شهدت مدينة المكلا، عاصمة محافظة حضرموت، مشهدًا إنسانيًا مؤلمًا كشف عن حجم الجمود الإجرائي والبعد عن البعد الإنساني في بعض الدوائر الحكومية.
تمثلت الواقعة في اضطرار أسرة مريض يعاني من حالة صحية حرجة إلى نقلها له على سريره من المستشفى مباشرة إلى مقر إدارة الأحوال المدنية، لاستكمال إجراءات استخراج بطاقته الإلكترونية، بعد أن قوبل طلبهم بتقديم خدمة تصويره في مكانه بالرفض القاطع.
تفاصيل الواقعة: معاناة إنسانية في زحمة الإجراءات
وفقًا لمصادر مطلعة ومشاهدين عاينوا المشهد، فإن المريض الذي كان يرقد في أحد مستشفيات المدينة، كان يستعد للسفر إلى الخارج لتلقي علاج عاجل غير متوفر محليًا، وتطلبت إجراءات سفره استكمال معاملات جواز السفر، وهو ما يستلزم الحصول على البطاقة الشخصية الإلكترونية.
نظرًا لوضع الصحي الذي يمنعه من الحركة، تواصلت أسرته مع إدارة الأحوال المدنية، طالبةً تكرمًا بإرسال مندوب أو مُصوّر إلى المستشفى لإنهاء إجراءات التصوير، وهو إجراء متبع في حالات الضرورة القصوى في العديد من الدول.
إلا أن مصادر الأسرة أكدت أن الطلب قوبل بإصرار على تطبيق الإجراءات الروتينية، وتم إبلاغهم بضرورة حضور المريض شخصيًا إلى مقر الإدارة.
وهنا، لم يكن أمام الأسرة المنهكة خيار سوى تحمل المعاناة، حيث قاموا بنقل ابنهم على سريره الطبي، خوضًا غمار الزحام المروري في شوارع المكلا، ومن ثم محاولة صعود الدرج الصعب الذي يؤدي إلى مبنى الأحوال المدنية، وسط ذهول واستياء الحاضرين الذين شاهدوا المشهد المأساوي.
ردة فعل شعبية: سيل من الغضب على منصات التواصل
لم تمر الواقعة مرور الكرام، حيث تفاعل معها نشطاء وحقوقيون ووسائل إعلامية على نطاق واسع، محولين إياها إلى قضية رأي عام.
انتقد الكثيرون ما وصفوه بـ "التقاعس عن الواجب الوظيفي والإنساني"، معتبرين أن ما حدث يمثل "إخفاقًا مأساويًا في تطبيق روح القانون الذي يهدف إلى خدمة المواطن وليس تعقيد حياته".
واشتعلت منصات التواصل الاجتماعي بالدعوات للمطالبة بالتحقيق، حيث طالب عدد من المواطنين والناشطين مدير أمن محافظة حضرموت،بالتدخل العاجل وفتح تحقيق شفاف في الواقعة، وتحديد المسؤولية وتقديم المتسببين في معاناة المريض وأسرته للعدالة.
مطالبات بتطوير الأنظمة وتفعيل الخدمات الميدانية
أثارت الحادثة جدلًا أوسع حول ضرورة وجود آليات واضحة ومرنة للتعامل مع الحالات الإنسانية والاستثنائية، مثل المرضى العاجزين وكبار السن. وطالب متحدثون باسم المجتمع المدني الجهات المعنية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، بإصدار توجيهات عاجلة لكافة مديريات الأحوال المدنية في الجمهورية، بتسهيل إجراءات هذه الفئات وتفعيل خدمة التصوير الميداني في المستشفيات والمنازل، بما يضمن عدم تكرار مثل هذه المشاهد المؤسفة التي تسيء إلى سمعة الدولة ومؤسساتها.
يأتي ذلك في وقت تتزايد فيه الدعوات لإصلاح المنظومة الإدارية في البلاد، ووضع المواطن وكرامته في مقدمة أولويات العمل الحكومي، خاصة في الظروف الإنسانية الصعبة التي يمر بها اليمنيون. وتظل هذه الواقعة محكًا حقيقيًا لجدية الجهات المعنية في الاستجابة لمطالب المواطنين وضمان عدم تكرار مثل هذا التجاوز الذي يمس أبسط حقوقهم الإنسانية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news