أطفال السودان… أثقال الكبار في زمن الحرب"
قبل 36 دقيقة
في خضم حرب السودان المستعرة، حيث تتاكل أسس الدولة وتتلاشى ملامح الأمان، يبرز وجه مأساة حقيقية لا يمكن تجاهلها، أطفال باتوا يدفعون الثمن الأغلى نتيجة لهذا الحرب القذرة، هناك هي قصص تتجاوز حدود الألم، تنقل طفولتهم من ساحة اللعب إلى خطوط الصراع، مجبرين على حمل أوزان تفوق أعمارهم بكثير. هذا هو الواقع المرير الذي يعيشه جيل كامل، يحلم بوقف إطلاق النار لا بدمية جديدة.
في الفاشر أو أي من معسكرات النزوح المترامية الأطراف، تتجسد المأساة في صور حية ميسون، طفلة لم تتجاوز الخامسة من عمرها، تجسد رمزاً للعبء الثقيل، حين حملت أخاها الصغير المريض على كتفها متجهة به إلى أقرب نقطة طبية. لم يكن أمامها خيار؛ فأمها مصابة وعاجزة عن الحركة ميسون هنا ليست طفلة تلهو، بل هي ممرضة، وحامية، وناقلة، في غياب أو عجز الكبار. هذه الصورة تختصر انهيار شبكة الحماية الأسرية والمجتمعية تحت وطأة القتال.
وعلى جبهة أخرى من المعاناة، يتحول العلاج إلى حلم يشهد الجميع مشهد الأطفال وهم ينتظرون البسكويت المخصص لعلاج سوء التغذية، ويتلقونه كأنه جائزة كبرى في مسابقة الحياة، هذا المشهد يوضح مدى التدهور الحاد في الأمن الغذائي، حيث يصبح البسكويت البسيط هو الفارق بين البقاء والهلاك، في إشارة واضحة إلى تفاقم مستويات الجوع وسوء التغذية الوخيمة التي تهدد الآلاف،
لقد تكيّف هؤلاء الأطفال مع واقع جديد لا يعرفون سواه: أصوات المعارك المدوية، دوي الانفجارات المستمر، وحياة المخيمات المؤقتة. لقد نسوا شكل مقاعد الدراسة، وأصبحت خيم النزوح هي فصولهم الدراسية الجديدة. هذا التكيف القسري يهدد بخلق جيل ضائع يعاني من صدمات نفسية عميقة تتطلب سنوات طويلة من العلاج وإعادة التأهيل،
في ضحكاتهم الخافتة وعيونهم التي تحمل ألم الأرض، تتجلى رسالة موحدة وقاطعة، اسكتوا صوت البنادق وأعيدوا لنا الحياة إنها صرخة صامتة من أرواح بريئة تناشد العالم والجهات المتحاربة بوضع نهاية فورية لهذا النزاع. فما لم توضع الأسلحة جانباً، ستبقى ميسون وغيرها من أطفال السودان يحملون أثقال الكبار ويدفعون ثمن حرب لم يختاروها، يجب أن يتحول الاهتمام الدولي من مجرد تقديم المعونات إلى العمل الحاسم من أجل السلام الدائم وحماية هذه الطفولة المهدورة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news