تختفي قيادات رفيعة في جماعة الحوثي بينها نائبي رئيس حكومة الجماعة غير المُعترف بها، منذ وقوع الهجمات الإسرائيلية التي قضت على رئيس الحكومة أحمد غالب الرهوي وتسعة من الوزراء كانوا مُجتمعين في أحد المباني جنوبي العاصمة صنعاء، قبل أكثر من شهرين، حين أسقطت المُقاتلات الإسرائيلية عليهم أطنانا من القذائف الأشد تدميراّ، في ظل قيود شديدة تفرضها الجماعة حول وضع أبرز قادتها.
فيما يتحرّك القيادي محمد مفتاح، المُعين نائبا أول لرئيس حكومة الجماعة الذي نجا من تلك الضربة الموجعة وكلّفته قيادة الجماعة قائما بمهام حكومتها، في أنشطة وفعاليات معظمها فكرية وبعض الزيارات والاجتماعات الثنائية الرسمية.
مفتاح، كان قد تحدث في وقت سابق عن نجاته "بأعجوبة" من الضربة، وظهر خلال مراسيم تشييع جثامين
رئيس وأعضاء الحكومة
وعليه آثار جروح بسيطة في رأسه ووجهه.
وفيما لم تُعيّن قيادة الحوثية حكومة بديلة، يفشل مفتاح في عقد اجتماعات مُعلنة لمن تبقى من الأعضاء ونواب الوزراء الذين أوكلت لهم الجماعة مهام تسيير الوزارات، ومعظمهم عينوا بمعايير الولاء والقرابة وينتمون لطبقة العوائل الهاشمية، وكانوا هم الوزراء فعليا وأكثر نفوذاً من وزراء تم تعيينهم لاعتبارات سياسية من خارج الهياكل الحوثية.
محمد مفتاح خلال حضوره مراسيم تشييع الحكومة الحوثية
ويختفي القيادي محمد حسن المداني، المُعين نائبا لرئيس الحكومة الحوثية ووزيرا للإدارة والتنمية المحلية منذ وقوع الضربة، ولم يُسجل له أي ظهور، في وقت تتحدث تقارير أنه كان حاضرا الاجتماع المُستهدف في الغارات، واحتمالات أنه قد أُصيب، وسط تكتم تفرضه الجماعة حول وضعه.
المداني، هو من مواليد محافظة حجة، وهو شقيق القيادي العسكري
يوسف المداني
الذي عيّنته الجماعة رئيساّ لهيئة أركان قواتها خلفا ل
محمد عبدالكريم الغُماري
الذي لقي مصرعه ومعه نجله وثلاثة من حراسته في الهجمات. وتتحدث مصادر أن يوسف المداني لم يتسّلم مهامه الجديدة.
وكان آخر نشاط رسمي تم رصده لمحمد المداني قبل خمسة أيام من وقوع الضربة، إذ نشرت وسائل إعلام الجماعة ترأسه يوم 23 أغسطس، اجتماعا لمناقشة تعزيز العمل التنموي والتعاوني، حضره نائبه ناصر حسين المحضار، الذي سُجلت له بعض الأنشطة الوزارية خلال غياب المداني.
محمد المداني
في ذات الصعيد، يختفي القيادي جلال علي الرويشان، المُعين برتبة فريق، نائباً لرئيس حكومة الحوثية لشؤون الدفاع والأمن منذ نوفمبر 2016م، والمُعين رئيساً للجنة الأمنية والعسكرية العليا منذ فبراير 2017.
وكانت مصادر "ديفانس لاين" أفادت في وقت سابق أن الرويشان، وهو ضابط مخابرات سابق وكان محسوبا على الرئيس الأسبق علي صالح وحزبه المؤتمر الشعبي ومُنحدر من منطقة خولان محافظة صنعاء، قد أصيب في الضربة الاسرائيلية، حيث كان في طريقه إلى مكان الاجتماع، ووقعت الضربات أثناء وصوله قرب المنزل المُستهدف. وتحدثت مصادر طبية حينها أنه نُقل لتلقي العلاج في المُستشفى، وأن إصابته لم تكن خطيرة.
