 
عندما يكون الرئيس يحمل همّ وطنه.؟
قبل 10 دقيقة
ها هو الرئيس أحمد الشرع، في زيارته الثانية للسعودية، يجسد نموذج الرئيس الذي يحمل همّ وطنه بحق، لا يبحث عن مصلحة شخصية أو مكسب ذاتي، بل يسعى لجلب الاستثمارات التي تعيد الحياة إلى بلاده، وتحرّك عجلة الاقتصاد بعيداً عن ذلّ المساعدات والهِبات. زيارته إلى المملكة حظيت باحترام القيادة السعودية، وجاءت لتفتح آفاقاً جديدة للتعاون والاستثمار، في وقت يصرّ فيه الشرع على أن تكون قرارات بلاده مستقلة، وأن تكون التنمية ثمرة الإرادة لا الصدقات.
وفي المقابل، نقف أمام مشهد بائس تمثّله ما تُسمّى بـ“الشرعية اليمنية”، التي حولت البلاد إلى كومة من الأزمات والفوضى، وجعلت أكثر من 80% من الشعب اليمني يعيش تحت خط الفقر، منتظراً فتات المساعدات التي تُنهب قبل أن تصل إلى مستحقيها. الشرعية اليوم لا تُدار من العاصمة، ولا حتى من أرض الوطن، بل من غرف فنادق عواصم عربية، حيث يتقاذف مسؤولوها المسؤولية فيما بينهم بينما يغرق الشعب في الجوع والمرض والبطالة.
من المؤسف أن المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية أصبحا مجرد واجهة شكلية، لا يملكان القرار ولا الإرادة. أكبر إنجازاتهم انتظار وديعة مالية جديدة أو منحة مؤقتة تسد عجز الرواتب لأشهر معدودة. لم يسعَ هؤلاء إلى بناء اقتصاد حقيقي، ولا إلى تحفيز استثمارات تعيد الحياة للمؤسسات الإنتاجية أو الزراعة أو الصناعة، بل انشغلوا بالمناصب والولاءات و تعيين اقاربهم، تاركين الوطن يتآكل من الداخل.
التقارير الدولية كشفت المستور: حكومة الشرعية متورطة في عمليات فساد وغسل أموال بمليارات الدولارات، أبرزها الوديعة السعودية البالغة ملياري دولار التي أودعت في البنك المركزي اليمني ، والتي تحولت إلى مصدر إثراء غير مشروع لمجموعة من التجار والمسؤولين بدلاً من أن تُستخدم لشراء السلع الأساسية للمواطنين. كما أكد تقرير برلماني يمني أن حجم الفساد وسوء الإدارة في قطاعات الكهرباء والاتصالات والمالية تجاوز 2.8 تريليون ريال، وهو رقم كافٍ لتمويل نهضة اقتصادية كاملة لو وجدت القيادة والإرادة.
ولم تقف الفضائح عند هذا الحد، إذ أهدرت الحكومة منحة بولندية من الحبوب بقيمة 20 مليون دولار بسبب الإهمال والعبث الإداري، في وقت يواجه ملايين اليمنيين خطر المجاعة. كذلك ظهرت تقارير عن فساد ضخم في مشاريع المياه والصرف الصحي الممولة من منظمات دولية، حيث جرى تضخيم الأسعار بنسبة تجاوزت ألف بالمئة، بتواطؤ مسؤولين في الوزارات الخدمية.
كيف يمكن لبلد يمتلك ثروات نفطية ومعدنية وزراعية وبحرية هائلة أن يعيش هذا الانهيار المريع؟ الجواب واضح: لأن من يحكم لا يملك رؤية وطنية ولا إرادة سياسية مستقلة، بل يخضع لإملاءات الخارج وينتظر التعليمات من السفراء. قرارات الدولة مرهونة بالمساعدات، والسيادة أصبحت سلعة تُقايض مقابل دعمٍ مؤقتٍ لا يسد رمق الجائعين ولا يبني دولة.
في حين يحقق قادة دول أخرى – كالرئيس أحمد الشرع في سوريا – مكاسب اقتصادية حقيقية من خلال جذب الاستثمارات وتفعيل الشراكات الاستراتيجية، نجد أن الشرعية اليمنية عاجزة حتى عن الحفاظ على مؤسساتها أو إنهاء الانقلاب الحوثي الذي ما زال ينهش جسد الوطن منذ سنوات. عجزها عن فرض الأمن والاستقرار جعل اليمن ساحة مفتوحة للفوضى والفساد والمليشيات، وفقد المواطن ثقته بكل ما تمثله من شرعية.
إن ما يحتاجه اليمن اليوم ليس مزيداً من البيانات ولا المبررات، بل قيادة وطنية تمتلك الشجاعة لتحمل المسؤولية، وتعيد الاعتبار للقرار اليمني المستقل، وتعمل بجد على استعادة الدولة من الفوضى والوصاية. فالشعب الذي صمد في وجه الحرب والحصار لا يستحق أن يُحكم بمنظومة فاسدة جعلت من معاناته وسيلة للثراء.
لقد آن الأوان أن تسقط أقنعة “الشرعية” الزائفة، وأن يدرك العالم أن سبب استمرار المأساة اليمنية ليس فقط انقلاب الحوثيين، بل أيضاً فساد وارتباك من يدّعون تمثيل الدولة الشرعية. من لا يستطيع أن ينهض بوطنه ولا أن يحقق الاستقرار لشعبه، لا يستحق أن يبقى في موقع القيادة يوماً واحداً. اليمن بحاجة إلى من يحمل همّه، لا من يتاجر بآلامه.
هنا نستحضر مقابلة مع الشرع الذي سوئل
إلى أين ستقود سوريا وما هو طموحك ؟ يرد بهدؤ وثقة : "المعونات لا تساعد على البناء؛ بل تساعد على الكسل.. ومستعد أقدم ما تبقى من عمري حتى أرى سوريا ناهضة قوية.. لست مع الوعود الكثيرة ولكن أحب أن أرى النتائج.. سوريا ستنقذ نفسها ببناء نفسها بنفسها" فأين الشرعية من هذا الخطاب
   تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية  عبر  Google news
  تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية  عبر  Google news