تعيش الأوساط اليمنية حالة من الترقب الممزوج بالقلق في آن واحد، وذلك على إثر الأنباء المتداولة حول وصول تأثيرات بركان "هايلي غوبي" الإثيوبي إلى الأجواء اليمنية.
هذه الظاهرة، التي تُعد سابقة تثير الاهتمام العام، كشفت عن فجوة كبيرة بين التحذيرات العلمية المتخصصة، والواقع الميداني المعاش، وصمت الجهات الرسمية، مما فتح المجال واسعاً أمام الاجتهادات الشخصية والمخاوف الشعبية.
وفي سياق الرصد العلمي، أوضح المركز اليمني للإعلام الأخضر تفاصيل المشهد الجيولوجي، مشيراً إلى أن البركان الواقع في منخفض عفار بإثيوبيا يظهر نشاطاً متقطعاً منذ يوليو 2025، مع تصاعد ملحوظ في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكبريت (SO_2) خلال الأيام القليلة الماضية.
ورغم أن صور الأقمار الصناعية وتقارير المراكز العالمية تؤكد أن سحب الرماد لا تزال محصورة إلى حد كبير في الأجواء الإثيوبية ولم تشكل خطراً مباشراً على الملاحة اليمنية، إلا أن المركز حذر من "الخطر الصامت" المتمثل في الانبعاثات الغازية التي قد تحملها الرياح نحو السواحل اليمنية.
وانتقد بشدة الغياب الرسمي للهيئة اليمنية للمساحة الجيولوجية التي لم تصدر أي توضيح يقطع الشك باليقين أو يوجه المواطنين بكيفية التعامل مع أي ملوثات محتملة.
وعلى النقيض من لغة التحذير العلمي، نقل الصحفي عبدالعزيز محمد الصبري صورة مغايرة في مدينة تعز، حيث بدد المخاوف المتداولة ، مؤكداً أن سماء المدينة صافية تماماً وخالية من أي آثار للغبار أو الرماد البركاني.
وأشار عبر فيسبوك إلى أن الصباح كشف عن شوارع خالية من أي مظاهر للكارثة، داعياً الناس لعدم الخروج من باب الاحتياط.
ورغم تطمينات الواقع الميداني، ظلت أصوات التحذير حاضرة، حيث أبدى الصحفي معين النجري والناشط يوسف الهبوب مخاوف جدية من "الغبار الأسود" وتلوث الأجواء بالأتربة البركانية.
ودعت هذه الأصوات إلى ضرورة اتخاذ أقصى درجات الحيطة، خاصة لمن يعانون من أمراض تنفسية، ووصلت المطالبات إلى حد المناداة بتعليق الدراسة في المدارس حفاظاً على صحة الأطفال، والالتزام بارتداء الكمامات كإجراء وقائي ضروري حتى انجلاء الموجة المحتملة وتأكد سلامة الهواء.
ولم يخلُ المشهد من الطرافة الممزوجة بالمرارة، حيث عبر رئيس تحرير صحيفة "عدن الغد"، فتحي بن لزرق، عن دهشته من الحظ الذي يلاحق اليمنيين. وتساءل بن لزرق بتهكم كيف أن بركاناً ينفجر في عمق إثيوبيا، التي تحيط بها ثماني دول، تختار حممه وغباره تجاهل الجميع والتوجه حصراً نحو اليمن، معتبراً ذلك دليلاً آخر على النصيب الوافر لليمن من الكوارث والأزمات، وداعياً الله بلطف أن يرفع عن البلاد هذه الدعوات المستجابة بالبلاء.
ومن زاوية طبية بحتة، شدد الطبيب محمد الصرمي على حساسية الجهاز التنفسي تجاه أي أجسام غريبة، سواء كانت ملوثات بركانية أو غيرها.
واستعرض الصرمي حالات طبية حرجة لأطفال عانوا من التهابات رئوية حادة نتيجة استنشاق أجسام دقيقة كبطاريات الساعات أو البذور، ليؤكد أن استنشاق أي "جسم غريب" يستدعي تدخلاً طبياً عاجلاً عبر منظار القصبة الهوائية لتفادي المضاعفات، وهي نصيحة تكتسب أهمية مضاعفة في ظل الحديث عن تلوث الهواء بجزيئات دقيقة قد لا تُرى بالعين المجردة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news