في ظاهرة تثير القلق المتزايد، حذّر قطاع الصيدلة من تنامي خطير لإقبال بعض سائقي الحافلات والشاحنات على شراء المنشطات الدوائية التي تستهدف الجهاز العصبي المركزي (CNS)، بهدف تحمل ساعات القيادة الشاقة والممتدة دون الحاجة للنوم. وأكد الصيادلة أن هذا السلوك القاتل لم يعد فرديًا، بل بات يشكل تهديدًا مباشرًا ووشيكًا على حياة السائقين أنفسهم، وآلاف المسافرين، ومستخدمي الطرق.
وكشف أحد الصيادلة، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، عن حجم الظاهرة التي يلمسها يوميًا على أرض الواقع. وقال في تصريح للمشهد اليمني "نتعامل مع حالة شبه يومية، حيث يراجعنا عدد من السائقين، وخاصة الذين يعملون على الخطوط الطويلة والمتعبة مثل خط عدن - صنعاء - الحديدة، طالبين بصورة ملحة ما يسمونه 'حبوب منشطة' أو 'حبوب يساعدوني على السهر'".
وأضاف الصيدلي أن محاولاته لتوجيههم نحو بدائل آمنة غالبًا ما تقابل بالرفض والإصرار. "نحاول أن نقدم لهم فيتامين سي أو مسكنات خفيفة لتخفيف التعب، لكنهم يصرّون على الحصول على منشطات قوية، ويعترف البعض منهم أنهم يحصلون عليها بسهولة من صيدليات أخرى لا تلتزم بالقوانين".
وشدّد الصيدلي على أن المسؤولية لا تقع على السائق وحده، بل تمتد لتشمل من يصرف هذه الأدوية دون وصفة طبية. وقال بحسرة: "أرفض دائمًا صرف أي منشط من هذا النوع دون وصفة طبية معتمدة، لأن الخطر كبير جدًا، والذنب في أي حادث أو جريمة قد تقع سيكون مشتركًا. لا يمكنني أن أكون سببًا في إهدار أرواح无辜ة".
وأوضح أن القانون ينظم صرف هذه المواد الخطرة، وأن أي تجاوز يعرض الصيدلي للمساءلة القانونية والأخلاقية، حيث يعتبر شريكًا في المسؤولية عن العواقب الوخيمة التي قد تنتج عن استخدامها بشكل غير سليم.
وعن التأثيرات الجانبية لهذه المنشطات، فصّل الصيدلي خطورتها قائلاً: "هذه الأدوية لا تمنح السائق طاقة حقيقية، بل هي بمثابة قرض يأخذه من جسده. تؤدي إلى تسارع خطير في ضربات القلب، وارتفاع ضغط الدم، وقد تسبب الهلوسة البصرية والسمعية، وفقدان التركيز الكامل على الطريق".
وأخطر ما في الأمر، وفقًا للصيدلي، هو ما يعرف بـ "فترة الارتداد" أو "السحب"، حيث يزول مفعول المنشط فجأة، مما يسبب نعاسًا مفاجئًا وقويًا قد يصيب السائق وهو خلف عجلة القيادة، وهو ما يضعه في موقف أكثر خطورة من التعب الطبيعي.
وتأتي هذه التحذيرات لتدق ناقوس الخطر، مما يستدعي تدخلاً عاجلاً من الجهات المعنية، بما في ذلك وزارة الصحة وهيئة الأدوية والسلطات المرورية، لوضع ضوابط رقابية مشددة على صرف هذه الأدوية، وتنفيذ حملات توعية مكثفة للسائقين حول المخاطر الصحية والقانونية المترتبة على استخدام هذه المنشطات، مع التأكيد على أهمية الالتزام بفترات الراحة المحددة لضمان سلامة الجميع على الطرق.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news