لماذا انتصر الحوثي… رغم بدائيته؟ ولماذا فشل خصومه… رغم قوتهم؟

     
اليمن الاتحادي             عدد المشاهدات : 39 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
لماذا انتصر الحوثي… رغم بدائيته؟  ولماذا فشل خصومه… رغم قوتهم؟

د/ عبد القادر الجنيد:

سوف نعتبر أن حرب اليمن، ابتدأت قبل عشر سنوات في ٢٦ مارس ٢٠١٥ عندما شنت السعودية عاصفة الحزم.

ماذا لو لم تتدخل السعودية؟

هل فشلنا؟

ولماذا بعد ١٠ سنوات حرب مازلنا نفشل؟

لماذا انتصر الحوثي… رغم بدائيته؟

ولماذا فشل خصومه… رغم قوتهم؟

ما هي عوامل أي انتصار؟

ما الذي نحتاجه لكي ننتصر؟

**

أولا: لو لم تشن السعودية عاصفة الحزم

**

— الجيش المنهار حديثا كان بأغلبه تحت التأثير المباشر لعلي عبدالله صالح.

— هادي كان محاصرا سياسيا، وهاربا بلا سلطة فعلية.

— السلاح الثقيل، والمخزون الصاروخي، والغطاء الأمني كان كله في يد الحوثي–صالح.

— العالم كان سيقبل بالأمر الواقع بعد أشهر قليلة.

— لا مخرجات حوار وطني. لا مرجعيات، لا اعتراف بأي شركاء جنوبيين أو قوى مقاومة، لا موطئ قدم للإصلاح أو الناصريين أو السلفيين أو أي تيار خارج منظومتهم.

١- لو لم تشن السعودية حرب اليمن، لأصبحت اليمن “حوثستان”.

شيئا غريبا نشازا ليس كمثله شيء.

٢- ولكان الحوثي، سوف يقتل الرئيس صالح كما فعل.

٣- ولكان الحوثي، قد بسط حكمه على كل الجمهورية اليمنية: شرقا ووسطا وغربا وشمالا وجنوبا.

٤- ولكانت كل اليمن، معزولة تماما عن السعودية والخليج وعن المجتمع الدولي وتحت عقوبات أمريكية.

٥- ولكانت اليمن سوف تكون في وضع أسوأ من سوريا أيام بشار والعراق ولبنان في مسائل التبعية لإيران والتمدد الشيعي وغسل المخ المذهبي بالقوة والإغراء والإغواء.

٦- ولكانت اليمن الحوثية، سوف تكون مزيجا من الجمهورية الإيرانية الإسلامية ونظام الإمامة اليمنية.

٧- ولكان اليمنيون، يشعرون أنهم غرباء دون المستوى في بلادهم بسبب العنصرية بكل أشكالها: السلالية والقبلية والطائفية والمناطقية.

ليست حربا اختيارية

*

خ— السعودية لم تتدخل حبّا بإعادة الشرعية فقط، بل دُفعت إلى التدخل بتهديد وجودي مباشر.

التمدد الحوثي وسقوط جار كامل في يد أعدائك، هي أسباب وجودية، لا إسعافية.

— يجب المحافظة على السعودية كحليف.

— من خلال التشابك الإيجابي “المستمر” “المستدام”، يمكننا جميعا التخلص مما لا يعجبهم ومما لا يعجبنا.

**

ثانيا: هل فشلنا؟

**

الصراحة أم التطبيل؟

*

بعد ١٠ سنين من كابوس الحوثي ومنعه لتصدير النفط والغاز، فإنهم يطلبون منا عدم ذكر الفشل والهزيمة.

ويطلبون أن نكتب “سرديات الانتصار”.

ما الذي سوف يستفيده المهزوم إذا طبلت له وقلت أنه انتصر؟

الحديث عن الفشل ليس جلد ذات… بل أول خطوة في منع تكراره.

**

ثالثا: لماذا الفشل بعد ١٠ سنوات حرب؟

**

لم نفشل عسكريا فقط… بل فشلنا مفاهيميا.

هذا المقال كله قائم على:

“أن عوامل النصر لم تُدرس أصلا.”

الإجابة على هذا السؤال، قادتني إلى الانهماك ساعات طويلة في عوامل الانتصار في أي حرب في أي مكان، ثم تطبيقها على تفاصيل ال ١٠ سنوات الماضية الواضحة للعيان.

