يواصل عشرات من جرحى الجيش الوطني والمقاومة الشعبية اعتصامهم المفتوح أمام بوابة دائرة الرعاية الاجتماعية التابعة لوزارة الدفاع في مدينة مأرب، لليوم الثالث على التوالي، للمطالبة بصرف مرتباتهم المتأخرة وتحسين أوضاعهم المعيشية، واستكمال علاج الحالات الحرجة التي تهدد حياة المئات منهم
.
الجرحى المعتصمون يؤكدون أن تحركهم يأتي بعد تجاهل طويل من الجهات المعنية، مطالبين بـ"تسليم الرواتب والإكراميات المتأخرة، وعلاج الحالات المستعصية، وتسوية المرتبات مع بقية التشكيلات العسكرية، إضافة إلى بناء وحدات سكنية خاصة بالجرحى
".
وقال عدد منهم في تصريحات صحفية، إن المئات من الجرحى يواجهون خطر الموت بسبب توقف العلاج في الداخل وعدم تسفير الحالات الخطرة للعلاج في الخارج، مشيرين إلى أن مطالبهم إنسانية بحتة وليست سياسية
.
زيارات تضامنية وموجة تعاطف
وشهد موقع الاعتصام خلال الساعات الماضية زيارات لعدد من الوجهاء والنشطاء والحقوقيين، تعبيرًا عن تضامنهم مع الجرحى الذين نفذوا وقفات متكررة خلال العام الماضي، قبل أن يبدؤوا اعتصامًا مفتوحًا منذ يومين على رصيف الشارع العام في وسط مدينة مأرب
.
على منصات التواصل الاجتماعي، أثار المشهد موجة واسعة من التعاطف والغضب، حيث اعتبر كثير من الناشطين أن استمرار معاناة الجرحى يمثل "فضيحة أخلاقية وإنسانية" للسلطات الشرعية ومؤسساتها
.
ردود الفعل الإعلامية
الإعلامي مختار الفقيه كتب
:
"
لجوء الجرحى إلى الاعتصام من أجل حقوقهم يلطخ وجوه القادة والمسؤولين وسمعتهم، من رئاسة المجلس إلى الحكومة وصولًا إلى أصغر موظف في منظومة الشرعية. الجريح لا يعتصم إلا بعد أن تغلق أمامه الأبواب، ويجف صبره، وتتحول تضحيته إلى ملف مرمي داخل إدراج الوزارات
".
وأضاف الفقيه أن الجريح الذي "وقف على الجبهة ليمنع سقوط الوطن، يقف اليوم أمام مقر رسمي ليمنع سقوط العدالة والوفاء"، متسائلًا: "إذا كان الجرحى بلا قيمة عند أصحاب القرار، فمن له القيمة إذن؟
".
أما الإعلامي بشير الحارثي فوجه رسالة مباشرة إلى محافظ مأرب عضو مجلس القيادة الرئاسي، الشيخ سلطان العرادة، قال فيها
:
"
جرحى الجيش الوطني عار عليك يا شيخ سلطان إن لم تنصفهم وتتبع أحوالهم. هؤلاء والشهداء كانوا الجدار الأخير الذي حافظ على مأرب أولاً والشرعية ثانيًا. معالجة ملفات الجرحى وانتظام رواتبهم وأسر الشهداء يجب أن تكون أولوية لديكم
".
الإعلامي جميل عز الدين هو الآخر اعتبر أن من "المعيب جدًا أن يطالب الجرحى بحقوقهم"، مؤكدًا أن "مستحقاتهم يجب أن تصل إلى منازلهم دون مطالبة"، مضيفًا
:
"
فلولا هؤلاء لما كنا اليوم نمثل شرعية ونواجه مشروعًا فارسيًا. تنفيذ متطلبات الجرحى واجب ديني قبل أن يكون وطنيًا
".
من جهته، كتب الصحفي سيف الحاضري بلهجة شديدة
:
"
هل يُعقل أن صرخات الجرحى وهدير غضب الشعب لم تصل إلى مسامع مجلس القيادة والحكومة والنواب؟ لقد عرفنا انعدام المسؤولية، لكن الكارثة أننا اليوم نعيش مرحلة انعدام الأخلاق أيضًا
".
وأضاف: "من يتجاهل أنين الجرحى لا يستحق شرف القيادة. الجرحى وأسر الشهداء ومرتبات الجيش هي أولويات وطنية مقدسة تسبق نفقات الفنادق وكشوفات الإعاشة الحرام
".
الناشط عبدالإله المطري دعا بدوره مجلس القيادة إلى "الجلوس على المقاعد نفسها التي يجلس عليها الجرحى"، حتى لا ينسوا "من لهم الفضل في ما هم عليه اليوم".
من جانبه، شدد الناشط أحمد العباب على أن التضامن مع الجرحى واجب وطني وإنساني، مؤكدًا ضرورة أن يكون هذا التضامن "خالصًا لله ومن أجل الجرحى فقط، لا لتحقيق
مكاسب شخصية
".
أزمة ممتدة
يأتي هذا الاعتصام امتدادًا لتحركات سابقة نفذها الجرحى منذ العام الماضي، احتجاجًا على ما وصفوه بـ"الإهمال الحكومي المتكرر"، في وقت يشكو فيه آلاف من منتسبي الجيش اليمني من توقف الرواتب لأشهر طويلة، وغياب الرعاية الصحية والتأهيلية للجرحى والمعاقين
.
ويرى مراقبون أن استمرار تجاهل ملف الجرحى يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية في صفوف المقاتلين الذين ضحوا بجزء من أجسادهم دفاعًا عن الدولة والجمهورية، ويضع القيادة السياسية والعسكرية أمام اختبار أخلاقي وإنساني حقيقي
.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news