دعت منظمة سام للحقوق والحريات، مقرها جنيف، إلى تشكيل جهة وطنية من مختلف الفئات والشرائح لمناهضة الاعتقال والاعتقال القسري والتعذيب في اليمن.
وقالت المنظمة في بيان لها، إنها تتابع بقلقٍ بالغٍ استمرار وتصاعد الاعتقالات التعسفية وحالات الإخفاء القسري والتعذيب في مناطق سيطرة جماعة الحوثي، تحت ذرائع متعددة، سياسية وأمنية وطائفية، في ظل صمتٍ أمميٍّ مريبٍ وعجزٍ دوليٍّ عن ردع هذه الممارسات أو حماية ضحاياها.
وأضافت: "لقد تحوّلت هذه السياسة إلى أداةٍ لإخضاع المجتمع وإسكات الأصوات، حيث باتت السجون والمعتقلات في اليمن رمزًا للخوف وكتم الحقيقة، ووسيلةً لفرض واقعٍ من القهر والعقاب الجماعي. وأصبح كثيرٌ من الأحرار، من سياسيين وصحفيين وأكاديميين وحقوقيين وطلاب، خلف القضبان، محرومين من حريتهم، ومجهول مصيرهم منذ سنوات".
وأوضحت أن المأساة لا تقتصر على الضحايا وحدهم؛ "فخلف كل معتقل أسرةٌ تتجرّع الوجع بصمت، وأمٌّ تسهر الليالي في انتظار اتصالٍ لا يأتي، وزوجةٌ تقف بين الخوف والرجاء، وأطفالٌ يكبرون على الغياب والحرمان. إنّ الاعتقال في اليمن لم يعد سجنًا لفرد، بل سجنًا لعائلةٍ بأكملها، ومعاناةً تمتد إلى المجتمع بأسره الذي ينهكه الانتظار وتنهشه مشاعر العجز والقهر".
وتابعت: "لقد وصل الوجع إلى كل بيت، وسكنت الآلام كل قلب أم، وأوجع الفقد كل قريب، حتى صار الصمت شريكًا في الجريمة، وذريعةً لاستمرارها، وعليه؛ فإن السكوت ليس إلا مزيدًا من القهر والإهانة، وتمكينًا للجلاد من التمادي في غيّه، فلا تعافٍ ولا شفاء دون أن نقف جميعًا صفًّا واحدًا مع الإنسان اليمني، دفاعًا عن كرامته وصونًا لحقوقه".
وأكدت "سام" أنّ ما يُسمّى بالمحاكمات التي تُجرى في مناطق سيطرة الجماعة ليست سوى محاكماتٍ شكليةٍ تُستخدم لإضفاء شرعيةٍ زائفةٍ على الانتهاك. تُصدر أحكام الإعدام والسجن بحق مدنيين بعد جلسات مغلقة، دون حضور محامين أو احترامٍ لأبسط ضمانات العدالة، في انتهاكٍ واضحٍ للدستور اليمني وللقانون الدولي الإنساني.
وأشارت المنظمة إلى أنّ التعذيب داخل السجون أصبح ممارسةً ممنهجةً تُرتكب تحت إشراف أجهزةٍ أمنيةٍ متضخّمةٍ تتعقّب أنفاس المواطنين وتتنصّت على اتصالاتهم، حيث يتعرّض المعتقلون للضرب، والصعق، والحرمان من النوم، والعزل الطويل، والإذلال النفسي المستمر، في محاولةٍ لتدمير إنسانيتهم وكسر إرادتهم، ناهيك عن ذلك فإنّ آثار التعذيب لا تنتهي بخروج الضحية من المعتقل؛ بل تبقى محفورةً في الجسد والذاكرة، وتتحول إلى ندبةٍ في ضمير الوطن كله.
وقالت "سام" إن السكوت لم يعد مقبولًا، وأنّ هذه القضية يجب أن تتحول من ملفٍ حقوقي محدود إلى قضيةٍ وطنيةٍ جامعةٍ، يتصدّى لها كل يمني حرّ، بعيدًا عن الولاءات والانقسامات والمصالح الضيقة، داعية إلى تشكيل "جبهة وطنية لمناهضة الاعتقال والإخفاء والتعذيب".
واقترحت المنظمة أن تضمّ الجبهة في صفوفها المشايخ والعلماء والأكاديميين والحقوقيين والصحفيين والكتّاب والسياسيين والتجار والسفراء وممثلي منظمات المجتمع المدني، بهدف توحيد الموقف الوطني والعمل المشترك على: "إطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفًا والمخفيين قسرًا في كل المناطق اليمنية دون استثناء، وإصدار "إعلان اليمن ضد الاعتقال والإخفاء" كوثيقة وطنية تُدين هذه الجرائم وتطالب بوقفها الفوري"
وأضافت أن الجبهة يجب أن تضطلع بـ "تنظيم فعاليات وطنية عامة في القرى والمدن، يومًا وطنيًا لإدانة الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، ودعم الجهود الحقوقية والإعلامية والقانونية لتوثيق الجرائم وملاحقة المسؤولين عنها محليًا ودوليًا، وتعزيز وعي المجتمع اليمني بخطورة الصمت على هذه الانتهاكات، وتأكيد أن الحرية والكرامة أساس أي مشروع وطني أو مصالحة مستقبلية".
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news