حين يصبح التعليم عبئًا على من يعلّم ورفاهية لمن لا يدفع

     
موقع الأول             عدد المشاهدات : 59 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
حين يصبح التعليم عبئًا على من يعلّم ورفاهية لمن لا يدفع

 

طه بافضل

هيكل للمعلم الضبحان والنفسية المدمرة

> في بلادنا التعيسة بفساد مسؤوليها، حيث تُصرف الرواتب على الورق وتُعلّق في الهواء، يعيش المعلم الضبحان حياةً لا يحسد عليها إلا من فقد عقله أو ضميره. نحن الآن في ساحل حضرموت الخير والثروة في منتصف الشهر الثالث بلا رواتب، والمعلم لا يزال يذهب إلى المدرسة كمن يذهب إلى المقصلة، لا ليعلّم بل ليُجلد.

المعلم الضبحان، ذلك الكائن الأسطوري الذي يجيد فنون البقاء تحت الضغط، يتقن التمثيل أكثر من ممثلي هوليوود، يبتسم للطلاب وهو يحترق من الداخل، يشرح الدرس وكأن في جيبه كنزا، بينما جيبه في الحقيقة لا يسع حتى "ريالين" لشراء ماء بارد في فسحة الظهيرة.

نفسية المعلم؟ حدث ولا حرج. مدمرة، مهشّمة، تتقلب بين الاكتئاب الحاد والضحك الهستيري. يضحك حين يسمع عن "الاهتمام بالتعليم"، ويبكي حين يرى إعلانًا عن "يوم المعلم العالمي"، ذلك اليوم الذي يُحتفل فيه بالمعلم عبر تجاهله تمامًا.

المعلم الضبحان، رغم كل شيء، لا يزال يؤدي واجباته المدرسية كجندي مجهول في معركة لا قائد لها. يشرح، يربّي، يراقب، يصحّح، يواسي، يحمّل همّ الطالب، وهمّ الإدارة، وهمّ الوطن، بينما الوزير – ذلك الكائن الفاخر – لا يحمّل إلا حقيبة سفره نحو مؤتمر جديد، حيث تُناقش "استراتيجيات النهوض بالتعليم" على طاولة من الرخام، وتُصرف آلاف الدولارات في فنادق خمس نجوم، بينما المعلم لا يجد ثمن مواصلاته.

المعلم يكتب التحضير بيد، ويكتب الاستغاثة باليد الأخرى، يشرح درسًا في "الضمير المهني" وهو مهدد بالطرد إن تأخر عن الطابور، ويُطلب منه أن يكون "قدوة تربوية"، بينما الوزير لا يُطلب منه سوى أن يبتسم أمام الكاميرا، ويغرد عن "الاهتمام بالمعلم"، ثم يعود إلى حيث تسكن الدولارات في حساباته، ويُترك المعلم يسكن في همومه.

الوزير لا يحل مشكلة، ولا يواسي معلمًا، بل ينتظر أن "تتحسن الظروف"، كمن ينتظر المطر في صحراء لا غيم فيها. أما المعلم، فقد صار يعلّم الصبر عمليًا، ويشرح للطلاب كيف يعيش الإنسان بلا راتب، بلا تقدير، بلا وزير.

أما أولياء الأمور، فهم يريدون تعليمًا سريعًا، فعالًا، مضمون النتائج، دون أن يسألوا عن حال من يعلّم. يطالبون بشرح ممتاز، وانضباط صارم، وتربية مثالية، وكأنهم يشترون خدمة "وايفاي تربوي" لا تحتاج إلى راوتر بشري. لا يهمهم إن كان المعلم جائعًا، مهمومًا، مهددًا، ما دام ابنهم يحصل على درجات عالية.

يتعاملون مع المعلم كموظف في شركة توصيل، عليه أن يسلّم "العلم" في الوقت المحدد، بابتسامة، دون أن يشتكي من الطريق أو الوقود أو انقطاع الكهرباء. وإن تجرأ المعلم على التعبير عن ضيقه، لقيل له: "أنت اخترت هذه المهنة"، وكأن اختيار التعليم يعني توقيع عقد إذلال أبدي.

في النهاية، المعلم الضبحان لا يريد تكريمًا ولا تمثالًا، للأسف أصبح يريد راتبه فكيف بزيادة حوافزه وتعديل هيكل أجوره، ذلك الراتب الشيء الأسطوري الذي يُقال إنه يُصرف كل شهر، لكنه في بلادنا يشبه "الوحش البحري" في القصص القديمة: الكل يتحدث عنه، ولا أحد رآه. سحقا لو كانت تكفي.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

مليشيا الحوثي تنقل الأسلحة الثقيلة من معسكر استراتيجي في حضرموت إلى هذه المحافظة

المشهد اليمني | 896 قراءة 

استنفار في الرياض بعد فشل الوفد السعودي الإماراتي في عدن

شبكة اليمن الاخبارية | 817 قراءة 

ترتيبات غير معلنة لصياغة رئاسة جديدة لليمن

عدن تايم | 750 قراءة 

حسم سعودي لوضع الإصلاح في اليمن مع محاولته العودة لأحضانها

العاصفة نيوز | 667 قراءة 

الزبيدي يحدد شرطًا لمشاركة القوات الجنوبية في معركة صنعاء

المرصد برس | 596 قراءة 

استعدوا جيدًا .. الزبيدي يعد أبناء ‘‘ذمار’’ بمفاجأة وشيكة.. ويوجه تهمة خطيرة للشرعية!!

المشهد اليمني | 567 قراءة 

عاجل: اول تحرك أمريكي لدعم البنك المركزي بعدن

كريتر سكاي | 482 قراءة 

طائرات حربية تحلّق في أجواء محافظة حضرموت وتطلق قنابل تحذيرية

كريتر سكاي | 474 قراءة 

السعودية توقف سفيرها آل جابر عن مهامه على خلفية توترات المحافظات الشرقية

موقع الجنوب اليمني | 447 قراءة 

الداعري يكشف عن مراحل استعادة استقلال الجنوب ونوع العملة الجنوبية المتوقعة

مراقبون برس | 446 قراءة