يمن إيكو|تقرير:
حذر اقتصاديون من تفاقم الدين العام بشقيه الخارجي والداخلي وتآكل الاحتياطيات الأجنبية، مؤكدين أن استمرار النزاع والانقسام المالي في البلاد يُهددان بانهيار جديد للاقتصاد اليمني، في إنذار متكرر يتزامن هذه المرة مع اتجاه الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً نحو مزيدٍ من الاقتراض.
وأكد رئيس منتدى الإعلام والبحوث الاقتصادية في عدن، عبد الحميد المساجدي- في حوار نشرته جريدة القدس العربي ورصده موقع “يمن إيكو”- أن الدين الخارجي لليمن يُقدَّر بنحو 7 مليارات دولار، فيما بلغ الدين الداخلي قرابة 11 تريليون ريال، وسط غياب قاعدة بيانات مالية دقيقة لدى الحكومة اليمنية والبنك المركزي في عدن، وتراكم مستحقات الدائنين، ما يجعل إدارة الدين العام أحد أبرز التحديات أمام السلطات النقدية في عدن.
وبيّن المساجدي أن نحو 190 مليار دولار غادرت اليمن خلال سنوات الحرب، نتيجة الصراعات الداخلية خاصة في مناطق الحكومة اليمنية، ما أدى إلى تآكل الاحتياطيات الخارجية وتراجع قدرة البنك المركزي في عدن على تغطية الواردات لأكثر من بضعة أسابيع، بالتزامن مع تجاوز التضخم 35% منتصف 2025.
وأكد أن أي تعافٍ اقتصادي حقيقي مرهون بتحقيق سلام شامل وتوحيد السياسات النقدية والمالية، وتنفيذ إصلاحات هيكلية تتعلق بتحسين الإيرادات وضبط النفقات واستعادة الثقة بالقطاع المصرفي، محذراً من أن استمرار الانقسام المالي والعجز الحكومي سيُبقي الاقتصاد في دائرة الانكماش والفوضى المالية.
وذكر المساجدي أن صندوق النقد الدولي في بيانه الأخير عن مشاوراته والحكومة في الأردن، تحدث بصراحة عن مؤشرات الضعف الكلي في الاقتصاد اليمني، والتي تمثلت في التضخم المرتفع وانهيار القوة الشرائية، وتآكل الإيرادات الحكومية، وتراكم الديون والمستحقات المتأخرة، وطغيان الأسواق الموازية للعملة والانخفاض في نصيب الفرد، وأن هذه المؤشرات تكررت في تقارير البنك وصندوق النقد الدوليين وملفات المتابعة، وجميعها يعكس جانباً من الكارثة التي يعيشها الاقتصاد اليمني.
تأتي هذه التحذيرات والمؤشرات بالتزامن مع اتجاه قيادة المجلس الرئاسي والحكومة اليمنية نحو مزيد من الاقتراض، وفقاً للاشتراطات التي يفرضها صندوق النقد والبنك الدوليان، والتي تحتم على الحكومة إجراءات إصلاحات قاسية على القطاع الخاص والمواطن، تشمل إيقاف الدعم الحكومي للخدمات الأساسية كالطاقة والمياه، ورفع الرسوم الضريبية والجمركية بما يتناسب وسعر صرف الدولار في مناطق سلطات الحكومة اليمنية، وبدون هذه الاشتراطات لن تحصل الحكومة على قروض جديدة من المؤسسة الدولية، والمانحين الإقليميين والدوليين.
وأمس السبت، توجه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، إلى الرياض، لعقد مشاورات مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لبحث مسار ومتطلبات الإصلاحات الاقتصادية والنقدية، عبر حشد الدعم المالي الكفيل بمساعدة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها في انتظام دفع رواتب الموظفين، وتجاوز الاختناقات المتكررة في إمدادات المياه والطاقة الكهربائية.
وتأتي هذه الزيارة بعد أكثر من أسبوعين من مطالبة صندوق النقد الدولي للحكومة اليمنية بفرض سلطتها على الإيرادات العامة وتوحيد الرسوم الجمركية والضريبية (أي تحرير سعرها بما يوازي سعر الدولار في السوق السوداء)، وربط الإنفاق بتحويل الإيرادات إلى عدن، وتنفيذ خطة طوارئ لتعزيز الحصيلة العامة ابتداءً من العام المقبل، ضمن برنامج إصلاحي يمكن الحكومة من استعادة الثقة والحصول على تمويلات ومساعدات وقروض جديدة.
يذكر أن تقرير الشفافية المالية لعام 2025 الصادر مؤخراً عن البعثة الأمريكية إلى اليمن، قد انتقد استمرار ضعف الشفافية في إدارة الموارد العامة لدى الحكومة اليمنية، مشيراً إلى عدم نشر وثائق الموازنة في مواعيدها، وغياب الإفصاح عن الديون والمخصصات المالية، مؤكداً أن المعلومات المنشورة حول التزامات الديون كانت محدودة للغاية، ولم تشمل ديون الشركات الكبرى المملوكة للدولة.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news