أكد مجلس الوزراء اليمني، الأحد، المضي في برنامج الإصلاحات الاقتصادية بعزيمة أقوى لتعزيز حضور مؤسسات الدولة، في الوقت الذي وجه رئيس الحكومة سالم بن بريك بترشيح قيادات جديدة للصناديق الإيرادية من ذوي الكفاءات.
جاء ذلك خلال اجتماع لمجلس الوزراء في العاصمة المؤقتة عدن، برئاسة رئيس المجلس سالم صالح بن بريك، لمناقشة عدد من القضايا وأبرز المستجدات في مختلف المجالات، إضافة إلى التداول في الموضوعات المدرجة على جدول الأعمال واتخاذ عدد من القرارات بشأنها.
وقال رئيس الوزراء إن الحكومة تعود بعزيمة أقوى واستعداد كامل لاستكمال مسار الإصلاح الاقتصادي والمالي والإداري وتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها، موضحاً أن الإصلاحات التي أطلقتها الحكومة ليست خياراً مؤقتاً ولا استجابة ظرفية، بل خياراً وطنياً حتمياً، ومساراً استراتيجياً لإنقاذ الاقتصاد وإعادة بناء مؤسسات الدولة، وفقا لوكالة سبأ الحكومية.
وأضاف: "ومن هذا المنطلق جاء صدور قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 11 لسنة 2025م بالموافقة على خطة أولويات الإصلاحات الاقتصادية الشاملة والذي يستهدف إعادة تنظيم الإيرادات العامة وتوحيد القنوات المالية، وضبط العلاقة مع السلطات المحلية، وإلغاء الرسوم غير القانونية، وإغلاق المنافذ المستحدثة، وتعزيز الرقابة والمساءلة".
وشدد بن بريك، على أهمية أن يكون قرار مجلس القيادة الرئاسي بالموافقة على خطة أولويات الإصلاحات الاقتصادية الشاملة منعطفاً حقيقياً في مسار الدولة، وأداة لتصحيح الخلل المتراكم في منظومة الإدارة والاقتصاد، وأن يتحوّل من نصٍّ مكتوب إلى واقع ملموس يلمسه المواطن في الخدمات والأسعار وفرص العمل والعدالة المالية.
ووجه رئيس الوزراء بالبدء فوراً بإصلاح شامل لعمل الوزارات والهيئات والمصالح الحكومية، وتفعيل قانون التدوير الوظيفي، وتطبيق مبدأ المحاسبة بلا استثناء، وبناء منظومات عمل حديثة تقوم على الكفاءة والانضباط والأداء، لا على المجاملة أو المحاصصة أو الاسترضاء، وقال "الدولة لن تستقيم ما لم تُفعَّل مؤسساتها، ولن تكتسب ثقة الناس ما لم يروا أثر الإصلاح في معاملاتهم وخدماتهم اليومية".
وأكد أن اختيار القيادات والكفاءات داخل مؤسسات الدولة يجب أن يستند إلى معايير مهنية فقط، مشيرا إلى أن "مكافحة الفساد ليست شعاراً سياسياً بل واجباً وطنياً وأخلاقياً وقانونياً"، متعهدا بـ "محاسبة كل من يقصّر أو يتستر أو يتساهل في هذا الملف".
ووجه بن بريك بسرعة ترشيح قيادات جديدة للصناديق الإيرادية، على أن يتم الرفع بثلاثة مرشحين لكل منصب مع مراعاة معايير الكفاءة والنزاهة والخبرة، مؤكداً على أهمية الحوكمة الحقيقية لعمل الصناديق والوضوح في الإيرادات والمصروفات.
ولفت إلى أن التوسع غير المبرر في سفريات الوزراء والمسؤولين للمشاركات الخارجية دون ضرورة ملحّة لن يسمح باستمراره، مضيفا: "سيتم تقليص السفر الخارجي إلى أدنى مستوياته، ولا يُسمح بأي مشاركة خارجية إلا عند الضرورة القصوى، وبعد تقييم العائد الوطني منها، وبموافقة مسبقة وواضحة، ووفق أولويات الدولة لا أولويات الأفراد".
وعبر رئيس الوزراء عن التفهم الكامل لمعاناة المواطنين والمواطنات، وكيف أثّرت الظروف الاقتصادية على حياتهم اليومية، متعهدا بمواصلة الحكومة العمل بكل الوسائل الممكنة للتخفيف من هذه المعاناة.
وقال: "نعمل على تحسين الخدمات الأساسية في الكهرباء والمياه والصحة والتعليم، ونتابع بجدّ ملف انتظام صرف المرتبات للمدنيين والعسكريين والأمنيين، لأن الراتب حق مقدّس لا يجوز أن يُمسّ أو يتأخر، وقد باشرنا مؤخراً العمل على صرف الرواتب المتأخرة، كما نتابع باستمرار استقرار الأسعار وسعر صرف العملة الوطنية، وننسق مع الجهات المختصة لاتخاذ الإجراءات الكفيلة لضمان استمرار تعزيز الثقة بالعملة، وتشديد الرقابة على أسعار السلع والخدمات".
وأضاف: "قد لا تتحقق النتائج بالسرعة التي نرجوها جميعاً، لكننا نسير بخطى واثقة وثابتة نحو إصلاح حقيقي لا تجميل مؤقت، وثقوا أن حكومتكم تعمل بكل الوسائل والإمكانات المتاحة، وأننا سنمضي معاً رغم الصعاب نحو غدٍ أفضل بإذن الله".
