القائد الذي فتح الأندلس ولم يُحرِق سفنه ثم اختفى!

     
المنتصف نت             عدد المشاهدات : 99 مشاهده       تفاصيل الخبر       الصحافة نت
 القائد الذي فتح الأندلس ولم يُحرِق سفنه ثم اختفى!

القائد الذي فتح الأندلس ولم يُحرِق سفنه ثم اختفى!

قبل 7 دقيقة

أنا، مثل جيلي وأجيال أخرى عديدة، تشربنا قصة بطولة القائد طارق بن زياد وفتحه للأندلس، وقصة إحراقه سفنه، وإلقائه خطبته المشهورة:

«أيها الناس، البحر من ورائكم، والعدو أمامكم».

لكن عندما كبرنا وقرأنا، بقية قصة إحراق السفن مسألة فيها نظر، فكيف لقائد عسكري محنّك وذكي أن يقوم بإحراق سفنه، ويقطع طريق العودة والانسحاب،

خلافًا لكل ما ورد في الفكر العسكري وتاريخ الحروب؟

حضرتُ قبل سنوات حلقة نقاش في جامعة القاضي عياض في المغرب، شارك فيها أساتذة تاريخ وسياسة أجلّاء،

وقد ثبَت بالدليل المقنع أن قصة إحراق السفن أسطورة تاريخية متأخرة وليست حدثًا واقعيًا.

ويستند الباحثون في ذلك إلى أن قائدًا ذكيًا مثل طارق بن زياد لا يمكن أن يقطع خطّ الإمداد والعودة مع قائده موسى بن نصير.

ثم إن غياب الرواية عن أقدم المصادر التاريخية وظهورها لاحقًا كبعدٍ روائيٍّ ورمزيٍّ يدحضها، للأسباب التالية:

1. ضرورة عودة سفن النقل والإمداد لتأمين استمرار تدفق احتياجات الجيش.

2. أن طارق بن زياد لم يكن يملك أغلب سفن الأسطول، إذ كان قد استأجرها، وليس له الحق الشرعي أو الأخلاقي في إحراقها.

3. أن القصة مأخوذة على الأرجح من ثقافات أخرى، مثل قصة القائد الفارسي وَهَزر، لترسيخ مفهوم التضحية والفداء ورفع معنويات الجنود.

ومن الذين قدّموا إضافات مهمة في هذا الجانب الصديق والزميل الأستاذ الدكتور عبد اللطيف أكنوش، وهو من الإخوة الكرام الأمازيغ،

فقد شكّك في رواية الحرق وحتى في الخطبة المنسوبة إلى ابن زياد، وقال نصًا: «طارق بن زياد بربري، وكان حديث عهدٍ بالإسلام وباللغة العربية،

وإن هذه الخطبة العصماء بليغة إلى درجة أن بدايتها “أيها الناس” تصلح أن تُنسب إلى علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، أو قس بن ساعدة، أو ابن تمّام!»

كان رجلًا من طرازٍ نادر.

قاد جيشًا صغيرًا، عبر البحر من المغرب إلى الأندلس،

وواجه مملكة القوط التي امتلكت عشرات الآلاف من الجنود، ومع ذلك، انتصر!

وعندما وصل إلى الشاطئ، نُسِبت إليه زورًا قصة إحراق السفن المعروفة، ودُسّت عليه كلمته الشهيرة: «البحر من ورائكم، والعدو أمامكم، وليس لكم والله إلا الصبر والنصر.»

لم يكن ذلك تهورًا، بل إيمانًا لا يتزعزع بالنصر أو الشهادة.

فتح الأندلس، وكتب أول فصول حضارة استمرت قرونًا.

لكن بعد هذا المجد العظيم… اختفى طارق بن زياد!

وهنا تبدأ الحيرة: هل قُتِل بعد الفتح؟.. هل سُجن؟.. هل نُفي بعيدًا عن الأرض التي حررها؟

إلى اليوم، لا توجد حقيقة مؤكدة.

مصيره ظلّ لغزًا غامضًا، بلا شاهد قبر، ولا رواية موثقة.

كأنّ التاريخ قرّر أن يُبقي نهاية هذا القائد طيَّ النسيان.

ورغم ضخامة الإنجاز، لا يرد اسمه في مناهج التعليم كما يليق به، ولا تُروى قصته للأجيال التي تبحث عن قدوة.

طارق بن زياد لم يحتاج تاجًا ولا تمثالًا، بل احتاج فقط إلى إيمانٍ، وقلبٍ لا يعرف الخوف.

فتح الأندلس ومضى، لكنه ترك أثرًا لا يُمحى.

وأما ما روّجه بعض الشعوبيين من أنه مات متسوّلًا على أبواب الجامع الأموي، فليس إلا محض هراء.

فبعدما نشب خلافٌ بينه وبين موسى بن نصير، استدعاهما الوليد بن عبد الملك إلى الشام،

وهناك – كما تؤكد أغلب المصادر – لقي طارق كل احترام وتقدير من الناس، إذ من عادات العرب الفطرية أن يُجلّوا أبطالهم الكبار.

فكيف والشام في أبهى عصورها كانت لتقبل أن يعيش قائد عظيم وفاتح شهير مثل طارق بن زياد متسوّلًا على أبواب جامعها الكبير؟

الصحيح أنه بعد أن أنجز ما أنجز، اختار العزلة والتفرغ للعبادة حتى وفاته – رحمه الله تعالى.

ولعل أعظم تكريم له أن نُعيد رواية قصته، وأن نُعلِّم أبناءنا أن القادة الحقيقيين لا يُقاسون بما يملكون، بل بما يتركونه من أثرٍ في نفوس الأجيال.

رحم الله طارق بن زياد، الرجل الذي كتب التاريخ، ثم خرج من صفحاته في صمت.

شارك

Google Newsstand تابعوا آخر أخبارنا المحلية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news


تابعنا على يوتيوب

تابعنا على تويتر

تابعنا على تيليجرام

تابعنا على فيسبوك

تحشيد عسكري واسع وسط مؤشرات لانهيار داخلي

نيوز لاين | 732 قراءة 

الجيش يستعيد السيطرة بهذه المدينة 

العربي نيوز | 407 قراءة 

مصرع قيادي حوثي بارز خلال محاولة فاشلة للتسلل في مأرب (الاسم)

المشهد اليمني | 371 قراءة 

السعودية تطلب 4 ألوية باكستانية جديدة وسربَي طيران

العاصفة نيوز | 369 قراءة 

تراجع سعودي عن ايداع المنحة

اليوم السابع اليمني | 357 قراءة 

صديقي الانتقالي الذي يستلم راتبه!

موقع الأول | 317 قراءة 

الكشف عن حقيقة اغتيال الصحفي اليمني انيس منصور في الفاشر بالسودان

كريتر سكاي | 311 قراءة 

السعودية تمنح حاملي تاشيرة الزيارة تسهيلات ومميزات جديدة لمدة 30 يوم

نيوز لاين | 300 قراءة 

الداخلية اليمنية تجري تغييرات هامة في دفتر جواز السفر الجديد

يمن فويس | 299 قراءة 

فيديوهات صادمة من السودان.. إعدامات مديدانية لقوات الدعم السريع في الفاشر

موقع الأول | 276 قراءة