اقتراب لحظة الانفجار: معركة الحوثيين القادمة ستكون من الداخل
تشهد جماعة الحوثي في الفترة الأخيرة حالة متصاعدة من التوتر والانقسامات داخل صفوفها، حيث بدأت الخلافات بين قياداتها تتضح بشكل أكبر، وأصبح كل طرف يسعى لتحقيق مصالحه الشخصية على حساب الجماعة والمشروع الذي يدّعون تمثيله. فالمعركة لم تعد مجرد صراع مع أطراف خارجية أو مع الحكومة الشرعية والقوى المناهضة لهم، بل تحولت إلى صراع داخلي على النفوذ والثروة والسلطة.
ويعلم قادة الجماعة أن استمرار الحرب، الخارجية أو الداخلية، يمثل غطاءً مثالياً لهم لإخفاء فسادهم ونهبهم للموارد عن الشعب اليمني. كما يعلمون أن أي استقرار نسبي في مناطق سيطرتهم سيكشف حجم الفساد والسرقات التي يمارسونها، حيث سيبدأ المواطنون فجأة بالتفكير في حقوقهم الأساسية والخدمات التي حرمتهم الجماعة منها منذ سنوات طويلة، وسيبدؤون بمساءلة الحوثي عن الكهرباء والمياه والخدمات الصحية والمدارس والأمن.
وعندها سيظهر بوضوح كيف أن قيادات الجماعة استغلت الحرب لتحقيق مكاسب شخصية ضخمة على حساب اليمنيين الذين يرزحون تحت الحصار والفقر والجوع. ويضاف إلى ذلك النزعة الفردية لدى قادة الجماعة، حيث يسعى كل واحد منهم إلى منصب أكبر يضمن له تحقيق أرباح مالية سريعة وكبيرة، متذرعاً بتضحيات منطقته أو بمدى مشاركته في القتال والخدمات التي قدمها للجماعة خلال السنوات الماضية.
وهذا بدوره يخلق بيئة خصومة وتنافس داخلي مستمر، لأن كل قائد يرى أن الآخر يحاول الاستيلاء على حصته "الشرعية". ومع تراكم الأموال المنهوبة وازدياد الطمع بين القادة ستظهر الانقسامات بشكل أكبر، وستبدأ المصالح المشتركة التي تجمعهم الآن في التفكك. فالجماعة مبنية على الولاءات الشخصية والمصالح الضيقة، وليس على مؤسسات حقيقية أو نظام قضائي قادر على تنظيم الصراعات الداخلية، وهذا يجعل من الانفجار الداخلي أمراً حتمياً.
وستبدأ القيادات بالتناحر على المكاسب المالية والمناصب، وسينعكس ذلك على استقرار الجماعة في مناطق سيطرتها. ومع كل صراع داخلي ستفقد الجماعة القدرة على السيطرة على الناس وإدارة المناطق بشكل فعال. وهذا الانهيار الداخلي سيكون في صالح اليمنيين الذين عانوا طويلاً من بطش هذه الجماعة وسرقاتها ونهبها لموارد البلد.
فالانقسامات الداخلية بين قيادات الحوثي تعني أن الهيكل التنظيمي للجماعة لم يعد صامداً، وأن نهاية هذه العصابة أقرب مما يعتقدون. وستبدأ معها مرحلة إعادة ترتيب المشهد اليمني بعيداً عن الفساد والاستبداد الذي فرضته الجماعة، وستظهر الفرص لإعادة بناء الدولة وخدماتها الأساسية. ومن منظور أي يمني يعاني من الحرب والجوع والدمار، فإن انهيار الحوثيين من الداخل يمثل فرصة نادرة لتحرير المناطق والسيطرة على الموارد بشكل عادل وتخفيف معاناة الشعب.
لذلك فإن كل خلاف داخلي بين القيادات هو في حد ذاته مؤشر على قرب نهاية المشروع الحوثي، ويفتح الباب أمام تحولات مهمة على المستوى السياسي والمجتمعي في اليمن. ومن المؤكد أن استمرار هذه الصراعات الداخلية سيؤدي إلى تفكك الجماعة بالكامل إذا لم تتمكن قياداتها من احتواء النزاعات، ومع كل يوم يمر يصبح انهيارها أكثر حتمية، مما يعطينا كمواطنين يمنيين أملاً متجدداً في أن نرى يوماً ما اليمن بعيداً عن هذه العصابة التي لم تجلب سوى الدمار والمعاناة على مدى سنوات طويلة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news