يمثل خطاب التكفير الذي دأب تنظيم الإخوان الإرهابي على استخدامه، أحد أخطر الأدوات التي اعتمد عليها هذا الفصيل في صراعاته السياسية والفكرية، خصوصًا ضد الجنوبيين.
فبدلًا من الانخراط في نقاش وطني متزن، اختار التنظيم توظيف التكفير كسلاح جاهز لإقصاء الخصوم، وتشويههم، وتهيئة البيئة المناسبة لانتشار الفوضى. وهذا النهج لم يكن حالة طارئة أو رد فعل عابر، بل أصبح سياسة ممنهجة تستند إلى تراث طويل من التحريض والتعبئة العدائية.
في الجنوب، تكبد المجتمع ثمنًا باهظًا لهذه الخطابات التي تغذي الكراهية والطائفية بأشكالها المختلفة. فخطاب الإخوان لا يستهدف مواقف سياسية فقط، بل يطال الهوية الجنوبية بمجملها، في محاولة لإرباك الوعي الجمعي وخلق حالة من الشك داخل المجتمع.
وغالبًا ما تُستخدم عبارات التكفير والتخوين لتبرير التحريض ضد قيادات جنوبية أو إعلاميين أو مدافعين عن الحق الجنوبي، ما يجعل هذا الخطاب جزءًا من منظومة تهدف إلى إضعاف الجنوب وتشويه حركاته الوطنية.
الخطر الأكبر في خطاب التكفير الإخواني يتمثل في قدرته على خلق بيئة مشحونة تُفتح فيها الأبواب أمام المتطرفين، وتتشكل فيها مبررات للعنف اللفظي أو الميداني.
فعندما يُمنح التحريض طابعًا دينيًا، يصبح استهداف الجنوبيين أمرًا مبررًا لدى من يتأثرون بهذا الخطاب، ما يزيد احتمالات الاعتداءات أو الفوضى التي يمكن أن تضرب الاستقرار، وهذا ما يجعل التكفير أحد أخطر صنوف الإرهاب غير المباشر، لأنه يهيئ الأرضية لجرائم أكثر خطورة.
وأثبتت التجربة أن الجنوب ظل في مرمى هذا الخطاب لفترات طويلة، وأن الحملات التكفيرية كانت دائمًا مقدمة لسلسلة أشكال من الاستهداف الإعلامي والمجتمعي والأمني.
ما يتعرض له الجنوبيون ليس خلافًا سياسيًا عاديًا، بل معركة مع خطاب متطرف يحاول النيل من وجودهم وهويتهم، وجر المنطقة إلى صدامات لا هدف لها سوى خدمة أجندات التنظيم.
مواجهة خطاب التكفير تبدأ بالوعي بخطورته، ورفضه جماعيًا، ومحاسبة مطلقيه وفق القانون، فالجنوبيون الذين دفعوا ثمنًا كبيرًا لهذا النهج التحريضي، يستحقون بيئة سياسية نظيفة تُبنى فيها المواقف على الحوار لا على التكفير، وعلى احترام التعدد لا على صناعة الكراهية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news