هل يتشكل تحالف يمني إقليمي ودولي لمحاربة الحوثيين؟

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 126 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
 هل يتشكل تحالف يمني إقليمي ودولي لمحاربة الحوثيين؟

هل يتشكل تحالف يمني إقليمي ودولي لمحاربة الحوثيين؟

قبل 8 دقيقة

يبدو أن اليمن مقبلة على مرحلة جديدة من الصراع، حيث تتقاطع العوامل الإقليمية والدولية لتشكيل تحالف عسكري وسياسي يهدف إلى اقتلاع مليشيا الحوثي بعد أن تجاوزت مرحلة السيطرة الداخلية إلى تهديد الأمن البحري والمصالح الدولية. فالمؤشرات الميدانية والسياسية تؤكد وجود إرادة متنامية داخل التحالف العربي، مدعومة بتفاهمات أمريكية وأوروبية، لتوسيع نطاق المواجهة ضد الحوثيين، بعد أن أطلقت قيادات حوثية تهديدات باستئناف الهجمات على السعودية والإمارات، مدعية امتلاك طائرات مسيّرة وصواريخ باليستية أكثر تطورًا من تلك التي استخدمت في استهداف حقول النفط في بقيق وخريص بالسعودية، والمنشآت النفطية في أبوظبي، كما هددت أيضًا باستهداف الكابلات البحرية التي تمر عبر البحر الأحمر وخليج عدن، والتي تنقل نحو 17% من بيانات الاتصالات العالمية، وهو ما يجعل خطر الحوثي يتجاوز حدوده اليمنية ليصبح تهديدًا للبنية التحتية الرقمية العالمية.

تزايدت هذه المؤشرات بعد التحذيرات الغربية المتكررة من نشاط الحوثيين في البحر الأحمر، خصوصًا بعد الهجمات التي طالت سفن شحن دولية مثل "ماجيك سيز"، و"إنترنيت سي"، والسفينة الهولندية في خليج عدن، الأمر الذي دفع القوات البحرية الأمريكية والفرنسية والبريطانية إلى إعادة تموضعها في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن ضمن ما يسمى بـ"تحالف الأمن البحري"، الذي بات يشكل الذراع العملياتية الأولى في مواجهة الحوثيين.

وإذا أضفنا إلى ذلك إطلاق الحوثيين صواريخ ومسيرات باتجاه إسرائيل خلال الأشهر الماضية (2024–2025م)، فإننا أمام تصعيد متعدد الجبهات يستهدف زعزعة الأمن الإقليمي، وهو ما يفسر الحراك النشط في واشنطن وتل أبيب لتأسيس مظلة أمنية تشمل البحر الأحمر والخليج العربي. وقد يكون اللوبي الإسرائيلي داخل الإدارة الأمريكية من أبرز الداعمين لفكرة تحويل اليمن إلى ساحة مواجهة غير مباشرة مع إيران، عبر استهداف أدواتها الحوثية في الشمال اليمني.

التحالف المتوقع لن يكون نسخة مكررة من "عاصفة الحزم" عام 2015م، بل سيكون أوسع وأدق في أهدافه، يعتمد على الاستخبارات الغربية والتنسيق البحري، ويهدف إلى تقليم قدرات الحوثيين الصاروخية والبحرية، كما جرى مع حزب الله في لبنان بعد حرب 2006م. خصوصًا أن طهران وجّهت منذ سنوات جزءًا من دعمها المالي والتقني إلى الحوثيين بعد تراجع حضورها العسكري في سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد، وتقلص دور حزب الله في لبنان، وتوقف الحرب في غزة، ما جعل اليمن ساحة النفوذ البديلة لإيران.

لكن تبقى المعضلة اليمنية داخلية في جوهرها، فالحكومة الشرعية – رغم الدعم السعودي والإماراتي – ما تزال تعاني من التشتت والانقسام بين فصائلها العسكرية والسياسية، وهو ما يعرقل بناء موقف موحد يمكن أن يواكب التحالف الدولي القادم. وهنا يبرز السؤال الجوهري: هل تستطيع السعودية والإمارات فرض توحيد القرار العسكري والسياسي داخل قوى الشرعية اليمنية لتهيئة الأرضية لهذا التحالف المنتظر؟ أم سيظل الانقسام الداخلي هو الثغرة التي تتسلل منها إيران وميليشياتها لتكرار تجربة لبنان والعراق وسوريا؟

المشهد اليمني يقف اليوم على مفترق طرق حاسم؛ فإما أن يتشكل التحالف الإقليمي والدولي لفرض معادلة جديدة في موازين القوة، أو أن يواصل الحوثيون استثمار التناقضات الداخلية والإقليمية لكسب مزيد من الوقت وإعادة التموضع كما فعلوا بعد اتفاق ستوكهولم، ليصبح البحر الأحمر وخليج عدن مجددًا رهينة لتهور الميليشيا ومصالح القوى المتداخلة.

ومن المفيد هنا مقارنة هذا التحالف اليمني المنتظر بتجارب دولية سابقة، مثل التحالف الذي تشكل مطلع العقد الماضي لمواجهة القرصنة في سواحل الصومال، والذي نجح عبر التعاون الدولي في تأمين الممرات البحرية في خليج عدن والقرن الأفريقي، أو التحالف الدولي الذي قادته الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم داعش في العراق وسوريا، حيث تم دمج القدرات الجوية والاستخباراتية الغربية مع القوات المحلية. وهذا النموذج هو الأقرب لما يمكن أن يحدث في اليمن اليوم، إذ ستتولى القوات اليمنية الشرعية تنفيذ العمليات البرية بدعم استخباراتي وجوي من التحالف العربي والقوى الغربية، لتتحول المواجهة من صراع داخلي إلى عملية إقليمية دولية منسقة تهدف إلى إنهاء التهديد الحوثي كذراع عسكرية إيرانية رئيسية تهدد الأمنين الإقليمي والدولي معًا.

