قناعته الراسخة بأن وسيلة الإعلام هي ملك للجميع، وأن القائم عليها “مالكها” ليس أكثر من مسؤولٍ على تنظيمها، كانت منطلقًا رئيسًا لمساعدة طلاب وخريجي الإعلام على كسر رهبة الخوف من أول نشر؛ بعضهم عرفته عن قرب، وآخرون تواصلوا معي لمساعدتهم في نشر مواد ضمن تكاليف مطلوبة منهم.
قبل حوالي خمسة أعوام، فتحتُ الإنترنت، ووصلتني رسالة عبر الماسنجر فيها كثير من الود والتقدير، وطلب كريم لموافقتي على إعادة نشر ما أكتب في حائطي على الفيسبوك، في نافذته الإعلامية التي اختصر تعريفها بموقع إعلامي محايد، شبابي، إنساني، ثقافي، متنوع، وبجهد شخصي.
حملت الرسالة توقيع: زميلك عمار الأصبحي، مشفوعة بعبارة:
“أكون ممتنًا لكم جزيل الامتنان والشكر لقبول أمنيتي، وأن يُضاف اسمي إلى قائمة زملائكم المميزين”.
لم أكن قد التقيته البتة، ولكني كنت أتابع موقعه “
بيس هورايزونس
” لتنوع محتواه، ولابتعاده عن العمل الموجّه خدمة لطرف ما؛ ناهيك عن سلامة اللغة والابتعاد عن سياسة النسخ واللصق السائدة في نسبة كبيرة من نوافذ الإعلام الإلكتروني محليًا وعربيًا.
اختزلت الرد بالترحيب، وقبول طلب إعادة النشر على الدوام، دون نقاش أو وضع شروط من قبيل: “يُمنع التدخل في الصياغة” أو “التحوير والاجتزاء”… إلخ. فقد لمستُ من خلال متابعتي للموقع ترفع الزميل عمار الأصبحي عن مثل تلك الأساليب، وما قد يفقد المادة مصداقيتها أو رسالتها.
استمر تواصلنا على الماسنجر، ثم تقابلنا مرات عدة. وعلى مدى خمسة أعوام، لم تهتز زمالتنا؛ بل ازدادت متانةً. والزميل عمار، في كل مرة ألقاه، لا يتغير أسلوب احتفائه الطيب، وكذلك ابتسامته الأنيقة التي يعطرك بها دائمًا، وتشعر وكأنها وردة فواحة نمت في روح جميلة أنيقة.
عبر “بيس هورايزونس”، استطاع الزميل عمار الأصبحي حفظ وتوثيق كمٍّ كبير من الإنتاج الأدبي المهم من الاندثار، وساهم في نشر كثير من الإنتاج الإبداعي لمبدعين مطمورين؛ وهي ميزة يتنصل منها كثير من أصحاب وسائل الإعلام.
وجانب كبير من تقديري له يعود إلى إيمانه بأن وسيلة الإعلام فضاءٌ مشترك، وأن القائم عليها منظم لا مالك. هذا المبدأ كان منطلقًا لمساعدة طلاب وخريجي إعلام على كسر رهبة النشر الأول؛ بعضهم عرفته عن قرب، وآخرون تواصلوا معي لنشر مواد ضمن تكاليف مطلوبة منهم.
في كل الحالات، أعطي الطالب أو الخريج رقم هاتف الزميل عمار على “واتساب”، وأطلب منه التواصل معه مباشرة. الجميع يبدأ مترددًا وقلقًا من احتمال الرفض. أعاتبهم على هذا الشعور غير المبرر، ثم أترك لهم مساحة التواصل.
وبعد وقت قصير، يعود الطالب أو الخريج مرتبكًا، ممتلئًا بالدهشة والسعادة؛ لا يستطيع كتابة فقرة كاملة من ارتعاش يده بسبب مفاجأة الترحيب وسرعة النشر بعد تدقيق لغوي ووضع لمسات فنية رائعة. دهشتهم في تلك اللحظات تجعلهم عاجزين عن وصف كرم الاستقبال.
وكثيرون يجهلون الأثر العميق الذي يتركه هذا على نفسية الطالب أو الخريج. فكسر رهبة النشر الأول هو بداية فتح الأفق أمام مسيرته المهنية كلها.
ختامًا…
جزيل الشكر والود للزميل عمار الأصبحي، ودوام التوفيق والتفوق لموقع “بيس هورايزونس”.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news