أثار منشور للناشط الحوثي رشيد البروي جدلاً واسعاً على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث وجه انتقاداً لاذعاً لقادة جماعة الحوثيين، متهماً إياهم بالعيش في ترف وبذخ بينما يعاني عامة الشعب في المناطق الخاضعة لسيطرتهم من ظروف معيشية قاسية وحصار اقتصادي خانق.
يأتي هذا النقد ليضيف صوتاً داخلياً لشكاوى طالما رددها اليمنيون حول الفجوة المتنامية بين القادة والقاعدة الشعبية.
جاءت المفاجأة في منشور على فيسبوك للناشط رشيد البروي، المعروف بقربه من دوائر الحوثيين، حيث علّق على صورة دعائية تروج للسياحة الشتوية على سواحل محافظة الحديدة الخاضعة لسيطرة الجماعة. لم يكن تعليقه عابراً، بل كان بمثابة سهم انتقاد موجه إلى صميم القيادة.
سخر البروي من "طبقة المسؤولين" التي وصفها بأنها تعيش في عالم منفصل عن واقع الناس، قائلاً: "هناك من مسؤولينا من يقضي الشتوية في دفئ سواحل الحديدة، والصيفية في جبال مثالي ذمار، ويعقد ورشاته الثقافية في حمامات جارف الطبيعية، والأغرب من ذلك أنه يستلم مقابل كل هذا "العمل الشاق" اعتمادات مالية وبدل نزول ميداني".
ولم يتوقف البروي عند هذا الحد، بل طالب هؤلاء المسؤولين بالكف عن خطب التوعية التي تمتلئ بشعارات التقوى والزهد والنزاهة. وأضاف بأسلوب ساخر: "ثم يأتي بعد كل هذا ليحدثني عن الثقة بالله، ووعده ووعيده، وعن صفات المؤمن الصادق النزيه الذي يتحمل المشاق".
وجّه البروي رسالة مباشرة وواضحة، مؤكداً أن هذا "الصنف" من القادة ليس لديه أي حق في إلقاء المواعظ على الشعب. وختم منشوره بعبارة قوية تلخص مأساة الواقع، قائلاً: "عليه أن يخرس أمامنا نحن الذين نعيش العمر كله في غلاف صنعاء المحاصر، بين برد الشتاء القارس، وحر الصيف اللاهب، وصقيع الحراف الذي لا يرحم".
وتعبر كلماته عن معاناة ملايين اليمنيين العالقين في العاصمة صنعاء والمناطق الأخرى، الذين يعانون من تدهور اقتصادي حاد، وارتفاع غير مسبوق في أسعار المواد الغذائية، وانقطاع الرواتب، في وقت يُنظر فيه إلى القادة على أنهم بعيدون كل البعد عن هذه المعاناة اليومية.
دلالات الحدث:
يحمل هذا الهجوم الداخلي النادر دلالات مهمة، أبرزها:
تصاعد السخط الداخلي:
يؤكد وجود تذمر متنامٍ داخل الأوساط المؤيدة للحوثيين أنفسهم، لم يعد من الممكن كتمه.
فقدان المصداقية:
يساهم هذا النوع من الانتقادات في تقويض الخطاب الإيديولوجي للجماعة، الذي يبني شرعيته على فكرة المقاومة والتضحية ومشاركة الشعب أفراحه وأتراحه.
كشف الفساد:
يسلط الضوء على ممارسات يُنظر إليها على أنها فساد مستشرٍ، مثل صرف بدل ميدانية لمسؤولين لا يغادرون منتجعاتهم، مما يزيد من عبء الموازنة التي يُفترض أنها مخصصة للخدمات العامة.
يُعد منشور البروي صدىً لصوت كثير من اليمنيين الذين يشعرون بالظلم والإحباط، ويكشف عن شرخ عميق في النسيج الاجتماعي تحت سلطة الأمر الواقع في شمال اليمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news