تشهد محافظة مأرب جدلًا واسعًا بعد قيام النيابة العامة باستدعاء ممثلين عن عدد من منظمات المجتمع المدني على خلفية قضية وُصفت بأنها “فساد مالي وإداري”، في خطوة اعتبرها ناشطون ومراقبون خروجًا عن الإطار القانوني المنظّم لعمل المنظمات.
وبحسب مصادر حقوقية، لـ"الأمناء" فإن الاستدعاءات أُصدرت دون الإفصاح عن الجهة التي تقدمت بالدعوى، ما فتح باب التساؤلات حول دوافع الإجراء، ومدى اختصاص النيابة بالنظر في مثل هذه القضايا، خصوصًا أن قانون العمل يحدد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل كجهة الإشراف والمراجعة والتقييم لأنشطة منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك مراقبة الموازنات، وآليات الإنفاق، وإحالة أي مخالفات للقضاء. كما تختص وزارة التخطيط والتعاون الدولي بمتابعة عمل المنظمات الدولية العاملة في البلاد.
وأثار الإجراء ردود فعل واسعة، دفعت النيابة لإصدار توضيح قالت فيه إن الخطوة جاءت ضمن قضية منظورة دون الكشف عن هوية رافع الدعوى، مشيرة إلى أن المنظمات الدولية تتمتع بـ"حصانة دبلوماسية"، في حين لا يسري ذلك على المنظمات المحلية. وهو توضيح اعتبره مراقبون محاولة لتبرير الاستهداف، ويفهم منه –وفق تعبيرهم– أن الاستدعاءات طالت فقط المنظمات المحلية غير المحسوبة على السلطات المحلية.
ويرى ناشطون أن تعامل نيابة مأرب مع الملف أظهر مفاضلة واضحة بين المنظمات الدولية والمحلية، إذ اكتفت النيابة بتأكيد الحصانة الدولية، بينما أبقت المسار القانوني مفتوحًا ضد المنظمات المحلية فقط، الأمر الذي اعتُبر مؤشرًا على سعي بعض الجهات لترتيب وضع المؤسسات المدنية بما ينسجم مع توجهاتها.
وتصاعدت التحذيرات من أن مثل هذه الإجراءات تقود إلى تحويل مؤسسات الدولة إلى أدوات ضغط على المجتمع المدني، بما يعيد إلى الأذهان ممارسات سلطات الحوثيين في مناطق سيطرتهم، حيث لا يُسمح لأي منظمة بالعمل خارج إطار توجيهاتهم، وتواجه أي جهة مخالفة تهمًا جاهزة وإجراءات قمعية.
ويختتم ناشطون بالقول إن التطورات الأخيرة تكشف هشاشة بيئة العمل المدني في مختلف مناطق السيطرة، حيث أصبحت منظمات المجتمع المدني –وموظفوها– الحلقة الأضعف في مواجهة القوى المتنافسة، في ظل غياب الضمانات القانونية الكافية لعملها واستقلاليتها.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news