**

رابعا : ما الذي نحتاجه لهزيمة الحوثي؟

**

لا حاجة لأسلحة حديثة ولا تكنولوجيا.

المعارك الشهيرة على مدى التاريخ، كانت أحيانا بسبب سلاح متقدم يوفر ميزة تكتيكية، ولكن حرب اليمن الحالية لا تحتاج لأي من هذا.

— طالبان هزمت أمريكا بدون طائرات، بدون دبابات، بدون صواريخ…

بل بتنظيم، وصبر، وانسجام داخلي، ووضوح هدف.

— حزب الله 2006، واجه أحد أقوى جيوش العالم بأسلحة بسيطة، لكنه كان يمتلك: قرار واحد، قيادة واحدة، ولاء واحد.

— حزب الله ٢٠٢٤، تمت هزيمته مخابراتيا أولا والباقي أصبح مجرد إتمام للمهمة.

— الفيتكونغ في فيتنام: أمريكا استخدمت السلاح الأحدث في زمنها… وهُزمت أمام “إرادة” و“تنظيم” و“خطاب سياسي” و“حاضنة مجتمعية”

— حرب اليمن، لا تحتاج أسلحة متقدمة لأن الصراع في اليمن ليس صراع طائرات، بل صراع بيئة بشرية

الحوثي يعيش ويتغذى على الفراغ السياسي + غياب الدولة + الانقسامات + الفساد + ضعف الخطاب.

— الحوثي ينتصر باستخدام: — الأمر الواقع— الانضباط الداخلي— بساطة القيادة (مركز واحد، قرار واحد)— استغلال خصومه أكثر من مواجهة خصومه— غياب مشروع مقابل.

هذه كلها عوامل سياسية ـ نفسية ـ تنظيمية، وليس لها علاقة بـ F-15 أو F-35

— الحوثي مشروع فكري-اجتماعي-تنظيمي أكثر منه مشروع عسكري.

والمشاريع من هذا النوع تُهزم بـ : — تفكيك الداخل— نزع الشرعية الدينية— سحب الحاضنة— خنق الموارد— تجفيف مصادر القوة— كسب القبائل— خلق نماذج محترمة في المناطق المحررة— بناء بديل سياسي حقيقي— إصلاح الشرعية نفسها.

هذا كله ليس بحاجة لسلاح متطور، بل بحاجة لقيادة متطورة

— الرئيس صالح، لم يستطع شيئا بأسلحته المتقدمة ضد الحوثيين البدائيين في حروب صعدة الستة.

— الرئيس صالح، فقد حياته على أيدي الحوثيين البدائيين بأسلحة شخصية.

—اليمن كلها، تفيض بالأشداء بالملايين أضعاف أضعاف ما مع الحوثيين من المقاتلين ويتشوقون لتخليص اليمن.

**

خامسا ما الذي يحتاجه الانتصار؟

**

الانتصار يحتاج: أهداف سياسية محددة— تفوق استراتيجي وتكتيكي— قيادة قوية وروح معنوية— شؤون عملياتية وعسكرية— إمدادات ولوچيستيات مستدامة.

**

سادسا: عوامل استراتيجية وسياسية

**

١- هدف واحد واضح

*

كلاوزفيتز:، يقول: “إذا سارت الاستراتيجية السياسية باتجاه… والعمليات العسكرية باتجاه آخر… ستفشل الحملة.”

أهم عامل هو أن يتواجد هدف واحد، لا جدال حوله ويمكن تحقيقه.

العدو الحوثي، معه قائد واحد، وجيش واحد، وهدف واحد واضح، وهو: “استعباد اليمنيين”.

— هل هناك جيش يمني: واحد وواضح؟

— هل أهداف كل أعضاء مجلس الرئاسة: واحدة وواضحة؟

— هل معنا رئيس واحد واضح؟

— هل أهداف السعودية والإمارات: واحدة وواضحة؟

— إنهم يقولون أن الهدف، هو تحرير صنعاء من الكهنوتية الحوثية والإمامة العنصرية والهيمنة الإيرانية، ونحن نحتاج رأيكم أنتم في الموائمة بين ما يقولون وما يفعلون.

٢- الاستراتيجية والتخطيط

*

موائمة الهدف الإجمالي للحرب مع أفضل طريقة لتحقيق الهدف، من خلال تجزيئ الأهداف إلى سلسلة من الأهداف الصغيرة.

هذا يحتاج أن تعرف نقاط قوتك ونقاط ضعفك ونفس الشيئ عن العدو.

