تعز – وكالة 2 ديسمبر
تشهد محافظة تعز واحدة من أسوأ موجات الجفاف في تاريخها، بعد أن جف وادي الضباب، غربي المدينة، للمرة الأولى منذ عقود. هذا الوادي الذي لطالما اشتهر بغزارة مياهه وتدفقه المستمر على مدار العام، تحول اليوم إلى مجرى مهجور، في مؤشر ينذر بكارثة مائية وشيكة تهدد السكان والمزارعين على حد سواء.
وادٍ كانت مياهه لا تنضب… واليوم بلا قطرة
على مدى سنوات طويلة، مثّل وادي الضباب شرياناً مائياً حيوياً لري الأراضي الزراعية، خصوصاً محاصيل الخضروات والذرة، دون الحاجة إلى الاعتماد المكثف على الآبار الجوفية. ومع ذلك، فإن تلك الآبار نفسها بدأت خلال الأعوام الأخيرة تفقد مخزونها تدريجياً، مع استمرار انخفاض منسوب المياه بشكل مقلق.
اليوم، تغيّر المشهد بالكامل. فالخط المؤدي إلى مدينة تعز لم يعد يشهد تلك السيول المتدفقة التي كانت تميّز الوادي، ما يعكس تراجعًا قياسيًا في مصادر المياه الطبيعية ويضع المدينة أمام أسوأ أزمة جفاف منذ عقود.
حصار الحوثيين يفاقم أزمة المياه
وعلى مدى العقد الماضي، واجهت تعز أزمات مائية متتالية، تضاعفت حدتها بفعل الحصار المفروض من مليشيا الحوثي وسيطرتها على أحواض الحوبان، التي كانت المصدر الرئيسي لمياه الشرب قبل الانقلاب. ومع انقطاع تدفق تلك المياه، دخلت المدينة مرحلة غير مسبوقة من الشح المائي.
وخلال العامين الماضيين وصلت الأزمة إلى ذروتها، لا سيما بين مايو وأغسطس 2025، حين شهدت تعز شبه انعدام تام لمياه الشرب. ورغم الأمطار التي هطلت في أغسطس وسبتمبر، إلا أن تأثيرها كان محدوداً؛ إذ تراجعت كمياتها في أكتوبر وتوقفت تماماً في نوفمبر، ما جعل الجفاف أكثر قسوة.
خبراء الموارد المائية يؤكدون أن الأمطار الأخيرة لم تكن كافية لإعادة تغذية الأحواض والآبار أو إنعاش حوض الضباب والمجاري المرتبطة به، وسط انخفاض واضح عن المعدلات الطبيعية.
9 أشهر بلا جريان… والمزارعون في مواجهة المجهول
يقول المزارع عبدالكريم عبدالله، وهو أحد المتضررين في وادي الضباب، إن المنطقة لم تشهد جفافاً بهذا الحجم من قبل، وإن الوادي لم يتوقف عن الجريان طوال تسعة أشهر متتالية كما يحدث الآن.
ويضيف في حديثه لـ”وكالة 2 ديسمبر”:
“الأمطار لم تكن كافية لإعادة المياه إلى مجرى الوادي، والآبار لا تزال تعاني انخفاضاً حاداً في منسوبها. نحن في بداية الشتاء، وإذا كانت البداية بهذا الشكل، فماذا ينتظرنا خلال الأشهر المقبلة؟”.
مدينة أمام خطر العطش
تراجع مستويات المياه الجوفية وتوقف جريان وادي الضباب يضعان تعز أمام شبح جفاف حقيقي يهدد حياة مئات الآلاف من السكان. ويؤكد مختصون أن الوضع يتطلب حلولاً جذرية عاجلة، أبرزها الإسراع في استكمال مشروع مياه الشيخ زايد الذي يُعد أحد أهم المشاريع القادرة على تزويد المدينة بإمدادات مائية مستقرة على المدى الطويل.
معاناة يومية وأسعار تفوق قدرة السكان
تحوّلت أزمة المياه في تعز إلى معاناة يومية خانقة للمواطنين، إذ أصبحت الأسرة تكافح للحصول على 10 لترات فقط من مياه الشرب، وسط طوابير طويلة تمتد حتى ساعات الليل.
كما ارتفعت أسعار المياه بشكل غير مسبوق؛ فقد بلغ سعر تعبئة خزان سعة 1500 لتر نحو 45 ألف ريال، فيما وصل سعر صهريج المياه سعة 6000 لتر إلى نحو 180 ألف ريال، في واقع يعكس حجم الكارثة المائية التي ترزح تحتها المدينة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news