ملخص
إسرائيل وضعت معايير خاصة بها في تقييم المشاركين في قوة حفظ السلام، وتشمل التوجهات الأيديولوجية للدول. وبحسب ما أكد أكثر من مطلع على الموضوع، فإن ما أوضحته إسرائيل للولايات المتحدة أنها تفضل جنوداً من دول عربية صديقة لها مثل مصر الأردن والإمارات. أما تركيا، فوجود قوة منها في غزة، من وجهة نظر إسرائيل، سيقوي "حماس" ويزيد التهديد الأمني بدل تقليله.
فشلت الجهود الإسرائيلية التي قادها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، وإلى جانبه الوزير السابق رون ديرمر، في إجراء تعديل على المقترح الأميركي قبل التصويت عليه في مجلس الأمن الدولي ودعمته أكثرية 13 دولة. وبالمصادقة عليه سيباشر العمل في الشروع بالمرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف الحرب في غزة، مما يقلق ويغضب إسرائيل التي أرادت عدم البدء في هذه المرحلة قبل نزع سلاح "حماس" كلياً.
مشروع القرار يشمل إنشاء "مجلس السلام"، وهو هيئة حكم انتقالي لغزة سيترأسها ترمب نظرياً، على أن تستمر ولايتها حتى نهاية عام 2027، ويخول القرار الدول الأعضاء تشكيل "قوة استقرار دولية موقتة" تعمل مع إسرائيل ومصر والشرطة الفلسطينية المدربة حديثاً للمساعدة في تأمين المناطق الحدودية ونزع السلاح من غزة. وعلى عكس المسودات السابقة، يشير هذا القرار إلى إمكان قيام دولة فلسطينية مستقبلية، وهذا أيضاً جانب عمق الخلافات الإسرائيلية، بل أدخل الحكومة من جديد في خطر التفكيك بعد تهديدات وزيري الأمن القومي ايتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، في كل ما يتعلق ببدء تنفيذ ما شمله القرار، وصولاً إلى الدولة الفلسطينية.
تصويت مجلس الأمن تصدر أجندة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، ورأى معظمهم أن المصادقة على القرار ستجعل المسألة في غزة أكثر تعقيداً، وهدد وزراء بعدم التزام إسرائيل بتنفيذه لاعتبار أنه يأتي في صالح "حماس". الجانب الذي أثار نقاشاً واسعاً المتعلق بقوة حفظ السلام التي ستشمل عشرات آلاف الجنود من مختلف الدول، لضمان تنفيذ الخطة وإعادة بناء غزة واليوم التالي فيها، من حيث إدارة الحكم هناك.
يأتي النقاش في أعقاب التقارير الإسرائيلية التي حسمت أن "حماس" لن تفكك سلاحها وبعض القوات التي قد تصل ستكون داعمة للحركة، وهو ما أدخل إسرائيل في اجتماعات أمنية طارئة اليوم الثلاثاء، لبحث سبل التعامل مع دور إسرائيل في حسم الدول التي ستكون جزءاً من القوات الدولية في غزة.
سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون أول إسرائيلي علق على القرار الذي سيجري اعتماده كقرار رقم 2803 في مجلس الأمن بالتهديد، قائلاً "لن يكون مستقبل في غزة ما دامت حماس تحتفظ في السلاح، نزع سلاح حماس أولاً، وهو شرط أساس لأي تقدم في تنفيذ القرار".
الحركة هي الأخرى رفضت القرار واعتبرته "لا يلبي مطالب الفلسطينيين وحقوقهم ويفرض آلية وصاية دولية على القطاع"، وبحسبها فإن "تخصيص مهمات وصلاحيات للقوة الدولية داخل قطاع غزة، بما يشمل تفكيك المقاومة من سلاحها، يسلبها حياديتها ويجعلها طرفاً في الصراع لصالح الاحتلال".
قوة حفظ السلام في غزة
يضع الإسرائيليون في أولويات نقاشاتهم نوعية قوة حفظ السلام التي ستكون عملياً الطرف الفعلي للعمل على الأرض في غزة. في إسرائيل لا يتوقعون تغييراً على الأرض في المدى الفوري، لكن القرار يشكل إشارة انطلاقة للدول لبدء إرسال جنود لقوة الاستقرار الدولية في غزة. وامتنعت دول عدة عن الالتزام قبل قرار مجلس الأمن بالمشاركة في القوة الدولية، وفي إسرائيل يقدرون أن إندونيسيا وأذربيجان قد تكونان من الدول التي سيصل جنودها إلى غزة، وقد سبق وأعلنت إندونيسيا تدريبها 20 ألف جندي ليشاركوا في هذه القوة.
تكمن الإشكالية والصعوبة من ناحية إسرائيل، أن تل أبيب تطالب بتفكيك "حماس" من السلاح ونزع سلاح القطاع، أولاً في المقابل "حماس" تعارض نزع سلاحها ودخول قوة حفظ السلام، أو قوة الاستقرار في غزة، وهو أمر يتوقع إسرائيليون أن يؤدي إلى خلق صعوبة كبيرة للدول التي ستخشى مواجهة مباشرة معها. في إسرائيل قال أكثر من مسؤول سياسي وأمني "لن يطلق أي جندي عربي أو مسلم النار على حماس، وأقصى ما سيفعلونه هو مهمات شرطة"، وهذه ذريعة تضعها إسرائيل أمام واشنطن في نقاشها نوعية هذه القوة الدولية.
استعدادات محدودة
من جهتها، بدأت إسرائيل منذ نحو الأسبوع استعداداتها الأولية لكيفية التعامل في حال وصول جنود من دول ترفضها، وفي الوقت نفسه شكلت فرقاً عسكرية لديها لتتولى مهمة استقبال آلاف الجنود تمهيداً لانتشارهم في قطاع غزة ضمن قوة الاستقرار الدولي، ونقل عن مسؤول سياسي إسرائيلي أن نوع التفويض سيؤثر في هوية الدول التي ستوافق على إرسال جنود إلى غزة، علماً أن إندونيسيا الوحيدة فقط التي أعلنت استعدادها لإرسال قوات إلى القطاع، وأضاف "مجلس الأمن يمكنه منح نوعين من الصلاحيات لهذه القوة، الأولى قوة حفظ السلام التقليدية: وهذه يجري تشكيلها بموافقة كل الأطراف ومحدودة في صلاحياتها، إذ تقتصر مهمتها على الحضور المحايد من خلال المراقبة والتقارير والتوسط، ولا تمتلك هذه القوة صلاحية فرض القرارات بالقوة، ويجوز لها استخدام السلاح فقط للدفاع عن نفسها. الثانية، قوة فرض السلام: لا تتطلب موافقة كل الأطراف، ولها الحق في فرض النظام والأمن عبر اتخاذ إجراءات عسكرية، كما يمكن استخدامها لحماية المدنيين، وتفكيك المجموعات المسلحة والقيام بعمليات استباقية لمنع التصعيد
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news