(مما كنت أكتبه قبل التهديد الإرهابي في مدينة عدن المخطوفة، بينما كان المطبلون يكتبون عن الإنجازات الموعودة، أما أهل العيشة فهم حيث ما شرعه بيته)
الشعار هو: (أعطني سلطة بدون مسؤولية أعطيك مجتمعًا مستباحًا).
السلطة مسؤولية، وتقاس جدارة وقيمة أي سلطة سياسية أو غير سياسية بقدرتها على القيام بمسؤوليتها تجاه عناصر مؤسستها أولًا، وكل من يقطنون تحت ولايتها حتى وإن كانوا من المعارضين لها ثانيًا، وكل من منحوها ثقتهم وولاءهم أو تدّعي تمثيلهم ثالثًا.
والمسؤولية تعني القدرة على ضبط كل الأمور الواقعة تحت ولاية السلطة المعنية وحمايتها وتأمينها من كل احتمالات التهديد والاختراق والمخاطر الواقعية والمحتملة، هذا من جهة. ومن جهة أخرى تعني الاستعداد الدائم لتحمل تبعات الإهمال والتقصير وسوء التقدير والعجز والفشل والإخفاق عن القيام بالوظيفة المحددة بدقة وأمانة… إلخ، بما تستحقه من حساب وعقاب!
ولا سلطة بدون مسؤولية، ولا مسؤولية بدون ضوابط قانونية للمراقبة والمحاسبة والمعاقبة؛ ضوابط عامة وواضحة ومعروفة لكل من يرغب في الوصول إلى السلطة وتسنم قيادة الناس!
والسلطة السائبة هي منبع كل الشرور والخراب!
من المسؤول؟
هذا هو سؤال كل سلطة ممكنة في كل زمان ومكان، وكل قيمتها ومعناها وشرعيتها وجدارتها يتحدد في ضوء ما يقوله الجواب.
أما إذا اختفى المسؤول وغاب في فساد المجهول، فكل حديث عن السلطة والحكم والقيادة هو كلام في السراب يستحيل الإمساك به!
ولعل هذا هو ما يفسر ظاهرة التدافع الدائم بين كل من هب ودب من الأشخاص الباحثين عن السلطة والحكم في المدارات الكارثية للشرعية اليمنية المهلهلة، والتي تمنح السلطة والقيادة لأشخاص بدون كفاءة أو مقدرة أو جدارة أو أي صفة إيجابية ممكنة!
وما لا يُزع بالقرآن يُزع بالسلطان!
وحينما تُباح السلطة والقيادة بدون مسؤولية ومعايير محددة بصرامة ودقة متناهية، لا غرابة أن تجد معظم الحائزين على السلطات العامة هم ممن لا يخافون من الله، ولا يستحون من الناس، ولا يشعرون بتأنيب الضمير!
من المسؤول؟ هذا هو السؤال الذي يظل يبحث عن جواب!
وهكذا تنضح النتائج الفاجعة التي تكررت للمرة العشرين في عدن، العاصمة المؤقتة للشرعية اليمنية الانتقالية، عن الخراب البنيوي العميق الذي أصاب هذه السلطة الكارثية في أعماق أعماقها.
عشرات العمليات الإرهابية المتتالية وجرائم الاغتيالات تمت بذات الطريق والوسيلة والأداة، بطوابير حاشدة من الشباب الذين استدعتهم السلطة ذاتها للتسجيل أو لاستلام المرتبات، كل عملية حصدت عشرات من الشباب الأبرياء الباحثين عن عمل ولقمة عيش كريمة في وطنهم.
سبع عمليات إرهابية أو سياسية، أو لا أعلم ما اسمها، تمت تحت رعاية سلطات الشرعية الانتقالية وأمام بصرها وفي وضح النهار، دون أن تعلن عن نتائج التحقيقات، ودون أن تستدعي أي مسؤول عن تلك الجرائم المروعة.
والمثل يقول: لا يُلدغ المؤمن من جحر مرتين!
أما الثالثة فهي قاصمة، والرابعة واقعة، والخامسة فاحشة، والسادسة داحسة، والسابعة رافعة!
رفعت الأقلام وجفت الصحف، وتبيّن الصدق من الكذب!
ماذا تفعل السلطات الكثيرة والمعسكرات في عدن؟!
وإلى متى تظل شاهدة على خراب المدينة وضياع حقوق أهلها؟!
وما الذي بَقِي في عدن لم يطله التهديد والخراب المعيشي والخدمي والأمني والتعليمي والأخلاقي، وكل شيء تقريبًا؟!
ورحم الله الشهداء الأبرار، ولا نامت أعين القتلة والمتخاذلين!
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news