فضيحة مدوية في تعز: رقابة غائبة وفساد حاضر.. الأسواق تموج بسلع مزورة تواريخ صلاحياتها

اخبار وتقارير

فضيحة مدوية في تعز: رقابة غائبة وفساد حاضر.. الأسواق تموج بسلع مزورة تواريخ صلاحياتها

الثلاثاء - 25 نوفمبر 2025 - 12:50 ص بتوقيت عدن

-

تعز - نافذة اليمن - محرم الحاج

تموج أسواق محافظة تعز بالمنتجات المنتهية بعد تزوير تواريخ صلاحياتها في معامل خاصة، أو السلع الغذائية والمنتجات الموشكة على انتهاء الصلاحية، والتي تُباع في وضح النهار على عربات أو محلات تعرف بالمصطلح العامي بـ"محلات البضائع المقربة".

الإقبال الشديد على هذه البضائع الموشكة على الانتهاء بسبب رخص ثمنها، دفع بعض البقالات والدكاكين الخاصة بالمواد الغذائية لتخصيص جزء من أركانها لهذه البضائع المقربة جنبًا إلى جنب مع العصائر والمعلبات الغذائية السليمة، إلى جانب التلاعب بالأسعار ومخالفة المواصفات القياسية.

ولتسليط الضوء على هذه الكارثة، قام فريق التحقيق بالنزول الميداني إلى بعض أسواق تعز المدينة، والتقينا عددًا من المواطنين والتجار، إلى جانب تصريحات لجهات مختصة ذات صلة، وكانت الحصيلة على النحو التالي:

آراء التجار:

طه، صاحب بقالة في إحدى حارات مديرية المظفر، قال: "هناك تجار متخصصون في بيع البضائع المقربة، والأمر ليس خفيًا، وهي منتجات لم تنتهِ بعد تواريخ صلاحياتها، كما أن الناس تلجأ لشرائها لرخص ثمنها مقارنة بالمواد الغذائية غير المقربة. مثلاً، عصير فيمتو (مرحبا) في كراتين المقرب سعره 300 ريال، بينما سعره العادي غير المقرب 800 ريال."

وأضاف: "الأمر كله لا يمثل أي خطر طالما لم يشتكِ أحد من المستهلكين، رغم أن هذه البضائع لا تلتزم بأدنى معايير الصحة والسلامة".

برباطة جأش، يقف أحد بائعي سوق المخلولة الشعبي بجانب بضاعته المكونة من ألبان وعصائر ومنظفات معروضة على عربة بعجلتين في الهواء الطلق تحت أشعة الشمس، قائلاً: "لا أجبر أحدًا على شراء البضاعة، ولا أشعر بتأنيب الضمير. انتهاء تاريخ الصلاحية لا يعني أنها تسبب تأثيرًا على الصحة؛ فتاريخ انتهاء الصلاحية هدفه التحذير ليس إلا".

هذا الرأي رفضه طبيب متخصص في الطب العام، مؤكدًا أن المعلبات الغذائية منتهية الصلاحية تمثل أكبر تهديد للصحة، إذ يبدأ ضررها من التسمم الغذائي ويصل إلى سرطانات الجهاز الهضمي والبلعوم والمريء.

شهادات العاملين:

(ع.أ.س) يقول: "أعمل في معمل طباعة دعاية وإعلان، وغالبًا يأتي إلي أكثر من زبون أسبوعيًا يطلبون مني عمل كليشات لتواريخ الإنتاج والانتهاء، وهو ما أرفضه تمامًا. أنا مواطن من أبناء هذا الشعب، وما يحصل من غش وتزوير مخالف لدين الله وللفطرة الإنسانية."

وأضاف: "أقول للتجار ضعفاء النفوس: اتقوا الله فيما تبيعونه للمواطن، كما أطالب الجهات المختصة بتكثيف الرقابة والتشديد على الإجراءات ومعاقبة المخالفين دون تهاون".

