تجريف مرتقب لما تبقى من القضاء.. عصابة الحوثي تهدم محراب العدالة وأساس الحكم في اليمن
تسعى عصابة الحوثي الإيرانية في اليمن للسيطرة على ما تبقى من محراب العدالة وأساس الحكم في البلاد، من خلال إصدار قرارات تعيين عدد من عناصرها الإرهابية في أعلى هرم السلطة القضائية، مستكملة بذلك سيطرتها المطلقة على مؤسسات القضاء وتحويلها إلى أدوات خاصة بها.
فبعد جريمة تعيين عدد من عناصرها الإرهابية في السلك القضائي دون أي تعليم شرعي أو قانوني، مكتفية بمنحهم دورة في فنون الطائفية ليتم بعدها منحهم مناصب قضاة، تستعد العصابة، وفق مصادر قانونية، لإصدار قرارات تعيين عدد من كهنتها في مجلس القضاء والمحكمة العليا، لتستكمل عملية تجريف وتحوير القضاء وتطويعه للعمل على شرعنة مشروعها الإجرامي.
الهدم الأخير لأساس الحكم
ووفق المصادر، فقد استكملت العصابة الإيرانية الاستعداد لآخر عملية هدم للقضاء والاستحواذ على أهم أركان وأسس الحكم والعدالة في البلاد، مستعدة لإصدار قرارات تعيين غير قانونية لعقائديين ومعتنقي المذهب الطائفي الإيراني في مناصب عليا بالسلك القضائي المختطف.
وحسب المصادر، اختارت العصابة القيادي المدعو عبد الكريم محمد الشامي لمنصب رئيس مجلس القضاء الأعلى، والقيادي محمد الديلمي لمنصب رئيس المحكمة العليا، والقيادي ماجد حسن العنسي لمنصب رئيس التفتيش القضائي ورئيس المحكمة الجزائية العامة في مناطقها، والقيادي مروان المحاقري لمنصب أمين عام مجلس القضاء الأعلى وعضو في المحكمة العليا.
كما منحوا القيادي مراد حسين العنسي منصب النائب العام، وهو شقيق منتحل صفة رئيس التفتيش القضائي، فيما تولى القيادي حسن العرجلي منصب محامي أول بمكتب النائب العام، والقيادي عبدالله الربيعي منصب أمين عام المحكمة العليا، والقيادي أمين قاسم قبيظة منصب رئيس لجنة المظالم بمكتب رئاسة الجمهورية.
قضاء وفق الرؤية الإيرانية
وأكّد عدد من المحامين والقضاة الوطنيين أن عصابة الحوثي حققت أول أهداف مشروعها بالكامل والمتمثل في السيطرة المطلقة على القضاء وتحويله إلى مؤسسة طائفية تشبه إلى حد كبير القضاء في عهد الإمامة البائدة.
وأشاروا إلى أن سلك القضاء ومؤسساته باتت كلها في خدمة المشروع الإيراني المتمثل بالحوثية، وأن شرائع الحكم ستُطبق وفق النهج الطائفي والرؤية الإيرانية الإثني عشرية، بعيداً عن الشريعة الإسلامية السمحة وأصول الفقه المعتدل المبني على الوسطية.
تسريع حوثنة الحكم
ويرى العديد من المختصين في المجالات القانونية وشيوخ الدين المعتدل أن الحوثيين عمدوا إلى حوثنة القضاء بالكامل لإرساء قواعد حكم الإمامة الجديدة القائمة على تيار فكري مستمد من شيعة الشوارع في إيران.
وأكدوا أن جماعة الحوثي باستحواذها على القضاء ومؤسساته تكون قد استكملت تقويض العدالة والنزاهة واستقلال مؤسسة العدالة اليمنية، التي تعرّضت لتجريف متواصل منذ انقلابهم في 2014.
وأوضحوا أن الحوثيين ركزوا اهتمامهم بشكل رئيسي على القضاء ومؤسساته، والأوقاف والإرشاد والتعليم بمختلف مستوياته وتخصصاته، والإعلام والثقافة، باعتبار تلك المؤسسات تشكّل أكبر تهديد لمشروعهم، وكانت السبب في إنهاء حكم الإمامة البائد.
