يمن ديلي نيوز – تقرير:
قررت جماعة الحوثي المصنفة إرهابية مؤخرًا رفع الضرائب الجمركية بنسبة 100% على واردات الملبوسات وعدد من السلع الهامة، في خطوة أثارت مخاوف من موجة أسعار جديدة في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية وتراجع المساعدات الدولية عقب القيود والانتهاكات التي تُتهم الجماعة بارتكابها ضد العاملين في المجال الإغاثي.
ويأتي القرار رغم امتناع الجماعة عن صرف مرتبات موظفي القطاع العام واستمرار فرض رسوم مرتفعة على خدمات أساسية، من بينها الكهرباء التي يتجاوز سعر الكيلو وات فيها نصف دولار، إلى جانب رسوم شهرية تُفرض على الملتحقين بالمدارس الحكومية، ما يثير تساؤلات واسعة حول مصير الإيرادات المتحصلة وأسباب رفع الجمارك في هذا التوقيت.
كما تطرح هذه التطورات تساؤلات جوهرية حول التداعيات الاقتصادية المتوقعة، خصوصًا على القطاع التجاري الذي يواجه – بحسب خبراء – ضغوطًا متصاعدة دفعت جزءًا كبيرًا منه إلى الهجرة نحو مناطق الحكومة اليمنية أو إلى خارج البلاد.
وفي هذا السياق، ناقش “يمن ديلي نيوز” هذه الهواجس مع الخبيرين الاقتصاديين وفيق صالح ونجيب العدوفي، اللذين حذّرا من أن القرار سيعمّق الاختلالات الاقتصادية ويرفع كلفة المعيشة، معتبرين أنه يعكس توجهًا يعتمد على الجبايات لتمويل أنشطة الجماعة بدل دعم الإنتاج الوطني أو حماية السوق.
تدمير للبيئة التجارية
يرى الصحفي والمحلل الاقتصادي، وفيق صالح إن قرار الحوثيين رفع الرسوم الجمركية على واردات الملابس وقطاعات تجارية أخرى بنسبة 100% يمثل “أحد أشكال السياسات العبثية التي تدمّر النشاط التجاري والاقتصادي في مناطق سيطرتهم”.
وأضاف: الجماعة تروّج لمزاعم تتعلق بتعزيز الإنتاج المحلي وتشجيع الصناعات الوطنية، غير أن هذه المزاعم ليست سوى عناوين براقة بعيدة تمامًا عن الواقع التدميري الذي تمارسه بحق الاقتصاد الوطني والتجارة والمواطنين، من خلال مضاعفة الأعباء المالية على السكان.
وقال لـ “يمن ديلي نيوز” إن تشجيع الإنتاج المحلي يتطلب شروطًاً اقتصادية شاملة وبيئة مثالية لا تمتلكها سلطة الحوثيين، بل إن وجودهم كقوة مسيطرة على صنعاء ومناطق أخرى يعد سببًا رئيسيًا لهروب رأس المال الوطني وتقويض الصناعات الوطنية وتعطيل النشاط التجاري.
وذكر أن “الجبايات الحوثية لا تعود بأي منفعة على الصناعة المحلية، بقدر ما تُترجم مباشرة إلى تضخم في أسعار السلع الأساسية وغير الأساسية، ما يضاعف معاناة المواطنين الذين يعيشون أصلًا أوضاع دخل متدنية وانقطاع الرواتب”.
وشدد على هذه السياسات لن تسهم في توسيع الإنتاج، بل تقضي على المنافسة وتمنح فئة تجارية طُفيلية مرتبطة بالحوثيين امتيازات احتكارية، في حين تُجبر الشركات الوطنية والمستوردين على التوقف أو الإفلاس بسبب التكاليف الباهظة، بما يعني اتساع رقعة البطالة، وتدهور جودة السلع، وترك الساحة التجارية بيد رجال أعمال جدد مرتبطين بالجماعة.
