكس رغبة الانتقالي في فرض سيطرة الأمر الواقع على كامل المحافظات الجنوبية، مستغلاً انشغال العالم بالحرب على غزة والتراجع السعودي في ملف اليمن.
إن استخدام مصطلح "الإخوان" ليس جديداً، فهو التهمة التي يوجهها الانتقالي لداعمي حزب الإصلاح الإخواني داخل الحكومة الشرعية، في محاولة لتبرير تحركاته على أنها "مكافحة إرهاب" وليست صراعاً على السلطة والنفوذ.
مخاطر وتداعيات محتملة
يخشى سكان حضرموت من اندلاع مواجهات عسكرية واسعة النطاق في الأيام القادمة، خاصة في محيط مدينة سيئون الاستراتيجية.
أي صراع مسلح بين طرفي التحالف المناهض للحوثيين سيعقد الأزمة اليمنية بشكل كبير، ويفتح جبهة جديدة تستهلك الطاقات والموارد، ويخدم أهداف جماعة الحوثيين التي تراقب الوضع عن كثب.
ويبقى الموقف السعودي حاسماً في هذه المعادلة؛ فالرياض التي رعت اتفاق الرياض، تجد نفسها أمام تحدٍ كبير للحفاظ على وحدة الصفوف المناهضة للحوثيين، ومنع انزلاق حضرموت إلى فوضى عسكرية قد تعصف بالاستقرار الهش في جنوب اليمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news