آراء المواطنين:

المواطن محمد علي يقول: "أنا حريص في هذا الأمر، وليس كل ما أجد اشتريه، فرخص الثمن يثير شكوكي، خاصة أننا في حالة حرب. بعض التجار استغلوا ضعف الرقابة لتزوير المنتجات والتلاعب بتاريخ صلاحياتها، وانتشرت المواد الغذائية القريبة من الانتهاء حتى أصبح لها تجار مخصصون في بعض الأسواق دون حسيب أو رقيب".

مختتمًا حديثه: "أحمل الجهات المختصة المسؤولية كاملة، فهم محاسبون أمام الله وأمام هذا الشعب، ويجب القيام بواجبهم دون تهاون أو تقصير."

العقوبات لا ترقى لمستوى الجريمة:

يرى رئيس مبادرة محلية أن تدني المستوى المعيشي وارتفاع نسبة الفقر دفع بعض التجار ضعفاء النفوس لاستغلال احتياجات الناس بالغش والتقليد للمنتجات الغذائية، والأدوية، والملابس، وقطع الغيار.

وأضاف: "انتشار السلع المقلدة أو القريبة من انتهاء الصلاحية يسبب أضرارًا صحية خطيرة، من تسممات إلى تشوهات أو أمراض مزمنة، وحتى الوفاة، إضافة إلى أضرار اقتصادية بسبب عزوف المستثمرين وفقدان رؤوس الأموال".

وأوضح أن القانون ينص على الحبس لكل من زور أو قلد المنتجات، ولكنه محدود التطبيق، حيث العقوبات لا ترقى إلى حجم الضرر الذي يلحق بالمستهلك.

وأشار إلى أن "التزوير يتم بتقليد العلامة التجارية أو تغيير تواريخ الصلاحية بالكامل، وهذه الحالات منتشرة بكثرة، وصعوبة اكتشافها تجعل المواطن مضطرًا للشراء من محلات موثوقة فقط".

وأكد أن "الرقابة مسؤولية مشتركة بين جميع الجهات، بما في ذلك الجمارك، هيئة المواصفات والمقاييس، مكتب الصناعة، والسلطة المحلية، وبالتنسيق مع القطاع الخاص المتضرر، وفي مقدمتهم الغرف التجارية والصناعية".

وأضاف: "على المحلات التجارية عدم الشراء إلا من الوكيل الرسمي أو الموزع المعتمد، وعدم البحث عن الرخيص بهدف الربح دون النظر للأضرار التي تلحق بالمستهلكين".

رقابة غائبة أو ربما مغيبة:

رغم خطورة الظاهرة، فإن الأجهزة الرقابية في تعز غائبة عن المشهد، حيث يكتفي بعض الموظفين بالجباية وترك الأسواق تغرق بالمواد الفاسدة.

موظف في مكتب الصناعة والتجارة، طلب عدم ذكر اسمه، قال: "الجميع يعرف هذه الأسواق، لكن الاهتمام الحقيقي يتركز فقط على جمع الأموال، أما صحة المواطن فليست ضمن الأولويات".

صرخة المواطنين:

"كفى عبثًا بحياتنا، نحتاج سلعًا سليمة بسعر معقول، لا أن تتحول موائدنا إلى حقول ألغام صحية تهدد حياتنا يوميًا".

الاكثر زيارة

اخبار وتقارير

طبيب في صنعاء يحذر من خطورة الرماد البركاني من إثيوبيا على الجهاز التنفسي و.

اخبار وتقارير

اختفاء كبار قادة الحوثيين وتغييرات أمنية مفاجئة في صنعاء.. ومقر مجلس الحكم .

اخبار وتقارير

إسرائيل تنجح في اغتيال مهندس منظومة الحماية الخاصة لعبدالملك الحوثي.

اخبار وتقارير

المخلافي يكشف جرائم خطيرة في المقاطرة ويعتذر عن معلومة محاولة اغتيال محافظ .