يأتي اليوم العالمي للتلفزيون هذا العام فيما يمرّ المشهد الإعلامي اليمني بمرحلة غير مسبوقة من التدهور، بعد أن أحكمت مليشيا الحوثي قبضتها على القطاع التلفزيوني، وأفرغته من دوره الوطني والمهني، محوّلة مؤسساته إلى أدوات دعائية تخدم مشروعها الطائفي والعنيف.
ويُعد ذلك من أشد عمليات التخريب الممنهج التي طالت البنية الإعلامية اليمنية عبر تاريخها.
منذ سيطرة مليشيا الحوثي على صنعاء عام 2014، استحوذت الجماعة على مؤسسات التلفزيون الرسمي بكل قنواته، بما فيها “اليمن الفضائية”، و“القناة التعليمية”، و“سبأ”، و“الإيمان”، لتتحول تلك المنابر إلى منصات أحادية الصوت تبث خطاباً تحريضياً يعزّز الانقسام المجتمعي، ويكرّس ثقافة العنف والتعبئة المذهبية.
وتحت إدارة الجماعة، تراجع الدور التقليدي للتلفزيون الوطني كواجهة للدولة وصوت للمجتمع، ليحلّ محله محتوى يروّج للشعارات العقائدية والخطابات المؤدلجة، بعيداً عن المهنية ومعايير العمل الإعلامي.
وفي سياق إحكام السيطرة، أُقصي مئات الموظفين من الخبرات الإعلامية التي شكّلت عمود التلفزيون اليمني لعقود، ليتم استبدالهم بعناصر موالية تفتقر في معظمها إلى الكفاءة، ما أدى إلى انهيار مستوى الأداء وضعف جودة البرامج والمواد التلفزيونية.
ولم تقتصر هيمنة مليشيا الحوثي على القنوات الحكومية، إذ سارعت المليشيات إلى بناء منظومة مرئية موازية، عبر قنوات جديدة مثل “المسيرة” و”المسيرة مباشر”، لتكون أذرعاً إعلامية موجّهة تعتمد أسلوب التحريض المذهبي وتزييف الوعي وتعبئة المجتمع للحرب.
كما استولت المليشيات على تجهيزات وممتلكات قنوات خاصة، أبرزها قناة “اليمن اليوم”، بعد أحداث ديسمبر 2017، وأغلقت مكاتب عدد من القنوات العربية والأجنبية في صنعاء، واعتقلت مراسليها، وصادرت معداتهم، قبل أن تعيد استخدامها في تشغيل قنواتها الحديثة.
هذا الواقع، وفق مهتمين بالشأن الإعلامي، أدى إلى خنق حرية التعبير بشكل غير مسبوق، وإلى غياب المنصات المهنية القادرة على نقل حقيقة ما يجري في اليمن بموضوعية.
كما أصبح العمل الصحفي في مناطق سيطرة الحوثي من أكثر المهن خطورة في ظل انعدام الحماية وتقييد الحركة.
وبمناسبة اليوم العالمي للتلفزيون، تتصاعد الدعوات إلى إنقاذ الإعلام المرئي اليمني وإعادة الاعتبار لدوره التنويري والثقافي، بوصفه ركناً أساسياً في تشكيل الوعي العام وحماية المجتمع من خطاب الكراهية.
كما تتجدد المطالب بمحاسبة المسؤولين عن تحويل التلفزيون الرسمي إلى أداة قمع وتضليل، ودعم الجهود الرامية لاستعادة مؤسساته ضمن إطار الدولة، بما يضمن استقلاليته وتعدديته، وعودته كمنبر جامع لكل اليمنيين.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news