كشفت مصادر مطلعة عن تطورات خطيرة في محاكمة 21 معتقلاً تتهمهم جماعة الحوثي بـ"التجسس"، حيث تم ممارسة ضغوط شديدة على غالبية المتهمين للتخلي عن حقهم الأساسي في الاستعانة بمحامٍ، مما يثير تساؤلات جادة حول نزاهة الإجراءات القضائية ومصير المعتقلين.
وفقاً للمصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، سمحت السلطات الحوثية فقط بتوكيل محامين للدفاع عن 12 متهماً من أصل 21، بينما أجبر 9 آخرون على الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم أمام المحكمة الجزائية المتخصصة، المعروفة بنظرها في القضايا السياسية والأمنية.
وعود وهمية مقابل التنازل عن الحقوق
وأوضح المصدر أن الضغط على المعتقلين التسعة لم يكن عشوائياً، بل جاء ضمن حملة منسقة من قبل عناصر الأمن التابعة للجماعة. وقد تم إيهام المعتقلين بأن الدفاع عن الذات قد يكون الطريق الأسرع للإفراج عنهم، مستخدمين عبارات تحمل في طياتها تهديداً ووعوداً وهمية، حيث أكد لهم أحد الضباط:
"إذا تريد أن تتخارج، فادفع عن نفسك بدلا من المحامي"
.
ويعد هذا الإجراء انتهاكاً صارخاً لأبسط مبادئ المحاكمات العادلة التي تكفلها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، والتي تمنح كل متهم الحق في محامٍ كفء لضمان محاكمة عادلة، خاصة في قضايا خطيرة كالتجسس التي قد تصل عقوبتها إلى الإعدام.
جلسات مستعجلة في أجواء "مخيفة"
وتتواصل المحكمة الجزائية المتخصصة في صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيون بالكامل، عقد جلسات المحاكمة بشكل مستعجل وغير مسبوق. ووصف المصادر الأجواء داخل قاعة المحكمة بـ"المخيفة"، مشيرة إلى أن الإجراءات تتم في سرية تامة وتحت حراسة أمنية مشددة، مما يزيد من حالة الرهبة والترهيب التي يعيشها المتهمون وأسرهم.
وبالتوازي مع هذه الإجراءات القضائية، تشن وسائل الإعلام التابعة للحوثيين حملة تهويل إعلامي مكثفة، تصور المتهمين على أنهم "جواسيس وعملاء"، في محاولة واضحة لتشويه سمعتهم وإصدار أحكام مسبقة عليهم قبل إعلان النطق بالحكم النهائي، مما يثير شكوكاً حول حيادية القضاء واستقلاليته.
سياق وتداعيات
تُعرف المحكمة الجزائية المتخصصة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون بإصدارها أحكاماً قاسية، بما في ذلك أحكام الإعدام، في قضايا ذات طابع سياسي، ويتم انتقادها بشكل واسع من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية والمحلية لغياب معايير المحاكمة العادلة.
ويأتي هذا التطور ليعكس تصاعداً في انتهاكات الحوثيين للحقوق القانونية للمعتقلين، ويضع المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية أمام مسؤولياتهم للمطالبة بالكشف عن ملابسات هذه القضية، وضمان حق المعتقلين في محاكمة عادلة وشفافة، بعيداً عن أي ضغوط أو تهديدات. ويبقى مصير الـ 21 متهماً معلقاً في ظل إجراءات قضائية وصفتها المصادر بأنها "مسرحية هادفة لإصدار أحكام جاهزة مسبقاً".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news