أجرى الاستطلاع لـ”يمن ديلي نيوز” أحمد حوذان:
لم يكن البازار الذي أقامته منظمة الوصول الإنساني بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان في محافظة مأرب مجرّد فعالية تسويقية عابرة؛ بل مساحة حيّة تجتمع فيها حكايات نساء نزحن من الحرب ليبدأن رحلة جديدة نحو الاعتماد على الذات.
ففي النسخة السادسة من بازار دعم المنتجات المحلية، خرجت من بين خيام النزوح مشروعات صغيرة تحمل بصمة نساء تلقّين تدريباً مكثفاً في مجالات تمتد من الخياطة والمعجّنات إلى النقش وصيانة الهواتف، حيث يعكس كل منتج قصة صمود تسعى صاحبته إلى بناء مستقبل مختلف.
ورغم هذا النمو الملحوظ في قدرات المشاركات، ما تزال التحديات قائمة؛ إذ لا يتوافر حتى الآن سوق ثابت أو مركز دائم يستوعب منتجاتهن ويضمن استمرارية دخلهن. وبرغم تعهّدات محلية بدراسة إنشاء سوق مخصص، فإن تلك المبادرة ما تزال في انتظار خطوات تنفيذية جادة.
“يمن ديلي نيوز” خلال تغطيته للبازار التقى بعدد من النساء المشاركات في البازار، كما التقى وكيل محافظة مأرب وزواراً للبازار وخرج بالحصيلة التالية:
نماذج ملهمة
تقول “أم صدام”، إحدى أبرز قصص النجاح داخل المشروع إنها “انتقلت من وضع بالغ الصعوبة بعد نزوحها من المحويت، إلى ممارسة حرفة النقش على الزجاج والخشب، وهي مهنة أتقنتها لسنوات قبل أن تعيد المساحة الآمنة إحياءها مجددًا”.
وأوضحت لـ”يمن ديلي نيوز” أن “العمل ليس عيبًا… والمرأة قادرة إذا وجدت من يدعمها”، مشيرة إلى أنها اليوم توفر دخلاً مستقرًا يساعدها على إعالة أسرتها، وتعد مثالًا على قدرة المرأة اليمنية على تجاوز التحديات رغم الظروف.
وفي ركن آخر من البازار، تحولت الشابة “أسماء” إلى نموذج متميز في مجال صيانة الهواتف، وهو تخصص كان يقتصر غالبًا على الرجال.
تقول أسماء لـ”يمن ديلي نيوز”: “تعلمت كيفية حماية نفسها والنساء من محاولات الابتزاز الإلكتروني، وأصبحت قادرة على تقديم الخدمة في بيئة آمنة للنساء داخل المجتمع”.
بدورها تقدم الأخصائية النفسية بغداد دعمًا ميدانيًا للفتيات والنساء اللواتي يعانين من آثار النزوح والإساءة المجتمعية. وقالت إن “النجاح الحالي خرج من خلف قصص مؤلمة، لكنه يعكس قدرة النساء على النهوض من جديد”.
أما “أماني”، فتعمل على تدريب النساء في مجال حماية البيانات الشخصية وصيانة الهواتف، في خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن الرقمي ومواجهة الابتزاز.
وتواجه “شادية” هي الأخرى صعوبات اجتماعية ومكانية في تدريب النساء، مشيرة إلى أن كثيرًا منهن يواجهن رفضًا أسريًا أو بُعد المسافة، وهو ما يؤثر على مشاركة عدد كبير من المستفيدات رغم رغبة الكثير منهن في التعلّم.
تحديات تعيق الاستدامة
ورغم النجاحات، ما تزال أبرز المعضلات متمثلة في غياب سوق ثابت أو مركز دائم لعرض منتجات النساء، ما يؤثر على استمرارية العائد الاقتصادي لهن. ورغم الوعود المحلية بدراسة إنشاء سوق مخصص، لا يزال المشروع بانتظار خطوات عملية.
قال مدير المشروع “عبد الله جابر” إن هذه المبادرة ليست فعالية موسمية، بل “نتيجة خمس سنوات من الصعود درجةً بعد أخرى”.
وأضاف أن المشروع منذ 2020 يتوسع في سبع محافظات، مقدمًا تدريبًا نفسيًا واجتماعيًا واقتصاديًا، ومساحات آمنة للنساء اللواتي لم يجدن الأمان في بيوتهن ولا في طرق النزوح.
وأشار إلى أنه بالرغم من النجاح، يواجه المشروع تحديًا قاسيًا، منها غياب الأسواق الخاصة بالنساء لعرض منتجاتهن. حيث إن آلاف النساء يتخرجن من التدريب وينجحن في العمل، لكن يظل المكان الآمن للبيع حاجزًا ثقيلًا يكتم أحلامهن.
وخلال زيارته للبازار، تعهّد وكيل محافظة مأرب، عبد الله الباكري، بالعمل على توفير مكان رسمي لعرض منتجات النساء، معتبرًا الخطوة — إن تحققت — نقطة تحول قد تغيّر مستقبل آلاف الأسر النازحة.
وفي ختام الجولة، وجه أحد المشاركين رسالة عبر “يمن ديلي نيوز” قال فيها: “المنظمات وحدها لا تكفي… نحتاج مجتمعًا يساند النساء. فهن نصف المجتمع، ومع كل هذه الظروف ما زلن يحاولن أن ينهضن بالنصف الآخر”.
بداية جديدة رغم القسوة
لم يكن البازار مجرد مساحة عرض منتجات، بل انعكاسًا حيًا لقدرة النساء على تحويل الألم إلى فرصة، وبناء بداية جديدة وسط ظروف الحرب والنزوح.
ويبرز هذا النموذج من المساحات الآمنة دور المبادرات المجتمعية في خلق فرص حياة جديدة للنساء المتضررات، وترسيخ مسار اقتصادي واجتماعي قائم على الاعتماد على الذات.
وتبقى الحاجة اليوم ملحة لتوسيع الدعم وتوفير مساحات تسويق دائمة لضمان استدامة هذا النجاح.
مرتبط
الوسوم
مأرب
بازار الوصول الانساني
دعم منتجات النساء
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news