وزير الخارجية الأسبق : استعادة الدولة الجنوبية ليست فقط حقاً سياسياً، بل مسؤولية تاريخية

     
عدن تايم             عدد المشاهدات : 268 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
وزير الخارجية الأسبق : استعادة الدولة الجنوبية ليست فقط حقاً سياسياً، بل مسؤولية تاريخية

قال وزير الخارجية الأسبق خالد اليماني ان "تحرير عدن مثّل لحظة وعي تاريخية عززت إدراك الجنوبيين بضرورة استعادة دولتهم. غير أن الرئيس هادي تراجع، عن التقاط هذه اللحظة، واستسلم لضغوط الأحزاب التي أحاطت به في الرياض".

وأكد اليماني في تناولة سياسية نشرها على منصة أكس :"إن استعادة الدولة الجنوبية ليست فقط حقاً سياسياً، بل مسؤولية تاريخية تقع على عاتق كل الجنوبيين، للاصطفاف خلف المجلس الانتقالي الجنوبي للمضي نحو بناء دولة ديمقراطية اتحادية مستقلة، مزدهرة، تنبذ العنف وترفض الارهاب، وشريكاً موثوقاً لدول الخليج، والعالم الحر، وركناً اساسياً للاستقرار الإقليمي، وعاملاً داعماً للتكامل مع شمال اليمن مستقبلاً".

في 22 مايو 1990، قرر عدد من النافذين في الحزب الاشتراكي الحاكم في جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، بعد انهيار المعسكر الشيوعي، الهروب نحو الوحدة مع النظام القبلي- العسكري في الجمهورية العربية اليمنية. لقد كان ذلك انعطافاً حاداً عن الطموحات الطوباوية السابقة التي بشّر بها الجناح الراديكالي في الحزب، والقائمة على فكرة "تحرير عمان والخليج العربي" وضمّ الشمال إلى المعسكر الشيوعي.

وبعد عقدين فقط من الاستقلال عن بريطانيا، وجد الجنوب نفسه لقمة سائغة في قبضة الشمال بقيادة علي عبدالله صالح، الذي حسم الأمر بالحرب في عام 1994، معلناً إلحاق الجنوب بالقوة، فيما صدح [الفنان اليمني] أيوب طارش بأغنية "عادت عدن". ومنذ تلك اللحظة، بدأ النضال الجنوبي يتخذ أشكالاً متعددة للمطالبة بفك الارتباط. انطلقت الشرارة الأولى في الحراك الجنوبي السلمي، قبل أن تتبلور القضية سياسياً عبر إنشاء المجلس الانتقالي الجنوبي عام 2017 كإطار جامع لتطلعات الجنوبيين لاستعادة سيادة دولتهم.

الحوار الوطني ووعود جوفاء

غير أن مسار تقرير المصير للجنوب لم يبدأ بولادة المجلس الانتقالي، بل مرّ بمحطات عديدة. فقد أقرّ مؤتمر الحوار الوطني الشامل (2013–2014) أن القضية الجنوبية "قضية سياسية عادلة"، من منطلق أن دولة الوحدة قامت بين نظامين مستقلين- جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية، والجمهورية العربية اليمنية - وأن الوحدة بينهما انهارت عقب حرب 1994 وما تلاها من سياسات الإقصاء والنهب. إلا أن هذا الإقرار جاء متأخراً، ولم يرافقه حلّ منصف أو ضمانات حقيقية. فوعود الاعتذار وجبر الضرر والمناصفة بقيت، حبراً على ورق لتُبقي الجنوب داخل إطار دولة مركزية فاشلة بقي فيها الشمال مهيمناً.

كما بدا طرح "الدولة الاتحادية" محاولة لاحتواء القضية الجنوبية لا الإقرار بعدالتها، لاسيما بعد تقسيم الجنوب إلى إقليمين في خطوة اعتُبرت تفتيتاً منظّماً لهويته ووحدته التاريخية. ومن هنا فقد رفض ممثلو الجنوب حينها، برئاسة محمد علي أحمد مخرجات الحوار الوطني، وتحديداً فكرة الأقاليم الستة، وعرضوا فكرة الاقليمين الشمالي والجنوبي، مفضلين الانسحاب وتثبيت حق الجنوب في تقرير مصيره واستعادة دولته.

الحوثي ونهاية الوحدة

ثم جاء الانقلاب الحوثي على شرعية الرئيس هادي، ليسقط ما تبقّى من دولة الوحدة بيد ميليشيا مدعومة من إيران، ويُحدث تحولاً جذرياً في طبيعة الحكم يستحيل معه بقاء الجنوب ملحقاً بمشروع سلالي توسعي إيراني. ولولا أن رئيس الجمهورية حينها كان جنوبياً - عبدربه منصور هادي - ولولا بسالة المقاتلين الجنوبيين الذين هزموا الحوثيين في معركة تحرير عدن بدعم سعودي وإماراتي، وما تلاها من تحرير المكلا من قبضة الإرهاب، لكان الجنوب اليوم جزءاً من المشروع الإيراني، ولكانت الحوزات الطائفية قد تمددت في أرض الجنوب السني.

مثّل تحرير عدن لحظة وعي تاريخية عززت إدراك الجنوبيين بضرورة استعادة دولتهم. غير أن الرئيس هادي تراجع، عن التقاط هذه اللحظة، واستسلم لضغوط الأحزاب التي أحاطت به في الرياض، وأمسكت بقراره ودفعت باتجاه إعادة تدوير خطاب "وعود الحوار الوطني الجوفاء" للهروب من حقيقة أن الحرب غيّرت كل المعادلات وأن الجنوب أصبح حراً، بل وحاضناً للشرعية. وللأسف، أسهم بعض الجنوبيين الذين شاركوا بديلا عن المنسحبين من الحوار الوطني في تمرير مشروع الأقاليم لتقسيم الجنوب، وتعزيز سردية التسويف هذه مقابل مكاسب تمثيلهم للجنوب، واضعين مصالحهم الآنية فوق قضية شعبهم الكبرى.