تكريس الطائفية وفكر العصابة
وفي هذا الإطار، عمدت عصابة الحوثي إلى صبغ هيئات ومؤسسات القضاء بصبغة طائفية، وقضت على كل ملامح استقلال القضاء والحكم العادل وفق الشريعة الإسلامية.
وشكلت قرارات تعيين نحو 100 من عناصرها الإرهابية المشبعة بالفكر الطائفي في السلك القضائي مؤخراً، دون حصولهم على أي تعليم مختص، ضربة قاضية للعدالة والقضاء والحياة الآمنة.
وأكدت مصادر قضائية أن الحوثيين هدفوا بتعيين عناصرهم غير المؤهلة أكاديمياً أو عبر المعهد العالي للقضاء أو أي مدارس فقهية معترف بها، ولا دور تحفيظ للقرآن وعلومه الشرعية، لتكريس فكر العصابة في الحكم.
وقالت المصادر إن العصابة الحوثية لا تريد أشخاصاً مؤهلين، لأنهم سيرفضون تمرير المخالفات القضائية والقانونية التي ترتكبها قيادات وعناصر العصابة، بما في ذلك جرائم القتل والنهب والمصادرة وانتهاك الحرمات، وكل هذه المخالفات تحتاج لقضاء يتغاضى عنها ويعمل وفق فكر العصابة.
القضاء بداية الحوثنة
وأكدت مصادر قانونية أن عصابة الحوثي بدأت بتنفيذ خطة الاستحواذ والتفرد بالحكم في مناطق سيطرتها، وحوثنة المناصب القضائية، وستليها بقية الجهات التي يجري تعديل لوائحها وتنظيمها وفق الفكر الحوثي المستمد من النهج الإيراني.
وأوضحت أن العصابة عمدت إلى إعادة صياغة العديد من القوانين الخاصة بعمل القضاء وجميع مرافق الدولة التي احتلتها، بما يتيح لها تنفيذ مشروعها الإمامي الجديد، وكانت البداية من أهم المؤسسات، وهي القضاء.
ووفق المصادر، تم إسناد العديد من المناصب العليا في جميع مؤسسات الدولة المحتلة حوثياً إلى عناصر عقائدية تحمل الفكر الطائفي وتؤمن بأن غير معتنقي المذهب الإثني عشري هم عبيد لهم، وأن كل ما يملكون يصب في خدمة هذه الشرذمة الطائفية المستندة إلى الاستباحة والقتل وسفك الدماء لتحقيق مصالح إيران.
مسميات لتمرير المخطط
ولتمرير مخططها الإيراني والطائفي والانفرادي في الحكم، تعمد العصابة الحوثية لتمريره تحت مسميات حديثة مثل "التأهيل المهني"، الذي اتبعته لتعيين 83 معمماً موالياً لها في عدد من المحاكم، فيما تستعد لفحص الأصول العائلية للقضاة غير الموالين لها، تمهيداً لإقصائهم.
ووفق مصادر متعددة بصنعاء، تعمل العصابة على تمرير مخططات استحواذ أخرى في بقية المؤسسات تحت مسميات "مكافحة الفساد"، و"إصلاح المؤسسات"، و"إعادة هيكلة"، للتأكد من أحقيتهم بتولي المناصب والوظائف، تحت مبررات النقاء السلالي وعدم مزاولة أسلافهم لأي مهن لا تتناسب مع مكانة تلك المناصب.
واستهداف القضاء والأوقاف والتعليم يؤكد أن العصابة بدأت تنفيذ المخطط، ويجري تعديل عدد من القوانين وبنود الدستور بما يتوافق مع فكرها المستلهم من النهج الإيراني وممارسات أسلافهم الإماميين، القائم على تصنيف استعلائي يحدد قيمة الأفراد وفق انتماءاتهم العائلية والمهن التي يمارسونها.
وخلال الأعوام الأخيرة، تعرض عدد من القضاة في مناطق سيطرة الجماعة لانتهاكات متعددة، شملت الإقصاء والفصل والإحالة إلى محاكمات غير عادلة وإجراءات عقابية غير قانونية، وصولاً إلى الاعتداءات والاختطاف والقتل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news