وجدد رئيس الوزراء التنبيه من الخطر الحقيقي الذي يهدد الجميع والمتمثل في الحرب المفتوحة مع جماعة الحوثي، والتي تستهدف وجود الدولة وهوية الوطن ومستقبل اليمنيين جميعاً، وأمن واستقرار المنطقة والعالم، مشدداً على ضرورة أن لا تلهينا حساباتنا الصغيرة عن هذا الخطر الوجودي، وأهمية استعادة بوصلة المعركة وترتيب الأولويات الوطنية.
وأردف: "إذا انهارت الدولة فلن ينجو أحد، وإذا انتصرت المليشيا فسيخسر الجميع، وعدونا الحقيقي هو من يرفع السلاح في وجه اليمنيين لا من يختلف معنا في الرأي داخل مؤسسات الدولة".
وأشاد بن بريك بدور القوات المسلحة والأمن ومختلف التشكيلات القتالية الذين "يحمون الوطن في الميدان، ويقدّمون أرواحهم فداءً للجمهورية والحرية والكرامة"، مؤكداً أن "الحكومة تعمل على تحسين أوضاعهم ومعالجة قضايا الجرحى وأسر الشهداء بما يليق بعظمة عطائهم وتضحياتهم".
وأشار إلى التحضيرات الجارية لعقد المؤتمر التنسيقي للمانحين لحماية النظام الصحي في اليمن، والمؤتمر الوطني الأول للطاقة المقرر انعقادهما خلال الأيام القليلة القادمة في عدن، حيث بال بأنهما "محطتان وطنيتان مهمتان نُعوّل عليهما كثيرا لتعبئة الموارد وبناء شراكات جديدة، وتحفيز الاستثمارات في قطاعات حيوية تمس حياة الناس ومعيشتهم اليومية".
ووافق مجلس الوزراء على وثيقة سياسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص كإطار رسمي للشراكة بين القطاعين في الجمهورية اليمنية، بناء على المذكرة المقدمة من وزير التخطيط والتعاون الدولي.
وأقر بموجب الوثيقة إنشاء اللجنة الوزارية للشراكة بين القطاعين العام والخاص برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية وزراء المالية، التخطيط والتعاون الدولي، الصناعة والتجارة، الشؤون القانونية، الكهرباء والطاقة، المياه والبيئة، النقل، الأشغال العامة والطرق، الاتصالات وتقنية المعلومات، ورئيس الهيئة العامة للاستثمار ورئيس وحدة الشراكة.
كما أقر إنشاء وحدة الشراكة بين القطاعين العام والخاص تحت إشراف مكتب رئيس الوزراء لتكون الهيئة الفنية والاستشارية المركزية المسؤولة عن دعم تنفيذ سياسة الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومن بين مهامها الرئيسية إعداد وتطوير مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتنسيق مع الجهات الحكومية والقطاع الخاص والمنظمات الدولية ذات العلاقة، إضافة إلى دراسة وتقييم مقترحات المشاريع المقدمة من الجهات المتعاقدة، ومتابعة تنفيذ المشاريع المعتمدة.
كما كلف وزارة المالية بإنشاء صندوق تنمية المشروعات لدعم أنشطة تحديد وإعداد مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وقيام وزراء التخطيط والتعاون الدولي، والكهرباء والطاقة، والصناعة والتجارة، والنقل، والمياه والبيئة والاتصالات وتقنية المعلومات، بالعمل على تحديد المشروعات ذات الأولوية للشراكة مع القطاع الخاص، وتقديم مقترحاتهم إلى اللجنة الوزارية للشراكة بين القطاعين العام والخاص بعد التنسيق مع وحدة الشراكة.
وأقر مجلس الوزراء مشروع قرار جمهوري بإنشاء صندوق الصحة، وكلف وزيري الشؤون القانونية والصحة العامة والسكان باستكمال الإجراءات القانونية اللازمة لإصدار القرار الجمهوري لإنشاء الصندوق.
ويشتمل مشروع القرار على 33 مادة موزعة على خمسة فصول تتضمن التسمية والتعاريف، إنشاء الصندوق، أهداف ومهام الصندوق، إدارة الصندوق وتمويل الصندوق وحساباته.
ويهدف صندوق الصحة إلى تحسين كفاءة القطاع الصحي من خلال توفير التمويلات اللازمة لتشغيل وإدارة المنشآت الصحية، وتحقيق الاستدامة في تشغيل وإدارة المنشآت الصحية العامة، وتطوير كفاءة القطاع الصحي، إضافة إلى تحقيق التكامل بين الجهود المحلية والدولية الهادفة إلى تعزيز حوكمة القطاع الصحي، والارتقاء بجودة الخدمات الصحية، وحشد الموارد المالية اللازمة لتمويل الأنشطة الصحية وتطوير كفاءة القطاع الصحي.
واطلع مجلس الوزراء على تقرير اللجنة العليا للتحقيق في حادثة العرقوب والمشكلة بموجب قرار رئيس الوزراء، برئاسة وزير النقل، ووجه وزيري الشؤون القانونية والنقل بمتابعة ملف القضية في الأجهزة القضائية ذات الاختصاص لضمان حقوق كافة الأطراف.
وشدد على تنفيذ ما تضمنه التقرير من توصيات عامة لتعزيز سلامة الطرق وتفادي الحوادث مستقبلاً.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news