صن تزو، يقول: “اعرف نفسك… واعرف عدوك… وعندها لن تُهزم في مئة معركة.”

يبدو أن الحوثي يعرف نفسه ويعرفنا نحن ويعرف حلفاءنا بطريقة أفضل.

— هل تخترق جيوش الشرعية العديدة صفوف الحوثيين استخباراتيا؟ وهل تعرف نقاط قوتهم وضعفهم؟

— الحوثيون، يعيشون هذه الأيام أسوأ أيام حياتهم وأضعف أوقاتهم. هل رؤساءنا لا يعرفون؟ وإذا كانوا يعرفون، فكيف سيستغلون هذا الضعف؟

٣- الحلفاء

*

كلاوزفيتز يحذّر من:

“تناقض الأهداف السياسية بين الحلفاء.”

“أما إذا معنا تحالف كل طرف له مشروعه، فالمعادلة = لا نصر.”

الحصول على الحلفاء المناسبين في الوقت المناسب، هو غاية في الأهمية للدعم والموارد والعمق الجغرافي.

إنظر إلى دعم الرئيس بايدن لأوكرانيا ثم إنهاء الدعم على يد الرئيس ترامب، وكيف تشقلبت أحوال الأوكرانيين.

وانظر إلى دعم أمريكا لإسرائيل في كل الحروب.

ولن نذكر حلفاء اليمن إلا بكل خير، لأننا مازلنا بحاجتهم.

لكن حاجتنا لهم لا تعني الصمت عن اختلاف الرؤى

٤- الشرعية والرأي العام

*

هذين العاملين لا غنى عنهما.

اليمن الشرعية، قد اسمها شرعية ولا تحتاج للطنطنة والتطبيل.

المشكلة، هي في الرأي العام.

نحن نصيح بأعلى صوتنا طوال ١٠ سنين يجب “كسب عقول وقلوب الناس”.

لم يكسبوا عقل وقلب شخص واحد في أي مكان داخل اليمن المحررة أو المحتلة.

**

سابعا: شؤون عملياتية وعسكرية

**

١- العقيدة القتالية والرغبة بالحرب

*

صن تزو، يقول: “العقيدة القتالية أقوى من السلاح.”

يجب أن تكون عالية عند الجنود والسكان المدنيين وهؤلاء يستلهمونها من القيادة والهدف المشترك، ليتقبلوا مواجهة الخسائر والقبول بالتضحيات.

الحرب تنتهي عندما يبدأ أحد الأطراف بعدم قبول الخسارة وعدم الرغبة بالاستمرار بالقتال.

— انظر إلى الروسي بوتين وشعبه في حرب أوكرانيا، وانظر إلى الإسرائيلي نتنياهو وشعبه في حروبهم ضد غزة ولبنان وسوريا وإيران. إنهم يخسرون السمعة والمال بجانب الرجال، ويقبلون.

— يمكنك بعدها إما تنظر إلى اليمن أو لا تفعل، وإما ترحم نفسك ولا تفعل.

٢- قيادة ميدانية كفؤة

*

كفاءة وخبرات القادة، حيوية لاتخاذ القرار السليم في الوقت المناسب وابتكار استراتيجيات إبداعية ومهارات في التكتيكات.

— لن ندخل في هذا الباب، لأن ما حدث لنا خلال ١٠ سنوات مثير للآلام والأحزان.

٣- تركيز القوة

*

تركيز قوة مهولة في مكان محدد وفي التوقيت المناسب هو أحد أهم مفاتيح الانتصار في الحرب.

— هل هذا يحدث في اليمن؟ أو نتوقع أن يحدث؟

٤- المباغتة والمبادرة

*

يجب أن تكون معك اليد العليا في الهجوم والمباغتة وتستفز العدو للرد حيث تختار أنت بدلا من الانتظار لهم ليملوا علينا مكان ووقت ونوع الاشتباك الذي يناسبهم.

— من الذي يباغت ويبادر؟ نحن أم الحوثيون؟

— من الذي يدافع دائما؟ ومن الذي يهاجم دائما منذ اتفاق ستوكهولم ؟

٥- عنصر المفاجأة

*

صن تزو:، يقول: القائد الماهر يكسب بدون قتال… عبر اختيار الوقت والمكان.”

لا تسمح أبدا للعدو أن يحصل على ميزات ميدانية غير متوقعة.

ضرب العدو من حيث لا يتوقع، يغير موازين القوى بصورة درامية.