سقوط مرجعيات ما قبل الحرب

أسقطت الحرب كل المرجعيات السابقة، وبادر الجنوبيون إلى الإمساك بمصيرهم عبر تفعيل الإدارة الذاتية لمناطقهم، رغم المؤامرات ومحاولات الاختراق والتجويع لإضعاف توجهاتهم. وفي أبريل 2022، جاء "مؤتمر الرياض 2" ليقرّ إدراج "قضية شعب الجنوب" في مفاوضات وقف الحرب، ويضع لها إطاراً تفاوضياً خاصاً في العملية السياسية القادمة. وعلى الرغم من ما شاب تلك الوعود من تكرار لمنطق الوعود المؤجلة، ورمى الكرة في ملعب المستقبل، إلا أن المؤتمر اعترف بالمجلس الانتقالي الجنوبي ممثلاً شرعياً "وحيدا" لشعب الجنوب، ودخلت قياداته في مجلس القيادة الرئاسي وفق صيغة المناصفة.

وأظهرت السنوات الثلاث الماضية داخل مجلس القيادة الرئاسي سقوطاً للكثير من الأقنعة، وبروزاً لإرادة جنوبية صلبة عبّر عنها رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي ورفاقه أبو زرعة المحرمي وفرج البحسني، الذين أثبتوا للمجتمع الدولي أن قضية الجنوب أكبر من أن تكون ملفاً ثانوياً أو موضع سجال في غرف الفنادق.

طريق الاستقلال

اليوم، ومع امتلاك المجلس الانتقالي سلطة فعلية على الأرض، تتمثل الخطوة التالية في تثبيت الإدارة الذاتية للجنوب، وتوسيع الشراكة الجنوبية تمهيداً لتحقيق الاستقلال الناجز. وهذا يتطلب بناء مؤسسات جنوبية راسخة - حكومية وتشريعية وقضائية وخدمية - تدير الموارد والثروات وتعيد هيكلة الأجهزة الأمنية والعسكرية في إطار جنوبي موحد، مع دمج مختلف المكوّنات السياسية والقبلية والمجتمعية في إدارة الشأن العام لضمان شراكة وطنية واسعة بعيدة عن النخبوية.

وبالتوازي، يجب تعميق الحوار الوطني الجنوبي تنفيذا للرؤية السياسية للمجلس الانتقالي بما يمهد الأرضية القانونية لاستعادة الدولة. وخارجياً، يجب توسيع الحضور السياسي والدبلوماسي الجنوبي وفق مبدأ المناصفة القائم وعكس ذلك على كل البعثات التمثيلية، وبناء شراكات اقتصادية وأمنية مستقلة مع الإقليم والعالم، لتهيئة الاعتراف التدريجي بدولة الجنوب القادمة.

إن استقلال [جنوب اليمن] لم يعد شعاراً عاطفياً ولا طرحاً انفعاليّاً، بل مشروعاً سياسياً متماسكاً يستند إلى الأمر الواقع في الجنوب، وتحولات تاريخية، وإرادة شعبية واسعة. وبينما لا تزال التحديات قائمة - من المؤامرات وصراعات النفوذ إلى المصالح الآنية - فإنّ اللحظة التاريخية لن تكن أكثر نضجاً مثل اليوم، ونحن نحتفل بذكرى الاستقلال المجيد، الثلاثين من نوفمبر 1967. إن استعادة الدولة الجنوبية ليست فقط حقاً سياسياً، بل مسؤولية تاريخية تقع على عاتق كل الجنوبيين، للاصطفاف خلف المجلس الانتقالي الجنوبي للمضي نحو بناء دولة ديمقراطية اتحادية مستقلة، مزدهرة، تنبذ العنف وترفض الارهاب، وشريكاً موثوقاً لدول الخليج، والعالم الحر، وركناً اساسياً للاستقرار الإقليمي، وعاملاً داعماً للتكامل مع شمال اليمن مستقبلاً.

*وزير الخارجية اليمني الأسبق

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

الكشف عن حقيقة القرار السعودي الأخير المتعلق باليمن

نيوز لاين | 629 قراءة 

الكشف عن ترتيبات جديدة وتحريك فعلي للمسار السياسي في اليمن

وطن نيوز | 593 قراءة 

استنفار في الرياض بعد فشل الوفد السعودي الإماراتي في عدن

شبكة اليمن الاخبارية | 506 قراءة 

مليشيا الحوثي تنقل الأسلحة الثقيلة من معسكر استراتيجي في حضرموت إلى هذه المحافظة

المشهد اليمني | 486 قراءة 

محمد العرب يوجّه رسالة تحذير للزبيدي: وهم القوة يقود إلى مصير دقلو

نيوز لاين | 482 قراءة 

حادثة مأساوية: تزويج طفلة لرجل ثلاثيني ينتهي بصدمة تقلب حياتها

نيوز لاين | 391 قراءة 

اعتقال قائد عسكري كبير و الحارس الشخصي للرئيس صالح سابقاً

يمن فويس | 385 قراءة 

الزبيدي يحدد شرطًا لمشاركة القوات الجنوبية في معركة صنعاء

المرصد برس | 383 قراءة 

الانتقالي ينقل الأسلحة والدبابات الثقيلة من معسكر الخشعة باتجاه شبوة

قناة المهرية | 345 قراءة 

مطار الغيضة الدولي يشهد إتمام إجراءات الاستلام والتسليم بنجاح

نيوز لاين | 328 قراءة