السعودية تنهي نظام “الكفالة” نهائياً.. ما هو نظام الإقامة الجديد؟

العاصفة نيوز ـ متابعات

في خطوة توصف بأنها تحول جذري في سوق العمل السعودي وفي العلاقة بين الوافدين والدولة، أطلقت السعودية نظام الإقامة الدائمة للوافدين مقابل رسوم تبلغ 4 آلاف ريال سعودي، مانحةً المقيمين امتيازات غير مسبوقة في تاريخها الحديث، تطوي صفحة نظام “الكفالة” المعمول به منذ 50 عاماً.

القرار المتداول عنه عن مديرية الجوازات السعودية يأتي ضمن رؤية السعودية 2030 الهادفة إلى تنويع الاقتصاد وتقليص الاعتماد على النفط، عبر جذب الكفاءات والمواهب والاستثمارات الأجنبية، وتحويل المملكة إلى بيئة عمل وإقامة أكثر انفتاحاً واستقراراً.

اقرأ المزيد...

همس اليراع .. الف سلامة للمناضل سالم صالح محمد

23 أكتوبر، 2025 ( 8:57 مساءً )

العميد الوالي يترأس اجتماعًا استثنائيًا بقادة كتائب احتياط القائد ويؤكد على أهمية رفع الجاهزية القصوى

23 أكتوبر، 2025 ( 7:15 مساءً )

تفاصيل النظام الجديد

ويشمل نظام الإقامة الدائمة التمتع بإمكانية الوصول إلى الخدمات الحكومية إلكترونياً، وفتح الحسابات المصرفية والاستفادة من برامج التعليم والصحة، واستقدام أفراد الأسرة والإقامة معهم بصورة نظامية، وحق التملك السكني وإدارة الأنشطة التجارية، وحرية التنقل داخل وخارج المملكة دون قيود نظام الكفالة السابق.

كما يشمل النظام فئات متعددة: الإقامة المميزة السنوية، والإقامة الدائمة غير محددة المدة، وفئات خاصة بالمستثمرين وأصحاب الكفاءات النادرة.

أما الفئات المؤهلة فتشمل الخبراء في التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني وعلوم البيانات، وكذلك الأطباء المتخصصين في مجالات دقيقة كجراحة القلب والأورام، والعلماء والمهندسين في الطاقة المتجددة والفضاء والتخطيط الحضري، إلى جانب رواد الأعمال والمستثمرين وكبار السن المقيمين في المملكة منذ أكثر من عشر سنوات.

وتشترط السلطات على المتقدمين وجود سجل جنائي نظيف، ودخل قانوني مستقر، وإقامة نظامية لعدة سنوات متتالية، إضافة إلى اجتياز الفحص الطبي وخلوهم من الأمراض المعدية.

نهاية نظام الكفالة

بهذا القرار، تُطوى صفحة نظام الكفالة السعودي الذي ظل لقرابة 50 عاماً أساس العلاقة بين العامل الوافد وصاحب العمل.

وكان نظام الكفالة يقوم على ارتباط العامل بكفيل محلي يملك صلاحيات واسعة، تصل إلى التحكم في سفر العامل وتنقله ووظيفته، ما جعل النظام موضع انتقادات دولية مستمرة من منظمات حقوق الإنسان، واعتبره كثيرون أحد أسباب جمود سوق العمل وعرقلة نقل الخبرات وتقييد حرية الاستثمار الشخصي للوافدين.

وبدأت المملكة منذ عام 2019 تفكيك نظام الكفالة تدريجياً من خلال مبادرات مثل “تحسين العلاقة التعاقدية”، وصولاً إلى هذا الإلغاء الكامل الذي يُعد بمثابة إعلان رسمي لانتقال السعودية إلى نموذج إقامي حديث قائم على الكفاءة والاستحقاق لا على التبعية.

ويمكن القول إن إلغاء نظام الكفالة تأخر زمنياً ولم يأتِ إلا لينسجم مع التحولات الاقتصادية والاجتماعية في المملكة.

فقد سبقت دول خليجية أخرى في تعديل أو إلغاء أنظمة مشابهة، إلا أن السعودية أرادت أن يكون التغيير ضمن منظومة إصلاحات شاملة تشمل سوق العمل، وتوطين الوظائف، وجذب الاستثمارات الأجنبية، في إطار رؤية 2030.

وضع آخر للعمال اليمنيين

نظراً للعدد الكبير من اليمنيين المقيمين والعاملين في السعودية، فإن إلغاء نظام الكفالة يُعد انتقالاً لهم من وضع مقيّد إلى وضع جديد مغاير تماماً، قد يغلب عليه الآن طابع حرية التنقل والتملك.

وحسب بيانات فإن عدد اليمنيين المقيمين في المملكة يُقدّر بما يتراوح بين 1.5 إلى 2 مليون شخص، معظمهم يعملون في القطاعين التجاري والخدمي، وفي مجالات البناء والمقاولات والتعليم والقطاع الصحي، وتصل تحويلات المغتربين من السعودية إلى أكثر من 60% من إجمالي تحويلات الخارج، ما يمثل رافداً من الروافد الحيوية للاقتصاد اليمني.

لذا فإن مراقبين يرون أن التغيير في نظام الإقامة أو العمل داخل السعودية قد ينعكس مباشرة على الأوضاع المعيشية لعشرات الآلاف من الأسر اليمنية.

ويسلط إلغاء نظام الكفالة السعودي الضوء على تحرير العامل اليمني من سلطة الكفيل، إذ لن يكون العامل مرهوناً برضا الكفيل أو تصريحه للسفر أو تغيير الوظيفة، وغيرها من العوامل التي أرهقت العاملين اليمنيين.

ويقول يمنيون إن كفلاء لهم في السعودية يعاملونهم بطرق إنسانية وقانونية، فيما يقول آخرون إنهم يتعرضون لقيود صارخة ومعاملة غير إنسانية من بعض الكفلاء.

انعكاسات الإلغاء على رؤية 2030

تريد السعودية من خلال هذا القرار أن تؤسس لركيزة أساسية لتحقيق أهداف رؤية 2030 من عدة زوايا، مثل تحسين بيئة الاستثمار من خلال فتح الباب أمام المستثمرين الأجانب والمقيمين لتأسيس مشاريعهم دون قيود الكفالة، ما يعزز النشاط التجاري غير النفطي.

وكذلك جذب الكفاءات العالمية عبر الامتيازات الكبيرة والإقامة المستقرة، وتحفيز النمو السكاني النوعي عبر منح المقيمين الدائمين فرص الاندماج الاجتماعي والاقتصادي، ما يدعم الاستقرار المجتمعي ويسهم في تنويع البنية السكانية.

ويُعد إطلاق نظام الإقامة الدائمة مقابل 4 آلاف ريال محاولة لتصحيح الأوضاع السعودية في إدارة الدولة للعلاقة مع الوافدين، فبعد عقود من نظام الكفالة الذي شُبّه أحياناً بـ”العقد المقيد”، تدخل السعودية اليوم عصر “الشراكة والانفتاح”، حيث يُقاس الانتماء بالكفاءة والإنتاج لا بالجنسيات والوصاية