وفيما
تفرض الجماعة قيودا حول وضع الرويشان
، تُفيد مصادر دفاعية وطبية تحدثت لمنصة "ديفانس لاين" أنه لا يزال يخضع للعلاج، دون تقديم تفاصيل أكثر حول حجم الإصابة وطبيعة حالته الصحية.
ولم يُسجل للرويشان أي ظهور علني منذ وقوع الضربة الاسرائيلية يوم 28 أغسطس، وتكتفي وسائل إعلام الحوثية بتداول تصريحات وبرقيات مكتوبة على لسانه. وقد كان آخر ظهور علني له خلال حضوره مع رئيس حكومة الجماعة أحمد الرهوي فعالية أقامتها وزارة الداخلية بمناسبة المولد النبوي، قبل خمسة أيام من وقوع الضربة.
جلال الرويشان
والحال نفسه في وضع وزير داخلية الحوثية عبدالكريم أمير الدين الحوثي، عم زعيم الجماعة، المُختفي هو الآخر منذ وقوع الهجمة الاسرائيلية.
ويُفيد مصدران لمنصة "ديفانس لاين" أن عبدالكريم يخضع للعلاج في المستشفى منذ إصابته في الغارات، وأن حالته الصحية "متدهورة".
وقد كان آخر ظهور مُعلن له خلال رئاسته اجتماعا أمنيا بقيادة الوزارة في 17 أغسطس، خُصص لمناقشة الترتيبات الأمنية لفعالية المولد النبوي. فيما يتولى نائبه عبدالمجيد صغير أحمد المُرتضى، المُنحدر من صعدة، مهام تسيير الوزارة.
عبدالكريم الحوثي وإلى يساره نائبه المرتضى في فعالية طائفية
والحال نفسه، مع وزير دفاع الجماعة اللواء محمد ناصر العاطفي، المُنحدر أيضا من خولان صنعاء، الذي أفاد مصدر دفاعي لـ"ديفانس لاين" أنه يرقد في المستشفى ولا يزال يخضع للعلاج منذ إصابته في الضربات الإسرائيلية، ولم يتمكن من مزاولة أي عمل طوال الأيام الماضية.
وتحدث مصدر طبي في وقت سابق أن
العاطفي قد خضع لعدة عمليات جراحية "مُعقدة"
وأن حالته "غير مستقرة". فيما أشارت مصادر لديفانس لاين أن قيادة الجماعة أوكلت إلى رجال الظل مهام تسيير الوزارة.
وخلال الأسابيع الماضية ظهر وزراء في حكومة الحوثيين نجوا من الضربات وخضعوا للعلاج وعادوا لمزاولة عملهم، أبرزهم حسن عبدالله يحيى الصعدي، المُعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي، وهو من صعدة وأحد القيادات النافذة والمُتشددة، وكانت مصادر أفادت في وقت سابق أنه أُصيب في الضربة وخضع للعلاج في المستشفى. وأعلنت وسائل إعلام أول ظهور علني له يوم 27 أكتوبر في اجتماع بقيادة الوزارة، وقد ظهر قبل أيام يتحدث لأنصار الجماعة في فعالية فكرية مُتحدثاً أنه نجا من تحت الأنقاض.
والحال ذاته، مع القيادي علي شيبان، المُعين وزيرا للصحة الحوثية، الذي ظهر في سبتمبر الماضي، ومثله القيادي محمد قُحيم، المعين وزير للنقل، وكذلك عبدالله الأمير، المعين وزيرا للنفط.
وتفرض الجماعة قيودا غير مسبوقة من التعتيم على وضع زعيمها قياداتها الرفيعة، قد يفهم في إطار محاولات الحوثية لإدارة فراغٍ ثقيلٍ في مفاصلها الحيوية دون الإقرار به علناً، ويفتح الباب أمام مزيد من التكهنات بشأن مصير أبرز القيادات النافذة في حكومتها، كما يعد مؤشراً على حجم الارتباك الذي أصاب بنيتها القيادية عقب تلك الضربات.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news