السقوط الأخير للقوميين العرب .. حين يُعبد العجل بخوارٍ سياسي

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 55 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
  السقوط الأخير للقوميين العرب .. حين يُعبد العجل بخوارٍ سياسي

السقوط الأخير للقوميين العرب .. حين يُعبد العجل بخوارٍ سياسي

قبل 8 دقيقة

ما كان لمشهد الأمس في بيروت أن يمر مرور الكرام، فذلك الاجتماع الذي سُمّي "مؤتمر القوميين العرب" لم يكن إلا جنازة فكرية لجماعة كانت يومًا تبشر بالنهضة والوحدة والتحرر، فإذا بها اليوم تجلس خاشعة أمام شاشة تبث خطاب عبد الملك الحوثي، تصغي لكلماته كما لو كانت وحياً، وتهز رؤوسها إيمانًا وتصديقًا. هكذا ببساطة، تهاوى البناء الذي شيدته أجيال من المفكرين والمناضلين، ليُستبدل بمشهد عبثي يجمع بين الخرافة والادعاء.

لقد أثبت التاريخ أن الإنسان يُقدّس ما يرى فيه خلاصه، ولكن حين يُضلّل العقل وتُطفأ شعلة الوعي، يتحول هذا التقديس إلى عبادة عمياء، يختلط فيها الرمز بالوهم، والمخلص بالجلاد. هكذا فعل القوميون العرب الذين كانوا يومًا يتغنون بالعقل والحرية والتنوير، فإذا بهم يسقطون في هوة التبجيل لشخص لم يعرف طريق الجامعة، ولم يقدم سوى خطاب تعبوي مذهبي مغلق، قائم على الكراهية والانغلاق والاصطفاف الطائفي.

إن المشهد الذي رأيناه لم يكن مجرد انحراف سياسي، بل هو إفلاس فكري كامل، وانهيار للمقاييس التي كانت تفرق بين الوعي والخرافة، وبين المشروع الحضاري والردة إلى العصبيات الضيقة. القوميون الذين طالما تغنوا بالوحدة العربية وجدوا أنفسهم اليوم يصفقون لمن يقود مشروع تمزيق الأمة من أقصاها إلى أقصاها، باسم "المقاومة" و"الصمود"، وهي الشعارات ذاتها التي صارت تُستخدم لتبرير الاستبداد والدمار.

أي سقوط هذا حين يصبح المثقف تابعًا للدهماء، والعقل أسيرًا للشعارات؟ كيف يرضى باحث أو أستاذ جامعي أن يجعل من نفسه مُروّجًا لوهم سياسي مموّه بلبوس ديني؟ إنها ليست مجرد لحظة ضعف، بل لحظة انكشاف عميق: انكشاف عجز الفكر القومي عن تجديد ذاته، وعن قراءة الواقع بمعايير العصر، لا بمعايير الماضي.

لقد صنع القوميون، بوعي أو بغير وعي، "سُلّم الوهم" الذي صعدوا عليه، وها هو اليوم يتهاوى تحت أقدامهم. صنعوا لأنفسهم مخلصين وهميين، ثم كفروا بهم حين خاب الرجاء، وها هم يعيدون إنتاج الوهم ذاته في نسخة أكثر بؤسًا. ولو أنهم منحوا العقل مكانته، ووضعوا "الرموز" في حجمها الطبيعي، لكان بإمكانهم أن يبنوا مشروعًا واقعياً متينًا يستمد قوّته من الفكر لا من الخوار.

إن ما جرى في بيروت لا ينبغي أن يُقرأ كواقعة عابرة، بل كإشارة إلى نهاية مرحلة طويلة من التضليل الذاتي. فحين يصبح القومي تابعًا للمذهبي، والمثقف مريداً للجاهل، تكون النهاية قد كُتبت. وربما كان ذلك قدر كل فكر يرفض النقد الذاتي، ويُفضّل الشعارات على الحقيقة.

لقد مات المشروع القومي يوم مات العقل في أروقة بيروت، يوم صارت "عبادة العجل" بديلاً عن "تحرير الإنسان"، وصار الخوار نشيدًا يُصفّق له الفلاسفة.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

اختفى طفل يمني 3 ساعات في مستشفى حكومي.. المفاجأة الصادمة عند العثور عليه!

نيوز لاين | 495 قراءة 

الرئيس الراحل علي صالح يظهر في صورة نادرة مع شخصيات يمنية بارزة ومعهم طارق

يمن فويس | 389 قراءة 

تعرض الحو ثيين بصنعاء لضربة حاسمة غير متوقعة

كريتر سكاي | 289 قراءة 

جدل واسع عقب تسريب فيديو لامجد خالد ماذا يحدث؟

كريتر سكاي | 280 قراءة 

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يعزي الملك سلمان

يمن فويس | 272 قراءة 

السلطات السعودية تعتقل مسؤول يمني في منزله بالرياض لهذا السبب

بوابتي | 255 قراءة 

شاحنة تصعد إلى سطح منزل في إب نتيجة السرعة الزائدة .. ونجاة السكان بأعجوبة (صورة)

المشهد اليمني | 244 قراءة 

مجند حوثي يغتصب فتاة تحت تهديد السلاح ويجبرها على الحمل والولادة وهذا ما فعلته المليشيات بالمولود

المشهد اليمني | 244 قراءة 

مبادرة سلام تاريخية تُطبخ في الرياض وواشنطن.. محمد بن سلمان يقود تحركًا ثلاثيًا في اليمن ولبنان والعراق

الأمناء نت | 223 قراءة 

صحيفة تكشف عن خطة سعودية جديدة لتسويات في اليمن ولبنان والعراق

يمن فويس | 218 قراءة