انتفاضة الثاني من ديسمبر.. محطة فاصلة في مسار الصراع اليمني
قبل 14 دقيقة
يُعدّ الثاني من ديسمبر 2017 إحدى أهمّ المحطات المفصلية في التاريخ اليمني الحديث، إذ مثّل لحظة فارقة أنهت مرحلةً من التحالفات المعقّدة، وأعادت تشكيل الوعي الوطني في مواجهة المشروع السلالي الحوثي الذي سعى لتحويل الدولة اليمنية إلى كيانٍ تابعٍ لمصالح خارجية.
لم يكن ذلك اليوم مجرّد انتفاضةٍ عسكرية، بل موقفًا وطنيًا وسياسيًا صريحًا عبّر عن رفض الشعب اليمني للهيمنة المذهبية والوصاية الأجنبية.
خرج الرئيس علي عبدالله صالح في الثاني من ديسمبر بموقفٍ واضحٍ وشجاع، معلنًا أن المشروع الحوثي لم يكن يومًا شريكًا وطنيًا، بل خطرًا على الدولة والجمهورية والمواطنة المتساوية.
لم يكن تحرّكه بحثًا عن سلطةٍ مفقودة، بل محاولةً أخيرة لإنقاذ اليمن من مصيرٍ مظلم، بعدما تحوّلت مؤسسات الدولة إلى أدواتٍ بيد جماعةٍ ترفع شعاراتٍ دينية لتبرير الاستبداد.
أعلن صالح بوضوح أن اليمن لا يُدار بالكهنوت ولا بالوصاية، وأن الشعب هو صاحب القرار والسيادة.
ورغم استشهاد الزعيم علي عبدالله صالح ورفيقه عارف الزوكا في تلك المواجهة، فإن الدماء التي سُفكت لم تكن نهاية، بل بداية مرحلةٍ جديدة من الوعي الوطني.
لقد أدرك اليمنيون أن معركتهم الحقيقية ليست معركةَ سلطة، بل معركةُ هويةٍ وكرامةٍ وسيادة.
ومنذ ذلك اليوم، تحوّلت ذكرى الثاني من ديسمبر إلى رمزٍ للصمود والتحدّي، وإلى محطةٍ لتذكير الجميع بأن الوطن لا يُختزل في حزبٍ أو جماعة، بل هو ملكٌ لكلّ أبنائه دون استثناء.
داخليًا، تؤكد هذه الذكرى أن أي مشروعٍ خارج إطار الدولة والجمهورية مصيره الفشل، وأن الشعب اليمني لا يقبل حكم السلالة أو استبداد القوة.
وخارجيًا، تُظهر أن اليمنيين قادرون على تصحيح مسارهم السياسي متى ما توحّدوا خلف هدفٍ وطنيٍ جامع.
إن روح ديسمبر يجب أن تتحوّل إلى إطارٍ وطنيٍ يجمع القوى السياسية والاجتماعية والعسكرية على هدفٍ واحد: استعادة الدولة وبناء مشروعٍ جمهوريٍ مدنيٍ جديد.
إن استعادة الدولة اليمنية لا تعني العودة إلى دوّامة العنف، بل تعني إعادة بناء مؤسسات الشرعية، وتوحيد القرار الوطني، وتفعيل دور النخب السياسية والمجتمعية في صياغة مستقبلٍ يقوم على العدالة والمواطنة والمشاركة.
اليمن ،اليوم، لا يحتاج إلى مزيدٍ من الدماء، بل إلى ضمائر حيّةٍ وعقولٍ وطنيةٍ تدرك أن السلاح لا يصنع سلامًا، وأن القوة الحقيقية تكمن في الوعي والاتحاد لا في التناحر والانقسام.
الثاني من ديسمبر ليس مجرّد ذكرى، بل عهدٌ وطنيٌّ متجدّد يُذكّر الجميع بأن اليمن لا يعيش إلا بالأوفياء الذين يؤمنون أن الوطن فوق المذهب والحزب والمصلحة.
إن الوفاء لتلك الانتفاضة لا يكون بالبكاء على الماضي، بل بالعمل لبناء مستقبلٍ يليق بتضحيات الأحرار.
فاليمن لا يُحكم بالخوف، ولا يُقاس بالقوة، بل يُصان بالعزيمة والإخلاص والإيمان بأن الكرامة وطنٌ لا يُباع ولا يُشترى.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news