أكّدت دراسة تحليلية جديدة صادرة عن مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، أن الأمم المتحدة ما تزال تعتبر الوحدة اليمنية من الثوابت الأساسية في تعاملها مع الملف اليمني، رغم تعقيدات الحرب الممتدة منذ أكثر من عقد وتنامي الخطاب الانفصالي في بعض الأوساط السياسية.
وحملت الدراسة، التي أعدّها الباحث صلاح الدين كامل الشرعبي، عنوان "موقف الأمم المتحدة من الوحدة اليمنية ماضياً وحاضراً"، حيث رصدت تطوّر الموقف الأممي تجاه الوحدة منذ إعلانها في 22 مايو 1990 وحتى العام الجاري 2025، مؤكدة أن سياسات الأمم المتحدة ومجلس الأمن اتسمت بالثبات والوضوح في دعم الجمهورية اليمنية كدولة موحدة ذات سيادة.
وأوضح الباحث أن الأمم المتحدة رحّبت فور إعلان الوحدة باندماج الشطرين الشمالي والجنوبي في كيان واحد، معتبرة ذلك خطوة إيجابية نحو الاستقرار الإقليمي. كما رفضت الهيئة الأممية خلال حرب الانفصال عام 1994 الاعتراف بأي كيان جنوبي منفصل، وأصدر مجلس الأمن القرارين (924) و(931) اللذين شددا على أن الأزمة شأن داخلي، وأن المساس بوحدة البلاد يُعدّ مخالفة لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وأشارت الدراسة إلى أن قرارات مجلس الأمن اللاحقة – ومنها (2014)، (2051)، (2140)، و(2216) – كرّست مبدأ وحدة اليمن من خلال تأكيدها المتكرر على دعم الحلول السياسية المستندة إلى المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والقرارات الأممية السابقة، وجميعها تنص على الحفاظ على وحدة البلاد وسلامة أراضيها.
وفي هذا السياق، أكدت الدراسة أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جدّد في مايو 2025 تهنئته لليمن بمناسبة اليوم الوطني للوحدة، بينما أعاد مجلس الأمن الدولي في بيانه الأخير تأكيد التزامه الراسخ بوحدة اليمن واستقلاله وسلامة أراضيه، ما يعكس – بحسب الدراسة – استمرار التوافق الدولي حول هذا المبدأ بوصفه ركيزة أساسية للاستقرار.
وفي ما يتعلق بالمجلس الانتقالي الجنوبي، بيّنت الدراسة أن الأمم المتحدة لم تعترف به ككيان سياسي مستقل أو كممثل للجنوب رغم محاولاته المتكررة، بما في ذلك إعلان الإدارة الذاتية عام 2020 واللقاء التشاوري الجنوبي في 2023، مؤكدة أن المنظمة الدولية ترفض أي خطوات أحادية تهدد وحدة البلاد أو تتجاوز مرجعيات الحل السياسي المعترف بها.
وأضافت الدراسة أن مشاركة عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي، في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى جانب رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، جاءت بصفته الرسمية كعضو في المجلس وليس ممثلاً للانتقالي، وهو ما يعكس – وفق الدراسة – حدود القبول الدولي ودقة التعاطي الأممي مع توازنات الشرعية اليمنية.
وختمت الدراسة بالتأكيد على أن موقف الأمم المتحدة الداعم للوحدة يمثل أحد أهم أوراق القوة الدبلوماسية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليًا، داعيةً صُنّاع القرار في صنعاء وعدن إلى استثمار هذا الدعم في تعزيز الخطاب السياسي الخارجي الرافض لمشاريع التقسيم والانفصال، وتحويله إلى مظلة أممية مساندة لجهود الاستقرار والسلام الشامل.
كما حذّرت الدراسة من أن استمرار الانقسام الداخلي وضعف الأداء الدبلوماسي قد يؤدي إلى تحولات في المواقف الدولية في حال تصاعد النفوذ الإقليمي الداعم للمشاريع الانفصالية، مؤكدة أن الحفاظ على الموقف الأممي المساند للوحدة يتطلب تحركًا وطنيًا متماسكًا ورؤية دبلوماسية واعية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news