تعزيز إيرادات الجماعة
من جانبه، يرى الصحفي الاقتصادي، نجيب العدوفي أن رفع الحوثيين للضرائب يأتي في إطار سعي الجماعة لتعزيز عائداتها المالية عقب العقوبات الأمريكية وتعطل موانئ الحديدة الثلاثة بفعل الضربات الأمريكية والإسرائيلية، الأمر الذي دفعها للبحث عن بدائل لتمويل مجهودها الحربي ودعم أنشطتها الاقتصادية.
وقال لـ”يمن ديلي نيوز”: الجبايات تُعد وسيلة رئيسية للجماعة التي استحوذت على القطاعات الخدمية ووضعت موارد الدولة تحت سيطرتها لخدمة اقتصادها الموازي وتمويل عملياتها العسكرية وشبكات مصالح قادتها.
وأضاف: المواطن هو من سيدفع الكلفة الأكبر لهذه الجبايات، إذ سيضيف التجار الضرائب الجديدة على أسعار السلع، ما سيحدث موجة ارتفاعات جديدة في ظل بيئة معيشية شديدة التدهور.
وتابع: القطاع التجاري يعاني منذ أكثر من عشر سنوات من الابتزاز والممارسات غير القانونية والضرائب المبالغ فيها، إضافة إلى الجمارك المزدوجة في نحو 11 منفذًا بريًا أنشأتها الجماعة في مداخل المدن وعلى الحدود مع مناطق الشرعية.
كما قامت الجماعة – وفق العدوفي – بإنشاء قطاع خاص طفيلي يتغذى على المال العام ورؤوس أموال خصومها وعلى حساب القطاع الخاص الحقيقي.
وحذر “العدوفي” من أن رفع الضرائب سيعمّق حالة الركود ويزيد من حدة انعدام الأمن الغذائي، في ظل انعدام مصادر الدخل واستمرار وقف رواتب موظفي القطاع العام، إلى جانب تسميم المناخ الاستثماري، بالتزامن مع التضييق على العمل الإنساني وتقليص برامج المنظمات الدولية في مناطق سيطرة الحوثيين، وإيقاف بعض المنظمات أنشطتها نهائيًا نتيجة اختطاف العاملين معها وتدخل الجماعة في مهامها.
وفي وقت سابق شهدت العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي المصنفة إرهابية اغلق تجار الملبوسات والأقمشة والإكسسوارات وخاصة في سوق السلام، أكبر سوق للملبوسات في اليمن، أبوابهم لليوم الثاني احتجاجًا على الضرائب الجمركية الباهظة التي فرضتها جماعة الحوثي المصنفة إرهابية بنسبة 100%.
وقالت النقابة العامة لتجار الملابس والأقمشة إن هذا التصعيد جاء نتيجة الإجراءات التي وصفتها بـ ”التعسفية” من قبل سلطات الحوثيين، وذلك عبر إغلاق جميع محلات التجزئة دون أي استثناء تضامنًا مع تجار الجملة دفاعًا عن حقوق القطاع.
وشدد البيان الذي تابعه “يمن ديلي نيوز” على أن رفع الرسوم الجمركية والضريبية بنسبة تصل إلى 100%، إلى جانب الجبايات اليومية، يعد بمثابة طعنة مباشرة للنشاط التجاري والاقتصادي في البلاد.
وأشارت النقابة إلى أنهم أبلغوا الجهات المعنية بالقرارات الظالمة، لكنها قوبلت بصمتٍ مطبق وتجاهلٍ متعمد، ما جعل التجار يتجهون للإضراب الشامل كخطوة ضاغطة لإنقاذهم من حافة الإفلاس.
مرتبط
الوسوم
الملابس،
الجمارك،
الضرائب،
جماعة الحوثي،
صنعاء،
نسخ الرابط
تم نسخ الرابط
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news