{{ هذا هو ما فعله الحوثي بضرب موانئ تصدير النفط والغاز في حضرموت وشبوة وغير موازين القوة مع الشرعية والتحالف بصورة درامية.}}

٦- المرونة وإعادة التموضع

*

كلاوزفيتز يحذّر من ضباب الحرب.

يمكن أن تغير وضعك من وقت لآخر.

لا شيء يجري كما هو مكتوب.

قد تحتاج خلق أوضاع مؤلمة للعدو من خلال تحريك القوات بمرونة وإعادة تموضعها في المواقع.

— معنا مشكلة في مصطلح إعادة التموضع.

مصطلح “إعادة التموضع”، قد أصبحت له رنَّة مؤلمة بعدما استعملوه لتغطية هزيمة أو انسحاب غير مبرر.

هذا حدث بعد سقوط موقع ” فرضة نهم” الحصين والانسحاب إلى مفرق الجوف، ثم الانسحاب التالي ومن بعدها سقوط محافظة الجوف.

ويزداد الألم من إعادة التموضع بالإنسحاب من مدينة الحديدة ١٠٠ كم على البحر إلى مشارف الخوخة، وإعطائها مجانا للحوثي.

إعادة التموضع ليست مشكلة… المشكلة هي الكذب باسم إعادة التموضع.

**

سادسا: الإمداد والتموين واللوجستيات

**

نابليون يقول: “الجيوش تمشي على بطونها.”

١- الاستدامة بالإمداد

*

أهم عوامل تحقيق الانتصار.

يشمل القدرة على الانتاج المحلي، والمحافظة على سلسة الإمداد والكوادر والطعام والوقود والميزانية والسلاح والتجهيزات والمعدات اللازمة لاستمرار العمليات العسكرية.

— لن ندخل في هذا الباب لأن ما نسمعه وما نراه عن أبناءنا في الجبهات يؤلمنا ويقلقنا ويضنينا.

٣- الإختراق المخابراتي

*

“صن تزو كرّس فصلا كاملا من كتابه للجواسيس.”

لا حرب بدون استخبارات ومعلومات عن العدو، لمعرفة نواياه ولرسم الخطط بحسب نقاط الضعف والقوة وعلى أساس كسر المفاصل ومحاور الارتكاز.

خاتمة

*

في الوضع النهائي؛ الانتصار يحتاج خلطات من كل هذه العوامل يتم إعادة ضبطها على حسب حاجة كل جبهة وكل معركة، لأن المواقف تتغير وتختلف فتحتاج لمقاربات مختلفة.

عشر سنوات تقول لنا شيئا واحدا:

“الانتصار ليس أمنية… بل معادلة.”

الشرعية لم تنهزم أمام الحوثي…

بل أمام نفسها.

 

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مهندس أمن عبدالملك الحوثي… غارة إسرائيلية تنهي مسار الطبطبائي بعد مهمته في اليمن

حشد نت | 1047 قراءة 

شلل قيادي في صنعاء.. قيادات الحوثي تختفي وسط الغارات الإسرائيلية

حشد نت | 823 قراءة 

ورد الآن.. نجاة محافظ تعز وقائد محور طور الباحة من كمين مسلح في طريق هيجة العبد غربي لحج

بران برس | 693 قراءة 

الرواية الرسمية لمحاولة اغتيال محافظ تعز وقائد محور طور الباحة.. مقتل 5 مرافقين و2 مهاجمين

بران برس | 656 قراءة 

اقتراب لحظة الانفجار: معركة الحوثيين القادمة ستكون من الداخل

الناقد برس | 571 قراءة 

نجاة محافظ تعز وقائد محور طور الباحة من محاولة اغتيال ومقتل أحد المرافقين

تهامة 24 | 486 قراءة 

مؤشرات بيئية مقلقة تتكشف تدريجيًا.. آخر مستجدات رماد بركان “هايلي غوبي” الذي اجتاح أجواء اليمن

بران برس | 461 قراءة 

شاهد كيف أصبحت مناطق في ذمار جراء التساقط الكثيف للرماد البركاني الأسود (فيديو)

المشهد اليمني | 427 قراءة 

عاجل .. مصادر تكشف عدد الضحايا والجهة التي حاولت استهداف محافظ تعز وقائد محور طور الباحة  في المقاطرة 

العاصفة نيوز | 351 قراءة 

رابطة جرحى الجيش في مأرب تعلق اعتصامها وتسرد عدد من المطالب التي تم الاستجابة لها

بران برس | 346 قراءة