الإصلاحات الاقتصادية في اليمن تضع الحكومة أمام اختبار حاسم

     
عدن تايم             عدد المشاهدات : 57 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
الإصلاحات الاقتصادية في اليمن تضع الحكومة أمام اختبار حاسم

لاقى إعلان مجلس القيادة الرئاسي اليمني عن خطة الإصلاحات الاقتصادية ترحيباً وجدلاً واسعين في الأوساط الاقتصادية، وسط تحذيرات من عدم إمكانية تنفيذ الخطة بسبب تعقيدات المشهد السياسي، وانتشار الفساد، بالتوازي مع مخاوف شعبية من تبعات بعض الإجراءات على الأوضاع المعيشية والقوة الشرائية للسكان.

وعدّ اقتصاديون وباحثون يمنيون الخطة ضرورية لإنقاذ الاقتصاد اليمني المتهالك، ولاستعادة ثقة المانحين الدوليين والفاعلين في الأزمة اليمنية بالحكومة الشرعية وإجراءاتها لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، محذرين في الوقت ذاته من عواقب وخيمة في حال فشل التنفيذ في ظل الانقسام المؤسسي، وسوء الأوضاع المعيشية، وتردي القدرة الشرائية للسكان، وتراجع التمويل الدولي للإغاثة.

وتضمن القرار الرئاسي لتنفيذ الخطة الحكومية، توجيه جميع الإيرادات من المحافظات إلى البنك المركزي، وتفعيل السياسة المالية الحكومية، وإغلاق الصناديق الموازية، ووقف الجبايات والإتاوات في النقاط العسكرية والمناطق المختلفة، وتحرير السعر الجمركي، وتوحيد آليات التحصيل المالي.

ويرى فارس النجار الباحث والمستشار الاقتصادي في مكتب الرئاسة اليمنية، أن أهم الصعوبات التي تواجه الإصلاحات الاقتصادية هي مقاومة مراكز النفوذ، وتعدد قنوات التحصيل خارج الأطر الرسمية، وفرض الجبايات غير القانونية، وهو ما يمكن معالجته بإغلاق أي حسابات موازية للجهات الإيرادية، وتفعيل القرار الخاص بذهاب الإيرادات إلى البنك المركزي، والرقابة اليومية على الإيرادات الرسمية.

ولفت في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تكليف مجلس القيادة الرئاسي للحكومة برفع تقرير خلال أسبوعين عن الإنجازات التي تحققت، وهو ما يمثل أهمية بالغة لربط القرار الرئاسي بمؤشرات واضحة، مشيراً إلى تحدي ضعف البنية المؤسسية والرقابية، وهو ما يمكن معالجته بالربط الشبكي بين المنافذ المالية والبنك المركزي، وتنفيذ مشروع المدفوعات الإلكترونية وتدريب الكوادر.

وإلى جانب ذلك، تكمن التحديات في الفساد والتهرب الجمركي والتسعير العشوائي وغير الشفاف.

وحول مواجهة الآثار الجانبية للإصلاحات الاقتصادية، أكد النجار أن إلغاء الجبايات غير القانونية سيؤدي إلى خفض التكاليف على مختلف السلع، وإلى جانب ذلك، فإن استقرار العملة المحلية والمستوى المتقدم من الإصلاحات الاقتصادية والحصول على ثقة ودعم المجتمع الدولي سيجعل من ارتفاع الأسعار الناجم عن تحرير سعر الدولار الجمركي غير محسوس.

وذكّر بأن الإصلاحات لن تمس المواد والسلع الغذائية الأساسية والأدوية المعفية من الرسوم الجمركية، ما عدا ضريبة الأرباح، في حين أن بعض السلع لن يشملها قرار تحرير الدولار الجمركي، مثل الأرز وحليب الأطفال.

وتواصل العملة المحلية استقرارها منذ قرابة 3 أشهر، حيث يبلغ سعر صرف الدولار 1,630 ريالاً، بفعل الإدارة المستمرة لسياسة الصرف الأجنبي للبنك المركزي، بعد أن كان قد قارب 3 آلاف ريال خلال يوليو (تموز) الماضي.

خطوة سيادية

على الرغم من استقرار قيمة العملة المحلية (الريال اليمني) منذ أكثر من 3 أشهر، فإنها ما زالت تمثل مصدر قلق، بسبب غياب الإصلاحات الاقتصادية العاجلة والملحة التي تضمن هذا الاستقرار، وتحوّلها إلى إجراءات فاعلة ودائمة الأثر.

وأشاد يوسف شمسان، الباحث الأكاديمي اليمني في الاقتصاد السياسي للحرب بقرارات مجلس القيادة الرئاسي، التي رأى أنها تمثل امتداداً مباشراً للأجندة الإصلاحية (سياسة العصا الغليظة) التي جرى تنفيذها عبر سياسات البنك المركزي، ضمن توافقات دولية وإقليمية تهدف إلى إصلاح المنظومة المالية للحكومة الشرعية بعد مرحلة الإصلاح النقدي.

وقال شمسان لـ«الشرق الأوسط» إن هذه الخطة تمنح الحكومة القدرة الفعلية على فرض سيادتها على موارد الدولة، ما يجعلها أكثر فاعلية واستقلالية في إدارة الشأن المالي والاقتصادي.

