أطلقت المديرية العامة للحماية المدنية والعمليات الإنسانية في الاتحاد الأوروبي تحذيراً صارخاً بشأن تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن، ناجمة عن الانتشار الممنهج للألغام الأرضية ومخلّفات الحرب التي زرعتها ميليشيا الحوثي الإيرانية على نطاق واسع. وأكدت المديرية في تقرير حديث، أن مساحات شاسعة من البلاد تحولت إلى "حقول موت خفي" تهدد حياة الملايين من المدنيين وتشكل عائقاً حقيقياً أمام أي جهود للإعمار والتعافي.
تفاصيل مأساوية وكارثية متفاقمة
ووفقاً للتقرير، الذي يرسم صورة قاتمة للواقع على الأرض، فقد سجّل اليمن خلال العقد الماضي ثالث أعلى عدد من الضحايا جراء الألغام ومخلفات الحرب على مستوى العالم، وهو ما يضع البلاد في قائمة الدول الأكثر تضرراً من هذه الآفة القاتلة. وقد رصد التقرير أن محافظتي تعز والحديدة، اللتين شهدتا بعضاً من أشرس المعارك، هما الأكثر تضرراً على الإطلاق، حيث تشكلان معاً ما يقرب من نصف إجمالي الحوادث والإصابات المسجلة على مستوى البلاد.
وأوضح التقرير أن الخطر لا يقتصر على ساحات المعارك السابقة، بل تسلل إلى تفاصيل الحياة اليومية. فالأحياء السكنية مليئة بالمتفجرات، والطرق التي يسلكها الأطفال يومياً لمدارسهم قد تكون مفخخة، والمزارع التي تعتبر مصدر الرزق الوحيد للكثيرين تحولت إلى مناطق محظورة. هذا الواقع يقوّض أي شعور بالأمن والاستقرار بين السكان، ويجعلهم يعيشون في حالة من الخوف الدائم.
وجه إنساني مُدمّر
من جانبها، قالت رئيسة مكتب المساعدات الإنسانية للاتحاد الأوروبي في اليمن، مورييل كورنليس، إن الأثر المدمر لهذه الألغام يتجاوز حصاد الأرواح البريئة. وأضافت في تصريحات لها: "الألغام لا تحصد الأرواح فحسب، بل إنها تجثم على صدر الحياة اليومية؛ إنها تعرقل وصول السكان إلى أبسط الخدمات الحيوية مثل المراكز الصحية والمدارس، وتحرم آلاف الأسر من أراضيهم الزراعية، مما يفقدهم مصدر دخلهم ويزيد من حدة معاناتهم في ظل ظروف معيشية قاسية بالفعل".
عامل الخطر المتجدد: الفيضانات تُعيد نشر الكارثة
ولتزيد الطين بلة، أشارت كورنليس إلى أن الفيضانات الأخيرة التي اجتاحت مناطق واسعة من اليمن قد جرفت معها كميات هائلة من الألغام ومخلفات الحرب من مواقعها الأصلية، لتلقي بها في مناطق جديدة كانت تعتبر آمنة نسبياً، مثل الوديان والمجاري المائية والمناطق الزراعية المنخفضة. هذا التطور الخطير وسّع دائرة الخطر بشكل غير مسبوق، ورفع عدد المتأثرين بالكارثة، وجعل مهمة إنقاذ الأرواح أكثر تعقيداً.
دعوة عاجلة للتحرك
وختاماً، شددت المسؤولة الأوروبية على أهمية تكثيف الجهود الدولية المنسقة لدعم فرق نزع الألغام في اليمن، ودعم حملات التوعية المجتمعية بمخاطرها، خاصة بين الأطفال والنساء. وأكدت أن حماية المدنيين هي أولوية قصوى، وأن تطهير الأراضي من هذه الآفات القاتلة هو شرط أساسي لا غنى عنه لتمهيد الطريق أمام عملية التعافي والإعمار المستدام في اليمن، وضمان عودة آمنة للنازحين إلى ديارهم.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news