أما على مستوى التسوية السياسية، فإن نجاح هذا التحالف أو فشله سيحدد شكل اليمن في المرحلة القادمة. فإذا تمكن من إضعاف الحوثيين واستعادة موازين القوة لصالح الحكومة الشرعية، فقد يفتح ذلك الباب أمام مفاوضات سلام حقيقية تُفرض على الحوثي من موقع أقل قوة وتعيد الاعتبار لمؤسسات الدولة اليمنية. أما إذا فشل التحالف في توحيد الجبهة الداخلية أو اكتفى بعمليات محدودة دون حسم ميداني، فسيؤدي ذلك إلى إعادة إنتاج الصراع بصور جديدة وفي دورات متتالية من الحرب الداخلية، مانحًا الحوثيين فرصة لترسيخ سلطتهم في المحافظات الشمالية وتحويلها إلى كيان أمر واقع، وهو ما سيجعل مستقبل اليمن رهينة لتوازنات الخارج أكثر من إرادة أبنائه في الداخل.

وعند النظر إلى المواقف الدولية الكبرى، تبدو الصين وروسيا عاملين حاسمين في رسم ملامح هذا التحالف القادم. فبكين التي عززت حضورها الاقتصادي في البحر الأحمر وميناء جيبوتي تدرك أن استقرار الممرات البحرية يضمن مصالحها التجارية ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، ومن ثم فهي تميل إلى دعم أي ترتيبات تضمن الأمن الملاحي دون الانخراط المباشر في عمل عسكري واسع، خاصة في ظل وجود تفاهم اقتصادي صيني–أمريكي متوقع الإعلان عنه غدًا في كوريا الجنوبية خلال اللقاء المرتقب بين الرئيسين دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ.

هذا التفاهم قد يعيد تشكيل التوازن الاقتصادي والسياسي في المنطقة ويقلل من حدة المواجهة بين واشنطن وبكين، الأمر الذي سينعكس على طريقة تعاطي القوى الكبرى مع الملف اليمني والتهديد الحوثي في البحر الأحمر وباب المندب. أما موسكو فستسعى للاستفادة من هذا التحول لتعزيز موقعها كوسيط سياسي، مستثمرة علاقاتها المتوازنة مع طهران وبعض أطراف الشرعية اليمنية، لتكون طرفًا فاعلًا في أي تسوية سياسية مقبلة بعد انتهاء العمليات العسكرية.

ومن المرجح أن يحمل اللقاء الأمريكي–الصيني في كوريا الجنوبية مؤشرات واضحة لمسار المرحلة المقبلة، فإذا نجح التفاهم الاقتصادي في خلق أجواء من التهدئة بين واشنطن وبكين، فإن ذلك سينعكس إيجابًا على التنسيق الأمني في البحر الأحمر ويفتح الباب أمام تحالف متعدد الأطراف لمحاصرة النفوذ الإيراني والحد من قدرة الحوثيين على تهديد الملاحة الدولية. أما إذا بقي الخلاف بين القوتين الكبريين دون حلّ جوهري، فسيؤدي ذلك إلى توازن هش في الموقف الدولي تجاه اليمن، ويجعل الصراع هناك مفتوحًا على احتمالات متعددة تبدأ من الحرب بالوكالة ولا تنتهي بتدويل الملف اليمني بشكل كامل، وهو ما سيجعل من اليمن ساحة اختبار جديدة لمعادلات القوة بين الشرق والغرب في العقد القادم.

*أكاديمي ومحلل سياسي يمني – جامعة تعز

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

اليمن على أعتاب تحول تاريخي... خطة سرية بثلاث مراحل لإنهاء الحرب

وطن نيوز | 568 قراءة 

العليمي يرضح لطارق عفاش (قرار)

العربي نيوز | 504 قراءة 

من هو القيادي الحوثي الذي يقود حملة الاعتقالات ضد مشرفين وضباط في المخابرات والأمن الوقائي بتهم "الخيانة"؟

يني يمن | 412 قراءة 

تحرك عاجل للمبعوث الاممي لهذا السبب

العربي نيوز | 406 قراءة 

فضيحة في وضح النهار بعدن.. كاميرا مراقبة توثق مشهدًا صادمًا!

موقع الأول | 398 قراءة 

ضبط وافد يمني في السعودية متلبساً بجريمة صادمة

نيوز لاين | 380 قراءة 

لأول مرة في تاريخ رؤساء اليمن!.. عرض ممتلكات للرئيس (هادي) للبيع بـ(مزاد علني) (تفاصيل)!

موقع الأول | 378 قراءة 

”فضيحة صادمة في قلب صنعاء: اتهامات بتشغيل شبكة دعارة من داخل أروقة الحوثيين… والضحية هذه المرة من قياداتها!”

المشهد اليمني | 341 قراءة 

أزمة جديدة بين الانتقالي والعليمي.. اتهامات متبادلة ورد سعودي يكشف المستور

نيوز لاين | 337 قراءة 

تسريبات لخارطة سلام جديدة (يمنية–سعودية) من (3) مراحل والحوثي يعلن عن تنازلات.. تفاصيل!

موقع الأول | 322 قراءة