ووصف تأجيل ملف تصدير النفط في الوقت الراهن بالقرار الحكيم، لأنه يحافظ على توازن مكونات الحكومة الشرعية، كون إعادة تصدير النفط قد يعيد تشكيل التحالفات والخلافات داخلها.

وعدّ نجاح تنفيذ هذه القرارات اختباراً حقيقياً للحكومة الشرعية أمام المجتمع الدولي والإقليمي والشارع اليمني، إذ سيحدد مدى أهليتها لإدارة الدولة والدخول في أي تسويات أو مفاوضات سلام مستقبلية، إلى جانب أن استعادة السيادة على الموارد هي الخطوة الأولى نحو بناء الدولة، التي يجب أن تتبعها سياسات ترشيد للإنفاق العام، ومعالجة التضخم الوظيفي.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن القرارات بشأن توحيد الإيرادات العامة وضبطها تمثل أهم خطوة إصلاحية، توازي في أهميتها أي تسوية سياسية، وتتفوق عليها من حيث الأثر المباشر على استقرار الدولة، كون الذهاب إلى تسوية سياسية قبل السيادة على الموارد وتصحيح منظومة الحكم واحتكار العنف يمثل انتحاراً سياسياً للشرعية. وفق تعبيره.

وكان البنك المركزي اليمني، فرض سيطرته على سوق العملات الأجنبية، خلال شهري يوليو وأغسطس (آب) الماضيين، بإجراءات صارمة تضمنت عقوبات مشددة على مؤسسات وشبكات مصرفية، ونجح في كبح جماح المضاربة غير المشروعة بالعملة.

استمرار المخاوف

شهد مختلف الأسواق في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية انخفاضات متفاوتة في أسعار المواد الأساسية، ولاقت استحساناً شعبياً.

ورغم تحسن القدرة الشرائية للسكان، فإن القلق يساورهم من عدم استدامة الوضع الحالي، أو تحقيق مزيد من التحسن، حيث لا يرون الأسعار الحالية عادلة بما يكفي، إلى جانب توقف كثير من الأعمال، واضطراب سوق العمل بفعل المخاوف من عدم الاستقرار.

ويحذر الباحث اليمني عبد القادر المقطري، من أن تطبيق الإصلاحات، وضمن ذلك رفع سعر الدولار الجمركي، دون ضمانات للعدالة الاجتماعية وتمكين المؤسسات، وتجاهل معاناة قطاع واسع من السكان الذين فقدوا مصادر دخلهم، ودون ترتيب أوضاع النازحين في المخيمات، وإيجاد حلول مستدامة لمعاناتهم، قد يفاقم الأوضاع المعيشية، ويهدد الاستقرار الذي وصفه بالهش.

ونوه المقطري في إفادته لـ«الشرق الأوسط» بأن ثمة احتمالاً لأن تتحول الخطة المدعومة رئاسياً إلى اختبار حقيقي لقدرة الحكومة على الموازنة بين متطلبات التعافي وضغوط الواقع المتأزم، لافتاً إلى أن كثيراً من الأمثلة أظهر الاهتمام بتحسين الأداء الاقتصادي، وتحقيق النجاحات على حساب ملايين السكان الذين تطولهم الآثار السلبية للدعم الدولي وشروط المانحين.

وأضاف أن الإصلاحات تتطلب صرامة في التعامل مع ملفات وشبكات الفساد المالي والإداري، وعدم التساهل مع الحسابات الضيقة للجماعات والأحزاب والقوى المختلفة.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

من الرياض .. الرئيس العليمي يوجه اول رسالة تدميرية وقاضيه لمليشيا الانتقالي الجنوبي

المشهد الدولي | 1595 قراءة 

اتفاق الرياض 3 يلوح في الأفق.. حضرموت تدخل المشهد كطرف رئيسي لأول مرة

نيوز لاين | 1203 قراءة 

عاجل:الكشف عن الدولة التي اصدرت أوامر بتعليق جميع الرحلات الجوية من وإلى مطار عدن الدولي

كريتر سكاي | 1121 قراءة 

أنباء عن مغادرة قوات ‘‘درع الوطن’’ العاصمة المؤقتة عدن بكامل أسلحتها عقب لقاء الزبيدي والصبيحي

المشهد اليمني | 999 قراءة 

إعلامي تونسي: اتفاق سعودي إماراتي حول حضرموت

الأمناء نت | 899 قراءة 

أرتفاع أسعار الصرف اليوم الإثنين في العاصمة عدن .. وهذا ما وصل له الريال اليمني

الوطن العدنية | 874 قراءة 

مصادر تكشف تلقي درع الوطن رسائل تحذيرية من دولة مؤثرة

نيوز لاين | 856 قراءة 

تعليق عمل المؤسسات الحكومية في العاصمة عدن حتى يتم استعادتها بما فيها مطار عدن الدولي

المشهد الدولي | 679 قراءة 

صحفي يمني يكشف عن مصدر حكومي يمني سبب اغلاق المجال الجوي اليمني والدولة التي قامت بذلك

المشهد الدولي | 665 قراءة 

الخنبشي يخرج عن صمته ويحذر مما يحدث في حضرموت

المشهد اليمني | 624 قراءة