أخبار وتقارير
تقرير تحليلي (الأول) سعيد ثابت:
تثير مواقف الصين وروسيا داخل مجلس الأمن تجاه الأزمة اليمنية، منذ انقلاب الحوثيين وبداية الحرب، تساؤلات واسعة حول توجهات القوتين الدوليتين: هل تنحازان فعليًا للحوثيين، أم أنهما فقط تعارضان المقاربة الغربية، أم تبحثان عن مساحة نفوذ سياسية مستقلة؟
تشير المعطيات إلى أن موقفي الدولتين يقومان على مزيج من حسابات المصالح ورفض توظيف قرارات المجلس كغطاء للتدخلات العسكرية أكثر من كونهما دعماً مباشراً لطرف محدد.
مرحلة البداية: دعم العملية السياسية ورفض التفويض العسكري
في مرحلتي 2014–2015، صوتت بكين وموسكو لصالح القرارات التي دعمت الانتقال السياسي وأدانت خطوات الحوثيين الأحادية، بما فيها المطالبة بالانسحاب من مؤسسات الدولة وإعادة السلاح المنهوب.
الصين أيدت القرار 2216 بوضوح، بينما امتنعت روسيا وحدها معتبرة أن القرار يمنح تفويضًا واسعًا للتدخل العسكري ولا يضغط على كل الأطراف بالتساوي.
ومع ذلك، اتفقت القوتان على قاعدة ثابتة: الحل سياسي وليس عسكريًا، وأي حسم بالقوة سيطيل أمد الحرب بدلاً من إنهائها.
العقوبات.. مساحة الخلاف الأبرز
مع توسع ملف العقوبات على الحوثيين، بدأت ملامح التحفظ تظهر بشكل أوضح، إذ امتنعت الصين وروسيا في بعض جولات التجديد أو التشديد، عندما شعرتا بأن:
الصياغة تركز على الحوثيين فقط وتتجاهل أدوار أطراف أخرى.
العقوبات قد تُستخدم ذريعة لفرض إملاءات سياسية غربية.
ورغم ذلك، لم تلجأ أي منهما إلى الفيتو لإسقاط نظام العقوبات، بل صوتتا في محطات مهمة لصالح توسيع حظر السلاح على الحوثيين، ما يعكس قبولهما بالمحاسبة ضمن إطار أممي “متوازن”.
البحر الأحمر.. نقطة التحول
ازدادت حساسية موقفي روسيا والصين بعد انتقال الصراع إلى البحر الأحمر، إذ امتنعتا عن التصويت على القرارات الغربية التي تدين هجمات الحوثيين، رغم إعلانهما رفض تلك الهجمات.
أسباب الامتناع شملت:
رفض تحويل القرارات إلى ذريعة لضربات أمريكية–بريطانية داخل اليمن.
الربط بين هجمات الحوثيين وتداعيات حرب غزة والتوترات الإقليمية.
التأكيد على ضرورة معالجة جذور الأزمة بدلاً من الاكتفاء بإدانة الحوثيين.
لا انحياز كامل ولا عداء كامل
الصين وروسيا لا تمنحان الحوثيين غطاءً أمميًا، ولا تتبنيان روايتهم السياسية، لكنهما:
ترفضان تصوير الحوثيين كـ الطرف الوحيد المسؤول عن الحرب.
تتحفظان على أي صياغات تمنح تفويضًا عسكريًا غير مباشر.
تحافظان على توازن دقيق بين علاقاتهما مع السعودية والإمارات والحكومة اليمنية من جهة، ومع إيران والحوثيين من جهة أخرى.
وفي المحصلة، تظهر القوتان كفاعلين يسعيان إلى دور دولي مستقل لا يتماشى مع المقاربة الغربية، بينما تبقيان مؤمنتين بأن الحل السياسي الشامل هو الطريق الوحيد لإنهاء الحرب في اليمن.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news