كشفت مصادر سياسية يمنية رفيعة عن تحرّكات عسكرية وأمنية مكثفة تقودها إيران داخل اليمن خلال الأسابيع الأخيرة، في محاولة لإعادة ضبط نفوذها داخل ميليشيات الحوثي وتعويض ما وصفته بـ«الاختلالات الاستراتيجية» التي أصابت محور طهران في لبنان وسوريا. ويأتي ذلك بعد الضربات الإسرائيلية غير المسبوقة التي استهدفت مواقع حساسة للجماعة، وأسفرت عن مقتل رئيس حكومتها وتسعة وزراء ورئيس أركان قواتها وعدد من أبرز قياداتها.
ومن أبرز هذه التحركات، ما كشفته منصة «ديفينس» المتخصصة، بشأن عودة القيادي البارز في «الحرس الثوري» الإيراني عبد الرضا شهلائي إلى صنعاء، بعد عام من مغادرته اليمن. وبحسب المنصة، فإن عودته تهدف إلى الإشراف المباشر على معالجة الانكشاف الأمني الكبير الذي ضرب الجماعة وهزّ صورتها أمام أنصارها، بعد سنوات من الترويج لمفهوم “التحصين الكامل”.
صراع أجنحة وارتباك داخلي
وتؤكد مصادر في صنعاء وعدن أن الجماعة تعيش مرحلة “ارتباك حاد”، مع تصاعد الصراع بين مراكز النفوذ على السلطة والمال، وتزايد الاحتقان الشعبي الناتج عن تدهور المعيشة. وتضيف أن إيران تتحرك حالياً لمنع اتساع الشروخ داخل الجماعة وإعادة تشكيلها كمركز نفوذ إقليمي يعوض خسائر طهران في ساحات أخرى.
وتشير المصادر إلى أن شهلائي عاد ضمن خطة إيرانية لاستعادة السيطرة المباشرة على الملفين الأمني والعسكري، بعد فشل العناصر الإيرانية الموجودة في اليمن في التعامل مع الاختراقات الأخيرة، وطرح بعضهم خطة لـ“تطهير أجهزة المخابرات الحوثية”، وهي الخطوة التي فجّرت صراعاً واسعاً بين الأجنحة.
وقد أُسند تنفيذ الخطة لعلي حسين الحوثي بدعم من يوسف المداني، ما أثار غضب القيادي النافذ عبد الله الرزامي، الذي يدير قوة واسعة جنوب صنعاء ويُعرف بأنه “دولة داخل الدولة الحوثية”.
وفي المقابل، يبرز جناح يقوده عبد الكريم الحوثي وزير داخلية الجماعة، الذي اختفى عن المشهد منذ 25 أغسطس، بينما يقف عبد الحكيم الخيواني في قلب الاتهامات بالمسؤولية عن الاختراقات التي أدت إلى ضرب مواقع سرية بينها مخبأ لعبد الملك الحوثي في صعدة.
فراغ بعد مقتل نصر الله
وتشير منصة «ديفينس» إلى أن إعادة شهلائي جاءت أيضاً لسد “الفراغ الاستراتيجي” الذي تركه مقتل حسن نصر الله، الذي كان بمثابة “ضابط إيقاع” للعلاقات الخارجية للجماعة، فيما تؤكد مصادر يمنية أن عبد الملك الحوثي فقد “مرشده الأول” في اتخاذ القرارات الكبرى.
وترى المصادر أن توقف حرب غزة، وتغيّر المشهد الإقليمي، كشف محدودية خبرة الحوثي الاستراتيجية واعتماده على القوة العسكرية، ما دفع إيران للتحرك لإنقاذ مشروعها الحوثي قبل الانهيار الداخلي.
ذراع طهران الأكثر حيوية
وتختتم المصادر بالقول إن طهران باتت ترى الحوثيين اليوم باعتبارهم “الذراع الأكثر حيوية” بعد خسائرها في لبنان وسوريا، وإن نجاح شهلائي في مهمته سيعيد ترسيخ الجماعة كمركز نفوذ إيراني أول في جنوب الجزيرة العربية، رغم ما تخفيه من تصدعات غير مسبوقة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news